وسط خلافات حادة بين الأحزاب السياسية في تونس، اجتمع مجلس شورى حركة النهضة لبلورة صورة حول الأحداث القائمة؛ في وقت يستمر فيه الرئيس قيس سعيّد باتخاذ القرارات بعد إنهاء تكليف كل من والي المنستير أكرم السبري، ووالي مدنين الحبيب شواط، ووالي زغوان صالح مطيراوي.
وأقرّت حركة النهضة، أمس الخميس، بضرورة القيام بـ"نقد ذاتي" لسياساتها التي اعتمدتها، بعد أن قرّر الرئيس التونسي قيس سعيّد تجميد أعمال البرلمان الذي يترأسه زعيمها راشد الغنوشي.
ورأت الناطقة الرسمية باسم شورى النهضة سناء المرسني، في حديث إلى "العربي"، أن الحركة قررت تشكيل خلية أزمة تحت إشراف رئيسها.
وأوضحت أنه سيتم اختيار أعضاء الخلية في اجتماعات لاحقة، ليتم متابعة ترتيبات المرحلة المقبلة.
نقد ذاتي
وكانت الحركة قد شددت، في بيان إثر انعقاد مجلس الشورى، على "ضرورة القيام بنقد ذاتي معمق لسياساتها خلال المرحلة الماضية والقيام بالمراجعات الضرورية والتجديد في برامجها، لإعادة النظر في خياراتها بما يتناسب مع الرسائل التي عبّر عنها الشارع التونسي".
وأكدت أنها "تتفهّم الغضب الشعبي المتنامي، خاصة في أوساط الشباب، بسبب الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي بعد عشر سنوات من الثورة".
كما دعت حركة النهضة التي وصفت القرارات التي أعلنها سعيّد بـ"الانقلاب على الثورة والدستور"، إلى حوار وطني والتسريع في تعيين رئيس حكومة جديد وعرض حكومته على البرلمان لنيل الثقة وتجاوز "الفراغ الحكومي المستمر منذ ما يزيد عن عشرة أيام".
في بيان ختامي جديد.. حركة النهضة التونسية تدعو إلى عودة الوضع الدستوري في البلاد#تونس pic.twitter.com/AjQOYw6oTN
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 5, 2021
الفراغ السياسي
وتشترك الحركة في تصوراتها مع العديد من مكونات المشهد السياسي في البلاد؛ حيث دعا اتحاد الشغل الرئيس للكشف عن رؤيته السياسية، مؤكدًا أن الانتخابات المبكرة مقدمة للانفراج السياسي.
إلا أن المحلل السياسي مراد اليعقوبي اعتبر، في حديث إلى "العربي"، أن اجتماع الأحزاب على حل واحد "غير ممكن عمليًا"، لأن بعض المقترحات المقدمة فيها "نوع من المواقف السياسية".
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد دعا الرئيس قيس سعيّد للتسريع بتعيين رئيس حكومة إنقاذ مصغّرة، ولتفادي "الفراغ" السياسي، بعد عشرة أيام من إعلانه اجراءات استثنائية بتعليق عمل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة.
ودعا الاتحاد، في بيان، إلى "التسريع بتعيين رئيس حكومةِ إنقاذٍ مصغّرة ومنسجمة تكون لها مهمّات محدّدة عاجلة واستثنائية وتلبّي الاستحقاقات الاجتماعية من توفير الشغل ومحاربة الفقر والتهميش".
ونبه الاتحاد، الذي جدد دعمه لقرارات سعيّد، إلى أن "أيّ تأخير في ذلك سيعمّق الفراغ ويعسّر الخروج من الأزمة الاجتماعية والاقتصادية" التي تواجهها تونس.
غياب الرؤية
في هذا السياق، يرى الصحافي التونسي محمد أمين سعيداني أن المجتمع الحزبي والنقابي والمدني في تونس، بمختلف أطيافه، لم يستوعب اللحظة السياسية التي تعيشها البلاد.
ويؤكد سعيداني، في حديث إلى "العربي" من تونس، "أننا وصلنا إلى مرحلة انسداد كبيرة دستوريًا واقتصاديًا واجتماعيًا، والأحزاب السياسية لم تلتقط اللحظة بعد ولا زالت تكابر وتبحث عن مراوغات".
ويقول: "الرئيس قيس سعيّد يجد نفسه ملزمًا أمام كل من أعطاه الثقة، على الظهور بخارطة طريق واضحة تعطي دلالات واضحة للمرحلة المقبلة".
ويضيف: "لا يمكن أن تبقى البلاد من دون حكومة، لأننا نعيش شبه فراغ في كل أركان الدولة، خصوصًا وأن الرئيس لا يمتلك رؤية واضحة لمستقبل تونس".
مزيد من الإقالات
من جهة أخرى، أنهى الرئيس التونسي قيس سعيد، أمس الخميس، مهام 3 ولاة، ليرتفع عدد من شملتهم الإقالات الرئاسية منذ تاريخ 25 يونيو/ تموز إلى 33 مسؤولًا.
وذكرت الرئاسة التونسية في بيان، أن سعيّد أصدر أوامر رئاسية تقضي بإنهاء تكليف كل من أكرم السبري بمهام وال بولاية المنستير، والحبيب شواط بمهام وال بولاية مدنين، وصالح مطيراوي بمهام وال بولاية زغوان.
ولم توضح الرئاسة التونسية في بيانها سبب هذه القرارات، لكنها تأتي استكمالًا لموجة إقالات من الرئيس سعيد لمسؤولين في البلاد.
كما تعهد الرئيس التونسي بعدم المساس بالحقوق والحريات، رافضًا الحوار "إلا مع الصادقين الثابتين".
وقال سعيّد: "لا حوار إلا مع الصادقين الثابتين الذين استبطنوا مطالب الشعب".
وأضاف: "لم يتم اعتقال أحد من أجل رأيه، ولن يتم المساس بالحقوق والحريات"، مشيرًا أنه "لا مجال للعودة إلى الوراء".
وشدد على أنه "لا مجال للمس بقوت التونسيين، وسيقع تطبيق القانون على كل من يحاول العبث بقوت المواطن أو يعمد إلى حرق الحقول والغابات".
وأوضح أن "هناك أحرار وشرفاء في كل مفاصل الدولة سيصنعون تاريخًا جديدًا لتونس".
#قيس_سعيد يقيل 30 مسؤولا خلال 10 أيام فقط، وضبابية المستقبل تقلق التونسيين #تونس pic.twitter.com/KHnfrHOunU
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 4, 2021