الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

بسبب القمع.. منظمة العفو تدعو لتعليق تصدير أسلحة إلى لبنان

بسبب القمع.. منظمة العفو تدعو لتعليق تصدير أسلحة إلى لبنان

Changed

احتجاجات طرابلس شمال لبنان
أصيب أكثر من 220 شخصًا بجروح في اشتباكات عنيفة دارت الأربعاء، لليلة الثالثة على التوالي، شمال لبنان (غيتي)
استخدمت أجهزة الأمن اللبنانية أسلحة فرنسية الصنع لقمع متظاهرين سلميين؛ ما أدّى إلى إصابة ما لا يقلّ عن ألف محتجّ بسبب استخدام القوة بشكل غير قانوني، بحسب منظمة العفو الدولية.

حثّت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، باريس على تعليق تصدير أسلحة إلى بيروت، ما لم تتعهّد الأخيرة باستخدامها بما يتماشى مع القانون الدولي. وأكدت المنظمة أنّ أجهزة الأمن اللبنانية استخدمت أسلحة فرنسية الصنع لقمع متظاهرين سلميين.

وقال مسؤول كسب التأييد للحدّ من الأسلحة، في الفرع الفرنسي لـ"منظمة العفو الدولية"، آيمريك إلوين إنّ "فرنسا لا تزال منذ سنوات تزوّد قوات الأمن اللبنانية بمعدّات إنفاذ القانون التي استخدمتها لارتكاب أو لتسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".

ويحقّق مختبر أدلّة الأزمات وهيئة التحقّق الرقمي في المنظمة من صحة مقاطع فيديو لاحتجاجات اندلعت صيف العام 2015 اعتراضًا على سوء إدارة أزمة النفايات في البلاد، وللتظاهرات غير المسبوقة التي شهدها لبنان بدءاً من 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 احتجاجًا على الانهيار الاقتصادي، وفشل الطبقة السياسية في تسيير شؤون البلاد.

وتحدّثت المنظمة عن "دور مشين" أدّته الأسلحة الفرنسية، وأفادت عن إصابة ما لا يقلّ عن ألف محتجّ بسبب استخدام القوة بشكل غير قانوني من جانب قوات الأمن اللبنانية، التي استخدمت في الكثير من الأحيان أسلحة إنفاذ القانون الفرنسية الصنع، ومن ضمنها المواد الكيماوية المهيّجة مثل الغاز المسيل للدموع، والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاطي، والقاذفات المتعلّقة بها.

لبنان
استعملت قوى الأمن اللبنانية قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة (مواقع التواصل)

وقال إلوين: "يجب على السلطات الفرنسية أن تُبلّغ قوات الأمن اللبنانية أنها لن تستطيع استئناف الصادرات إلا إذا برهنت تلك القوات على أنّ هذه المعدات تُستخدم على نحو يتماشى مع القانون والمعايير الدولية بشأن استخدام القوة، والحقّ في حرية التجمّع السلمي". ورأى أنّ برهنة ذلك تتحقق عبر إثبات إجراء مساءلة كاملة على الانتهاكات الماضية، وتقديم تعويض كافٍ لضحايا الانتهاكات.

ووثّقت المنظمة إقدام قوات الأمن العام الماضي على إطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجّين مباشرة، وهذه "ممارسة غير قانونية وخطرة للغاية"، كذلك "أطلقتها من عربة متحركة ما يجعل السيطرة على إطلاقها مستحيلاً". وتسبّب ذلك بـ"إصابات خطرة في الرأس، والجزء العلوي من الجسد في صفوف المحتجّين".

وندّدت المنظمة بعمل قوات الأمن اللبنانية "في أجواء الإفلات من العقاب". وأكّدت أنّه "لم يجرِ أيّ تحقيق فعّال في الاستخدام غير القانوني للأسلحة، ومن بينها تلك المصنوعة في فرنسا، ضدّ المحتجين السلميين، ولم يخضع أيّ فرد من قوات الأمن للمساءلة من جانب السلطات القضائية".

ليلة دامية 

وأصيب أكثر من 220 شخصًا بجروح في اشتباكات عنيفة دارت أمس الأربعاء، لليلة الثالثة على التوالي، في مدينة طرابلس بشمال لبنان، بين قوات الأمن ومتظاهرين خرجوا للاحتجاج على القيود الصحيّة والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمرّ فيها البلاد.

وقالت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية: إنّ المواجهات أسفرت عن سقوط 226 جريحًا، 66 منهم نُقلوا إلى المستشفيات بسبب خطورة إصاباتهم، والبقية أسعفتهم ميدانيًا طواقم طبية تابعة للصليب الأحمر اللبناني و"جهاز الطوارئ والإغاثة".

وطرابلس، ثاني كبرى مدن لبنان، كانت أصلًا إحدى أفقر مدن البلاد، حتّى قبل أن يتفشّى فيروس كورونا المستجدّ، وتضطر السلطات لفرض تدابير إغلاق عام في محاولة لوقف تفشّي الجائحة، في إجراءات أدّت إلى تدهور الظروف المعيشية في البلاد.

بطالة

ووجد قسم كبير من سكّان المدينة، ولا سيّما العمال الذين يعملون بالأجرة اليومية، أنفسهم من دون أي مدخول منذ دخلت إجراءات الإغلاق العام حيّز التنفيذ.

وبالإضافة إلى الوضع الصحّي شبه الكارثي، غرق لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية منذ نهاية الحرب الأهلية؛ إذ انخفضت قيمة عملته إلى مستوى غير مسبوق، وتضاعفت معدّلات التضخّم في البلاد، واضطرت شركات عدّة إلى القيام بعمليات تسريح جماعية لموظفيها.

وبات نصف سكان لبنان الآن يعيشون تحت خط الفقر، في حين أن الطبقة الحاكمة متّهمة بعدم الاكتراث بمشاكلهم.

وبعدما كانت حركة الاحتجاج ضدّ تدابير الإغلاق العام تقتصر على مدينة طرابلس لوحدها، امتدّت شرارة الاحتجاجات يومي الثلاثاء والأربعاء إلى مدن أخرى، حيث قطع متظاهرون بعض الطرق.

وفي العاصمة بيروت، أضرم متظاهرون النار في إطارات سيارات أمام جدار يفصل ساحة رياض الصلح في وسط المدينة عن مقرّ البرلمان، فيما أغلق آخرون طريق المدينة الرياضية بحاويات القمامة والإطارات المشتعلة، بحسب ما ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام".

وعلى الرغم من تشدّد السلطات في تطبيق الإغلاق العام الذي يستمر حتى الثامن من فبراير/ شباط، وتسطّر قوات الأمن يوميًا الآف محاضر الضبط بحق مخالفي الإجراءات، ويستمر كثيرون -في طرابلس وغيرها- في الخروج لممارسة أعمالهم، ولا سيّما في الأحياء الفقيرة والمناطق الشعبية، حيث يعيش أكثر من نصف السكان منذ سنوات عند أو تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة. ويرجّح أن تكون النسبة ارتفعت على وقع الانهيار الاقتصادي.

وسجّلت في لبنان، البالغ عدد سكّانه ستة ملايين نسمة، معدّلات إصابة ووفيات قياسية منذ مطلع العام، بلغت معها غالبية مستشفيات البلاد طاقتها الاستيعابية القصوى. وارتفع عدد الإصابات منذ بدء تفشي الفيروس إلى أكثر من 289 ألفًا و660، بينها 2553 وفاة.

وشهد لبنان حركة احتجاج غير مسبوقة في خريف 2019 ضدّ الطبقة الحاكمة المتّهمة بالفساد وانعدام الكفاءة وعدم الاكتراث. وخفّت حدّة الحركة الاحتجاجية تدريجيًا قبل أن تتلاشى تمامًا مع تفشّي كوفيد-19، وتدابير الإغلاق العام المتتالية التي فرضتها السلطات.

ولا يزال لبنان من دون حكومة منذ أغسطس/ آب 2020، بسبب عدم توصل الأحزاب الحاكمة إلى اتفاق، على الرّغم من تعرّضها لضغوط محليّة وإقليمية ودولية قوية.

المصادر:
أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close