الجمعة 26 أبريل / أبريل 2024

الأزمة الدبلوماسية تتعقد.. وزير خارجية لبنان يستغرب "قساوة" السعودية

الأزمة الدبلوماسية تتعقد.. وزير خارجية لبنان يستغرب "قساوة" السعودية

Changed

يعاني لبنان من أزمات سياسية واقتصادية عديدة (غيتي)
يعاني لبنان من أزمات سياسية واقتصادية عديدة (غيتي)
في مقابل التشرذم اللبناني، يبدو الموقف السعودي واضحًا: لا تسوية ممكنة مع لبنان في ظلّ استمرار سيطرة حزب الله على مفاصل وسياسات الدولة.

تتّجه الحالة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج نحو مزيد من التأزم، على وقع الخلاف الذي نشب بعد تصريحات لوزير الإعلام جورج قرداحي أدلى بها قبل تسلّمه منصبه الوزاري، واعتبر فيها أنّ حرب اليمن "عبثية"، وأنّ الحوثيين "يدافعون عن النفس".

ولا يزال قرداحي، الذي أشعل فتيل التوتر من خلال تصريحاته المتعلقة بحرب اليمن، يرفض الاستقالة، أقلّه حتى اللحظة، متذرّعًا بأنّ التصريحات صدرت عنه قبل توليه منصبه رسميًا، علمًا أنّ وسائل إعلام محلية نقلت عنه أمس أنّ استقالته "غير واردة".

وفي ظلّ الخطر الحقيقي الذي يواجه لبنان من جراء القطيعة مع السعودية، بات من الواضح أنّ قرداحي القادم من خارج البيئة السياسية تحوّل إلى واجهة لسجال بين معسكرين داخل لبنان وخارجه، وأنّ استقالة وزير الإعلام من عدمها ليست أكثر من رأس جليد في هذا الصراع.

السعودية: لا تسوية مع لبنان

وتحوّلت تصريحات قرداحي سريعًا إلى مادة للخلاف والانقسام بين اللبنانيين. وفي مقابل التشرذم اللبناني، يبدو الموقف السعودي واضحًا: لا تسوية ممكنة مع لبنان في ظلّ استمرار سيطرة حزب الله على مفاصل وسياسات الدولة.

وقد لا يتوقف التصعيد عند حدود القطيعة الدبلوماسية التي أعلنتها عدّة دول خليجية، فالسعودية تمتلك عددًا من أوراق القوة في مواجهة لبنان المنهار اقتصاديًا والمتشرذم سياسيًا، وقد اتخذت فعليًا خطوة تمثّلت بوقف التبادل التجاري مع لبنان.

وستؤدي هذه الخطوة، إن استمرّت، إلى خسارة لبنان ملايين الدولارات في وقت يعيش فيه أزمة اقتصادية أدرجته ضمن أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية في العالم وفقًا للبنك الدولي.

ولعلّ الخوف الأكبر لدى اللبنانيين هو أن يتوسّع الخطر الاقتصادي ليطال دولًا خليجية أخرى، لا سيما أنّ غالبية الصادرات اللبنانية تذهب إلى دول الخليج، وتوقفها سيشكّل انتكاسة قوية للاقتصاد في البلاد.

"قساوة سعودية لا نتفهّمها"

في جديد المواقف، أعرب وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، مساء الأحد، عن استغرابه لما اعتبرها "قساوة سعودية" تجاه بلاده، وحث جامعة الدول العربية على الدعوة إلى حوار لمعالجة أزمة متصاعدة بين بيروت والرياض.

وقال بو حبيب في حديث إلى قناة "الجديد" المحلية: إن لبنان يحاول الاتصال بدول كبيرة ومؤثرة للمساعدة في الحوار مع السعودية. وأضاف: "هناك قساوة سعودية لا نتفهمها، فالمشاكل بين أي دولتين يتم حلها عبر الحوار، وهذا ما لم يحصل بعد".

وأردف: "لن نقبل أن تُحل الأزمة على حساب السعودية أو على حساب لبنان، ولتتحرك جامعة الدول العربية وتدعو إلى الحوار".

وردا على سؤال، نفى بو حبيب ما يتردد عن سيطرة "حزب الله" على لبنان، بقوله: "حزب الله مكون أساسي في بلادنا، لكنه ليس كل البلد ولا يهيمن عليه".

والسبت، قال وزير الخارجية السعودية، فيصل بن فرحان: إن "التعامل مع بيروت غير ذي جدوى في ظل هيمنة حزب الله على النظام السياسي اللبناني.. ليست هناك أزمة مع لبنان، بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة وكلاء إيران".

وأكدت الحكومة اللبنانية، أكثر من مرة، أن تصريحات قرداحي لا تعكس موقفها الرسمي، وأنها حريصة على الحفاظ على أطيب العلاقات مع كل دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما السعودية. فيما دعا سياسيون لبنانيون، بينهم نواب برلمان، قرداحي إلى الاستقالة.

وتاريخيًا، كانت تسود علاقات مميزة بين الرياض وبيروت، إلا أنها توترت عام 2017، إذ اتهمت السعودية "حزب الله" بأنه يسيطر على القرار السياسي والأمني في لبنان، وهو ما ينفي الحزب صحته عادة.

وفي مايو/ أيار الماضي، طلب وزير الخارجية اللبناني آنذاك، شربل وهبة، إعفاءه من مهامه، إثر تصريحات اعتبرها البعض مسيئة للسعودية وبقية دول الخليج.

لبنان دولة "شبه منزوعة السيادة"

ويعتبر الباحث السياسي زياد عبد الصمد أنّ الموضوع أبعد من تصريح وزير الإعلام اللبناني، لافتًا إلى مسار سياسي أدّى إلى زجّ لبنان في الصراعات الإقليمية.

ويشير عبد الصمد، في حديث إلى "العربي"، من بيروت، إلى أنّ هذا المسار السياسي كان هناك محاولة مواجهة له تدعو إلى اعتماد سياسة الحياد في إطار العلاقات الخارجية اللبنانية.

ويرى أنّ لبنان الآن دولة شبه منزوعة السيادة تقع عمليًا تحت هيمنة شبه مطلقة لحزب الله وامتداداته الإقليمية.

ويعتبر أنّ هذا المسار أدّى إلى زجّ لبنان في الصراع في سوريا ومن ثمّ لدعم الميليشيات الحوثية في اليمن ما أدى إلى توتر العلاقات اللبنانية العربية بشكل عام واللبنانية الخليجية بشكل خاص.

مبادرة سياسية مطلوبة

وإذ يؤكد عبد الصمد أنّ الأزمة ليست ناتجة فقط عن تصريح وزير الإعلام، يعرب عن اعتقاده بأنّ ما ينزع فتيلها هو اعتماد لبنان عمليًا سياسة الحياد في الصراعات في المنطقة وإعادة تطبيع العلاقات مع المحيط العربي.

ويشدّد على أنّ لبنان لا يستطيع أن يعيش في عزلة عن محيطه العربي، متحدّثًا عن مجموعة من التدابير يفترض أن تتخذ في الأيام المقبلة.

ويرى أنّ الحكومة الأخيرة التي تشكّلت هي حكومة حزب الله وهي أصلاً حكومة معطّلة عن العمل.

من هنا، يدعو إلى إطلاق مبادرة سياسية جديدة تنطلق من تشكيل حكومة مستقلة بالكامل عن كل المحاور الداخلية والخارجية وتعمل على تنظيم الانتخابات النيابية في موعدها.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close