غيابها يعرّض الموظف لخطر الاكتئاب.. إليكم خصائص بيئة العمل الإيجابية

تمنح خصائص بيئة العمل الإيجابية التي تتمتع بها المؤسسة فرصًا أكبر لأهدافها بأن تتحقق، ليس فقط تلك المتعلقة بمستوى الإنتاجية، بل أيضًا ما يرتبط بسعادة الموظفين ونموهم الوظيفي. 

وإن كان انعكاس البيئة السليمة على نوعية العمل وكمياته يثبت أهمية مناخات العمل السليمة، فإن الدراسات التي تناولت البيئات السامة تبيّن في المقابل مروحة المخاطر التي تعود بها على الموظف والمؤسسة في آن واحد.

إحدى تلك الدراسات نشرتها جامعة جنوب أستراليا، وكان مفادها بأن الموظفين الذين يعملون بدوام كامل في بيئة عمل سيئة يعانون من خطر متزايد بمقدار 300% للإصابة بالاكتئاب.

وذكرت الدكتورة إيمي زادو، المشرفة على الدراسة، أن سوء الصحة العقلية في مكان العمل يرتبط إجمالًا بممارسات الإدارة السيئة والأولويات والقيم، والتي تنعكس على شكل متطلبات العمل المرتفعة والموارد المنخفضة.

خصائص بيئة العمل الإيجابية

في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، باتت تقييمات الموظفين ولا سيما السابقين لتجاربهم في المؤسسات التي عملوا فيها ضمن ظروف سيئة أحد التحديات التي تسيء إلى سمعتها، بينما يجذب تقدير أخرى لموظفيها المواهب المميزة ويحفزها للانضمام إلى فريق العمل.

فما هي خصائص بيئة العمل الإيجابية التي تحافظ على موظّفي المؤسسة وتساعد في نموهم، وتحولها في الآن عينه إلى وجهة يحلم الكثيرون بأن يكونوا جزءًا منها؟

من أبرز خصائص بيئة العمل الإيجابية أنها تجذب المواهب وتسهم في نمو الموظف - غيتي

في هذا السياق، يُعدد موقع Opengrowth المتخصص بالقيادة وريادة الأعمال 7 من خصائص بيئة العمل الإيجابية، شارحًا أهمية كل واحدة منها:

• المناخ البنّاء

في بيئة عمل سليمة لا تُشكل الأخطاء محطة لتوجيه اللوم للموظف أو السخرية منه، بل لتقديم التوجيهات اللازمة له وتحسين أدائه.

وعليه، فهو يحظى في تلك البيئة بالفرصة لإعادة تنفيذ المطلوب منه والتعلم من أخطائه بما يسهم تباعًا في تطوير مسيرته المهنية.

إلى ذلك، تُعد من منطلقات هذه البيئة واقع أن كل موظف في المؤسسة هو جزء منها ويحظى بالاحترام. 

وفي هذا الصدد، كانت المدربة والاختصاصية بالطاقة البشرية زينة درويش أشارت إلى أهمية الاحترام بين الموظف والإدارة، والذي يُعد من القيم المشتركة في كل الأعمال. 

وذكّرت بأثر الاحترام في إعلاء القيمة الذاتية لدى الموظف متى شعر بأنه موضع احترام وتقبل، وبأن أداءه الوظيفي يؤخذ بعين الاعتبار.

• لا أحكام على حياة الموظف الشخصية

تخلو بيئة العمل الإيجابية من الأحكام التي تخرجها عن المهنية والاحترافية، وتتعلق بحياة الموظف الشخصية، بما في ذلك الاستهزاء بشخصه نتيجة مظهره أو مشكلاته الشخصية.

ويشير الموقع إلى قيام عدد متزايد من المؤسسات بالسماح لموظفيها بارتداء ملابس غير رسمية والعمل خلال إطار زمني يشعرون فيه بالراحة، مع تركيزها فقط على العمل وجودته ووقت الانتهاء منه بدلاً من التفاصيل غير الضرورية.

• وجود آليات للتواصل الصريح 

إن كان الأطفال يختارون الكذب على أحد والديهم لتجنب المشاكل أو المواقف العصيبة، وهو ما لا يحدث فجأة بل نتيجة خطأ أول كانت نتيجته التوبيخ بدل توجيههم بالشكل الصحيح، فإن الأمر قد ينطبق على الموظف تلافيًا للسيناريو نفسه.

وتقود هذه المسألة إلى موضوع الاحترافية، وما توجبه من احترام لقرارات المرء وأسبابه، وتفهم ما يدلي به أمام أي موقف وعدم الحكم عليه أو عدم تقبل ما يقوله.  

• الترغيب وليس الترهيب

لا ينتج عن اعتماد الترهيب لحث الموظف على مواكبة أهداف المؤسسة بناء رابط مع الإدارة، بل علاقة قائمة على الخوف.

ومع تحوّل الأمور التي تثير التوتر والخوف داخل الموظف إلى ضغوط تؤرقه، لا يمكن أن يصمد طويلًا.

وفي هذا الشأن، كان الاختصاصي في برامج الرفاهية والعناية الصحية للشركات رامي فياض أكد في إطلالة عبر "العربي" على أثر الخوف بوصفه عدوًا للإنسان.

وقال إن الخوف في العمل من خسارته أو من إغضاب المدير أو من  المطالبة بالحقوق تحدّ من قدرات الموظف وتجعله أقل إنتاجية وإبداع.

على المقلب الآخر، يتم في بيئة العمل الإيجابية الثناء على الموظف على ما ينجزه، ويُمنح عند ارتكاب خطأ حلولًا بناءة وتوجيهًا نحو الطريقة الصحيحة للقيام بالأشياء.

لا يمكن للموظف أن يصمد طويلاً في ظل بيئة عمل سلبية - غيتي

• التدريب والتطوير

يندرج ضمن خصائص بيئة العمل الإيجابية ما توفره المؤسسة من مساحة ووقت لموظفيها لتطوير أنفسهم بمرور الوقت، عبر اكتساب الخبرات والمهارات ونيل الشهادات والتدرب على أحدث التقنيات.

فهذه المؤسسات التي تسمح لموظفيها بالنمو بدلاً من استبدالهم، ينشأ فيها رابط من الثقة والاحترام المتبادلين مع الموظف، ما يزيد من إنتاجيتهم.

• روح فريق عالية

تغرس المؤسسة التي تحرص على بيئة عمل إيجابية بين موظفيها روح التعاون وأهمية التعلم بدلًا من المزاحمة وهاجس المنافسة غير الصحية.

ويورد الموقع أن هدفًا من هذا النوع يمكن تحقيقه من خلال العديد من أنشطة بناء الفريق، التي تسمح للأفراد بالتواصل فيما بينهم من دون أي حواجز، ومساعدة بعضهم البعض بإرادة حرة. 

وبذلك يخلق الفريق الداعم ملاذًا لكل عضو فيه، حيث يشعر الموظفون أن لديهم شخص يعتمدون عليه بدلاً من الشعور بإحساس مستمر بالمنافسة.

وكان فياض دعا في إطلالته الأرشيفية عبر "العربي" إلى التعاطي بين الزملاء بإيجابية والتعاون والمساعدة، ولا سيما من جانب أولئك الذين يمتلكون خبرات معينة، وتجنب التجمعات أو "العصابات" ضمن الشركات وكذلك النميمة لما لذلك من مخاطر على البيئة.

• تقاضي البدل المادي المناسب

لا يعني توفير بيئة عمل إيجابية أن على الموظف المساومة بشأن الأجر الذي يتلقاه وما يستحقه.

فالراتب الذي يفترض أن يشكل تعويضًا جيدًا عن وقته وخبراته، يشكل جنبًا إلى جنب مع البيئة الإيجابية التي تساعد في النمو عامل جذب للمواهب.