السبت 12 أكتوبر / October 2024

فنلندا والسويد على أعتاب "الناتو".. هل كسرت حرب أوكرانيا عقود الحياد؟

فنلندا والسويد على أعتاب "الناتو".. هل كسرت حرب أوكرانيا عقود الحياد؟

شارك القصة

تناقش حلقة "للخبر بقية" الأسباب الرئيسية لاقتراب فنلندا والسويد من الانضمام إلى "الناتو" (الصورة: الأناضول)
تقترب السويد وفنلندا أكثر من أي وقت مضى من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لتغادرا مربع الحياد الذي لطالما تميزتا به.

مع اقتراب انتهاء الشهر الثالث من حرب روسيا على أوكرانيا، تغيرت المواقف في الدول الإسكندنافية، بحيث تقترب السويد وفنلندا أكثر من أي وقت مضى من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لتغادرا مربع الحياد الذي لطالما تميزتا به.

إلا أن هذا التبدل تراه موسكو على أنه تهديد "مؤكد" لها، بينما ترى السويد أن انضمامهما لـ"الناتو" لن يجابه برد عسكري تقليدي من موسكو إنما سيقلل من خطر نشوب نزاع شمال أوروبا.

وتؤيد الدول الغربية هذا التوجه الجديد لهلسنكي وستوكهولم باستثناء أنقرة والتي هي بدورها عضو في "الناتو"، بحيث يبدو أن موقفها غريب عن بقية أعضاء الحلف حتى الآن.

فقد صرّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، أن بلاده "تتابع حاليًا التطورات المتعلقة بالسويد وفنلندا، إلا أن رأينا ليس إيجابيًا".

وأردف أردوغان أن الدول الإسكندنافية هي بمثابة "دار ضيافة للمنظمات الإرهابية.. ولا نريد تكرار الخطأ نفسه عندما انضمت اليونان".

أما روسيا، فقد اتهم وزير خارجيتها الاتحاد الأوروبي بالتحول من منصّة اقتصادية بنّاءة إلى "طرف عدواني متشدد وذي نزعة حربية يكشف بالفعل طموحاته خارج القارة".

وعليه، يطرح التغيّر في المزاج العام للدول مثل السويد وفنلندا المحايدتين لعقود من الزمن، السؤال حول جدية ارتفاع منسوب الخطر على أوروبا والدول الإسكندنافية بظل التطورات العسكرية الراهنة في أوكرانيا على يد الروس، على وقع ترقب عالمي لرد الفعل الروسي المتوقع.

خلط الأوراق الدفاعية في المنطقة

في هذا السياق، يعتبر الباحث السياسي أندريه أوليتسكي أن الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا قد دفعت حتمًا السويد وفنلندا إلى تسريع انضمامهما إلى حلف "الناتو"، مذكّرًا أن حلف شمال الأطلسي قد سبق ومرّ بـ3 موجات للتوسيع قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، و 5 موجات بعد انهيار الاتحاد.

ويؤكد الباحث السياسي في حديث إلى "العربي" من موسكو، انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي بحلول صيف هذا العام، "مهما كانت الاعتراضات لبعض قادة الحلف"، ومنهم الرئيسان التركي والكرواتي، موضحًا أنّ هذه العملية "مقررة" وستحصل حتمًا.

وعن سبب التحول في سياسات الدولتين المحايدتين، يقول أوليتسكي إنه أتى كرد فعل على ازدياد التوترات العسكرية والسياسية في هذه الرقعة الجغرافية، لتعيد الحرب في أوكرانيا خلط الأوراق الدفاعية في البلدان المجاورة والغربية.

تبدل في "الرأي العام المحايد"

من جهته، يعرب الصحافي والكاتب السياسي عامر راشد عن اعتقاده بأنه قبل يوم 24 فبراير/ شباط لم يكن ليتوقع أحد أن الرأي العام في فنلندا أو السويد سيتجه نحو القبول بالانضمام إلى "الناتو".

ويلفت إلى أنّ المعروف تاريخيًا أنه في هاتين الدولتين لم يكن الحياد موقفًا رسميًا وحسب بل أيضًا تعبيرًا عن الرأي العام فيهما وبالتالي ليس من الصحيح على حد تعبيره، اعتبار أن تكون العملية العسكرية في أوكرانيا بحد ذاتها العامل الوحيد خلف تسريع عملية الانضمام.

ويلفت راشد في حديث إلى "العربي"، من غوتنبرغ، إلى حصول "تغير دراماتيكي في الرأي العام"، مشيرًا إلى أنه قبل الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا كان هناك تخوف كبير من قبل السويد خلال السنوات حيث تعرض مجالها الجوي لمجموعة خروقات من الطائرات الحربية الروسية وكذلك تعرضت مياهها الإقليمية لمجموعة خروقات من غواصات روسية.

ويضيف: "لقد كان دائمًا هناك حذر من قبل الحكومة السويدية إزاء السياسات التي تنتهجها روسيا.. لكن رغم كل ذلك كان ثمة اعتقاد داخلي بأن السياسات الروسية ستظل إلى حد ما قابلة للتنبؤ إلى حين جاء التدخل الروسي في أوكرانيا ليبدّل هذا الأمر".

رسالة أميركية "واضحة"

أما الباحث السياسي صلاح القادري فيلحظ في حديث إلى "العربي" من باريس، أن هذا الميل الجديد للدول الإسكندنافية هو نتيجة مباشرة للحرب الأوكرانية، "ولكن على ضوء السياسات الأميركية التي كانت واضحة من خلال عدم تدخلها المباشر للدفاع عن أوكرانيا".

ويعتبر القادري أن الولايات المتحدة الأميركية وجهت رسالة واضحة لجميع الدول مفادها بأن "روسيا تمثل تهديدًا لأمنكم القومي.. وإذا كنتم تطمحون لدفاع الناتو والولايات المتحدة الأميركية عنكم فعليكم أولًا الانتماء إلى منظمة الدفاع عن حلف شمال الأطلسي".

ويردف الباحث السياسي أن روسيا نجحت من الناحية الجيوسياسية بالسيطرة عسكريًا على جزء من أوكرانيا، لكن بالمنطق الجيوإستراتيجي بعيد المدى "انتصرت أميركا اليوم في الحرب من خلال الاستفادة بتوسيع مجالها الإستراتيجي بضم كل الدول التي كانت تلتزم بموقف الحياد".

رغم ذلك، ينبّه القادري إلى أن ما آلت إليه الأمور ليس فقط بسبب السياسات الأميركية إنما دفعه أيضًا "التعامل العسكري الوحشي من قبل روسيا من خلال سياسة الأرض المحروقة في المواقع المدنية وتدمير 90% من البنى التحتية الأوكرانية".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close