السبت 18 مايو / مايو 2024

قضية لوكربي إلى الواجهة بعد 34 عامًا.. ما خلفيات المحاكمة الأميركية الجديدة؟

قضية لوكربي إلى الواجهة بعد 34 عامًا.. ما خلفيات المحاكمة الأميركية الجديدة؟

Changed

ناقش "للخبر بقية" أسباب عودة قضية تفجير طائرة "لوكربي" إلى الواجهة، وحدود الرد الليبي على ذلك (الصورة: غيتي)

لماذا عادت قضية تفجير طائرة لوكربي إلى الواجهة بعد نحو 34 عامًا، وما هي حدود الرد الليبي على ذلك في ظل توصل نظام القذافي إلى تسوية مع أميركا؟

بدون مقدمات تنفض الولايات المتحدة الغبار عن ملف قضية لوكربي السميكة، وتصعق الجميع بعرض أحد المشتبه بهم أمام القضاء الأميركي أبو عجيلة مسعود، الذي يعاني مرضًا مزمنًا جعله أسير الفراش.

وأُجبر أقرباؤه على زيارة عبد الحميد الدبيبة حتى يرأف بحاله، لتنتهي كل هذه المحاولات بالفشل. فيُعتقل من بيته في طرابلس في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من قبل عناصر القوى المشتركة التابعة للحكومة المنتهية الولاية.

عودة فصول المحاكمة

تنفجر الاتهامات في وجه حكومة الدبيبة بتسليم مواطن ليبي إلى جهة أجنبية خارج الأطر القانونية، كما يقول معارضو حكومة الدبيبة. بينما تطالب جهات نيابية بفتح تحقيق رسمي في واقعة التسليم.

ووفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، فقد جرى توجيه الاتهام لمسعود في دعوى جنائية بتدمير طائرة مما أدى إلى سقوط قتلى وتدمير مركبة تُستعمل في التجارة بين الولايات المتحدة باستخدام متفجرات.

وأشار مكتب التحقيقات إلى أن مسعود اعترف أيضًا بالاشتراك في مؤامرة أخرى مماثلة، وإن التفجير كان بأمر من قيادة المخابرات الليبية؛ في وقت تمّت محاكمة متّهم واحد هو ضابط المخابرات الليبي عبدالباسط المقرحي في التفجير الذي أودى بحياة أكثر من 190 أميركيًا.

ويتمّ ذلك بعد اعتراف السلطات في عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بمسؤوليتها عما حدث، لتعود فصول المحاكمة من جديد، وباتهامات جديدة وسط ضجة كبيرة حول صمت الحكومة بقيادة الدبيبة، مثيرة بذلك تساؤلات بشأن الإجراءات التي تمّت فيها عملية تسليم مسعود.

قضية لوكربي أصبحت مادة فعّالة في تأليب الرأي العام ضدّ هذا الفريق أو ذاك في ليبيا - غيتي
قضية لوكربي أصبحت مادة فعّالة في تأليب الرأي العام ضدّ هذا الفريق أو ذاك في ليبيا - غيتي

ولا تتوقّف المطالبات الليبية بتوضيح الصورة أكثر حول سير قضية الاعتقال، والنقل، والتسليم للولايات المتحدة، ليظهر مسعود مجددًا متهمًا، في وقت تعاني فيه البلاد من حالة انسداد سياسي وتدهور اقتصادي وأمني غير مسبوقة، ومحفوفة بلهيب الحرب الأهلية المتربّصة والمختطفة بالتنازع الدولي على مصالحها.

وأصبحت القضية مادة فعّالة في تأليب الرأي العام ضدّ هذا الفريق أو ذاك، في وقت يواصل المواطن الليبي رحلة التيه فقرًا وجوعًا وفقدانًا للأمن.

"صفقة بين المافيات"

وتعليقًا على هذه القضية، يعتبر أحمد حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن مسعود تعرّض لاحتجاز تعسّفي خارج عن إطار القانون من قبل القوة الأمنية المشتركة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة.

ويشير حمزة في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى الغموض الذي اكتنف عملية الاحتجاز، وسرية التسليم خارج إطار ما يتوافق مع التشريعات والقوانين الوطنية والأعراف والمواثيق الدولية.

ويرى أن هذا التسليم يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي ينصّ على أن تكون عملية التسليم للمطلوبين والمتهمين على ذمة القضايا بين الدول بما يتوافق مع التشريعات الوطنية واتفاقيات التعاون القضائي.

ويؤكد أن القضية أُقفلت بموجب اتفاق تسوية بين النظام السابق الليبي والولايات المتحدة عام 2008، حيث أصدر الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن مرسومًا يقضي بالاغلاق الكامل للقضية، والتسوية السياسية والمالية لها، ناهيك عن التعويض لأهالي الضحايا.

ووصف ما حصل بأنه أشبه بـ"صفقة بين المافيات"، وهو ما يضع عددًا من الشكوك والهواجس أمام المحاكمات العادلة ونزاهة الاتهامات والاعترافات التي أدلى بها المتهم.

توجيه الاتهام لمسعود في دعوى جنائية بتدمير طائرة لوكربي - غيتي
توجيه الاتهام لمسعود في دعوى جنائية بتدمير طائرة لوكربي - غيتي

"غباء" في تسوية عام 2008

من جهته، يشير أسعد الشرتاع، الباحث السياسي الليبي، إلى الغموض الذي يكتنف إجراءات عملية تسليم مسعود إلى الولايات المتحدة، لكنّه في الوقت نفسه يوضح أن القضية سبق وأُقفلت لناحية مسؤولية الدولة، لكن يبقى الشقّ القانوني الذي يتعلّق بالمسؤولية الجنائية للفرد.

ويقول الشرتاع في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إنّ هناك "غباء في التسوية" التي أُقيمت عام 2008، لناحية أن الاحتكام إلى قضاء دولة ثالثة لم يعد ممكنًا لأن هناك متهم جديد وعلى السلطات الليبية التعاون في هذا الإطار، خاصة أن التسوية جرت بالشقّ المدني، لكنها لا تنطبق على الشقّ الجنائي، إلا في حال وجود عفو من قبل أهل الضحايا أنفسهم.

ويضيف أنه كان على الجهات الأمنية الليبية المختصّة التحقيق مع مسعود. 

"مسعود سيحظى بمحاكمة عادلة"

بدوره، يشرح لورانس كورب، مساعد وزير الدفاع الأسبق وباحث في مركز التقدّم الأميركي، أن الحكومة الليبية السابقة اعترفت أنها الجهة التي كانت تقف خلف الحادثة، ودفعت تعويضات للأهالي، لكن الجانب الجنائي لا يزال فاعلًا.

ويقول كورب، في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، إن مسعود سيحظى بمحاكمة عادلة في الولايات المتحدة، من منطلق مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وسيتمّ تعيين محامين جيدين له.

وإذ يشير إلى أن مسعود أقرّ بتصنيع القنبلة التي أدت إلى مقتل أكثر من 200 ضحية، وبالتالي عليه أن يتحمّل جزءًا من المسؤولية عن ذلك.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close