Skip to main content

قيس سعيّد ماضٍ في إجراءاته الانفرادية.. هل يُعلَن الإضراب المفتوح؟

الجمعة 11 فبراير 2022

أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد مرّة أخرى أنّه سيتمّ إصدار مرسوم لحلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بمجلس آخر.

جاء ذلك في وقت يخوض فيه القضاة سلسلة من التحركات الاحتجاجات رفضًا لإجراءات الرئيس قيس سعيّد.

من جهته، قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر لـ"العربي": إنّ المجلس بتركيبته الحالية هو المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية.

وأكد أنّ الجسم البديل الذي يريد الرئيس قيس سعيّد وضعه "مخالف للدستور".

دائرة خصوم الرئيس تتّسع

وبحسب ما تنقل مراسلة "العربي" عن متابعين، يبدو الرئيس سعيّد ماضيًا قدمًا في اتخاذ مزيد من الإجراءات الانفرادية، متجاهلًا كل الدعوات الداخلية والخارجية للنأي بالمؤسسة القضائية عن التجاذبات السياسية والعودة إلى المسار الدستوري.

ويشير هؤلاء إلى أنّ هذا الأمر قد يوسّع من دائرة خصوم الرئيس التي ما فتئت تتّسع منذ بدء إجراءاته الاستثنائية قبل أكثر من نصف عام.

وتلفت مراسلة "العربي" إلى أنّ قرار الرئيس حلّ المجلس الأعلى للقضاء يلقي بظلاله على المشهد القضائي برمّته، ويفتح المجال أمام سيناريوهات متعدّدة، قد تصل إلى إعلان الإضراب المفتوح داخل المحاكم، في ظلّ تمسّك سعيّد بفرض تعديلاته بقوة الأمر الواقع.

حلّ المجلس الأعلى للقضاء "مطلب شعبي"

ويرى الباحث السياسي بلحسن اليحياوي أنّ الرئيس قيس سعيّد منذ 25 يوليو/ تموز الماضي، حضّ القضاء التونسي والمجلس الأعلى للقضاء خصوصًا، في أكثر من مناسبة، على الاضطلاع بدوره في تحقيق العدالة.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ "هذا المجلس لم يحرّك ساكنًا وإنما اختار اصطفافًا سياسيًا مع منظومة 24 يوليو، وهو اليوم يواصل هذا الاصطفاف".

ويشدّد على أنّ الرئيس "لم يتدخّل" في القضاء منذ إصدار الأمر 117، "والدليل على ذلك أنّه لم يحاكم أولئك الذين أجرموا في حق الشعب التونسي، وأولئك الذين منعوا التونسيين من النفاذ إلى العدالة وغير ذلك".

ويعتبر أنّ المسألة الإشكالية تبقى أنّ "هذا المجلس تشوبه الكثير من الهنات ويشوبه الكثير من الفساد وتركيبته فيها الكثير من اللا منطق، حيث إنّ بعض أعضائه محامون يذهبون إلى الترافع أمام قضاة هم يتحكّمون في مصيرهم المهني".

ويشير إلى أنّ مطلب حلّ المجلس الأعلى للقضاء "انطلق من الشارع التونسي بعد أن انتظر التونسيون كثيرًا البتّ في العديد من القضايا التي تهمّ الرأي العام التونسي، مثل قضايا الاغتيالات والفساد والإرهاب وغيرها، لكن لم نرَ أيّ شيء من كلّ هذا".

"المكسب الأكبر للقضاء منذ عقود"

في المقابل، يعتبر عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة الديمقراطية جوهر بن مبارك أنّ ما حصل هو "عملية بناء للاستبداد وتمهيد لمحاكمات تصفية الخصوم السياسيين".

ويشير في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ صمام الأمان أمام استقلال القضاء واستقلال الدور الحكمي للمحاكم وعملها بشكل منفصل على المهاترات والصراعات السياسية، هو وجود المجلس الأعلى للقضاء.

ويشدّد على أنّ "المكسب الأكبر للقضاء منذ عقود" في تونس هو نشأة هذا المجلس المستقلّ، لأنه مُنتخَب من القضاة، مشيرًا إلى أنّ الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء هم قضاة.

ويلفت إلى وجود بعض الأساتذة المتخصّصين والمحامين الذين طعّموا تركيبة هذا المجلس، "وهذا توجّه دولي في تركيبات المجالس العليا للقضاء في مختلف الدول، أنّها لا تكون حكرًا على القضاة، إنما تضمّ بعض الأجساد الأخرى".

ويعتبر أنّ "الضمانة" هي أنّ هذا المجلس هو الذي يدير المسارات المهنية للقضاة، فهو الذي يتولى تعيين القضاة، ونقل القضاة، ويتولى جزءًا من تأديب القضاة، في حين أنّ السلطة التنفيذية كانت تتحكّم في السلطة القضائية وتطوّعها في السابق.

ويشير إلى أنّ هذا التطويع كان يتمّ بطرق مختلفة، عبر الإدارة المباشرة للمسارات المهنية ووضع القضاة تحت طائلة تهديداتها بالنقل التعسفي وعدم الترقية وحجب المناصب الوظيفية عن القضاة الذين لا يتناغمون مع السلطة.

ويخلص إلى أنّ حلّ المجلس الأعلى للقضاء هو ضرب لهذه الضمانة الأساسية الدستورية في أنّ السلطة التنفيذية لا تضع يدها على القضاء.

المصادر:
العربي
شارك القصة