الثلاثاء 14 مايو / مايو 2024

ليلة "إيفين" في طهران.. اضطرابات في أكبر سجن للمعارضين الإيرانيين

ليلة "إيفين" في طهران.. اضطرابات في أكبر سجن للمعارضين الإيرانيين

Changed

نافذة إخبارية سابقة تسلط الضوء على الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران والعقوبات المفروضة على طهران (الصورة: مواقع التواصل)
نبهت وزارة الخارجية الأميركية إلى أن إيران تتحمل مسؤولية سلامة المواطنين الأميركيين المحتجزين في سجن إيفين.

اندلعت اضطرابات وحرائق، ليلة أمس السبت، في سجن إيفين في طهران، فيما تحدثت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن إصابة ثمانية أشخاص داخله.

وتأتي تلك التطورات في أعقاب احتجاجات متواصلة تشهدها أغلب المدن الإيرانية، منذ قرابة شهر على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني داخل مقر احتجازها لدى "شرطة الأخلاق"، فيما تقابل السلطات تلك الاحتجاجات بقمع شديد.

"نار السجن"

ويشتهر سجن إيفين الواقع في شمال طهران بإساءة معاملة السجناء السياسيين، كما يُحتجز فيه مزدوجو الجنسية كذلك، وأفادت تقارير بأن المئات ممن اعتقلوا خلال التظاهرات الأخيرة أودعوا فيه.

ونقلت وكالة رويترز عن شهود بأنهم سمعوا إطلاق نار داخل السجن، فيما أظهر مقطع فيديو نشرته "منظمة حقوق الإنسان في إيران" بعض النيران، والدخان المتصاعد من مبنى السجن، كما ذكرت قناة "1500 تاسفير" التي ترصد الاحتجاجات على تويتر أن "حريقًا ينتشر في السجن وأمكن سماع صوت انفجار" وهتافات "الموت للديكتاتور"، وهو أحد الشعارات التي ترفع في الاحتجاجات. 

وقال شاهد لوكالة رويترز: "جميع الطرق المؤدية إلى سجن إيفين أُغلقت أمام حركة المرور. هناك الكثير من سيارات الإسعاف هنا. وما زلنا نسمع دوي طلقات نارية".

وذكر شاهد آخر أن عائلات السجناء تجمعوا أمام المدخل الرئيس للسجن. وأضاف: "أستطيع أن أرى نارًا ودخانًا، وكذلك الكثير من القوات الخاصة".

وكان مصدر أمني قد أفاد وكالة فرانس برس في وقت سابق بأن "اضطرابات ومواجهات وقعت ليلة السبت في قسم احتجاز المجرمين في سجن إيفين"، تطورت إلى "إشكال بينهم وبين عناصر السجن، وقام هؤلاء "البلطجية بإضرام النيران في مستودع للألبسة في السجن، ما تسبب بحريق".

وأضاف: "حاليًا، الوضع تحت السيطرة بشكل كامل والهدوء يسود في السجن، وعناصر الإطفاء يعملون على إخماد النيران"، موضحًا أنه "تم فصل مثيري الشغب عن الآخرين، والمحتجزون الآخرون عادوا إلى زنزاناتهم". 

وقال مسؤول لم يُكشف عن اسمه لوكالة تسنيم للأنباء: "لم يشارك أي سجين سياسي في المشاجرة التي نشبت اليوم بين السجناء، وأساسًا عنبر السجناء الأمنيين منفصل وبعيد عن عنابر اللصوص والمدانين بجرائم مالية".

تحذير أميركي

بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن إيران تتحمل مسؤولية سلامة المواطنين الأميركيين المحتجزين في سجن إيفين.

وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس في تغريدة: "تتحمل إيران المسؤولية الكاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين بدون وجه حق، والذين يجب إطلاق سراحهم فورًا"، مضيفًا أن واشنطن تتابع بشكل عاجل التقارير عن الحادث.

وردًا على سؤال حول حريق السجن، قال الرئيس الأميركي جو بايدن للصحافيين خلال زيارة لبورتلاند بولاية أوريغون: "الحكومة الإيرانية قمعية للغاية".

وبين السجناء الأجانب في السجن، الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه، والمواطن الأميركي سياماك نمازي الذي قالت عائلته إنه أعيد إلى إيفين هذا الأسبوع بعد فترة إفراج مؤقت، وأعربت في بيان لها أمس عن "قلقها العميق"، ولا سيما أنه لم يحصل أي اتصال معه.

وحضت العائلة السلطات الإيرانية على منحه وسائل "فورية" للاتصال بأسرته، وإطلاق سراحه "لأنه من الواضح أنه ليس آمنًا في سجن إيفين". وقالت شقيقة عماد شرقي، وهو مواطن أميركي آخر مسجون في إوين، إن عائلته"متشنجة وينتابها الخوف"، وذلك في تغريدة على تويتر.

"سينما ريكس"

وأفادت تقارير أن المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي صاحب الجوائز السينمائية الدولية، والسياسي الإصلاحي مصطفى تاج زاده محتجزان أيضًا في إيفين.

وقالت روهام ألفاندي الأستاذة المساعدة في كلية لندن للاقتصاد على تويتر: "في حال لا قدّر الله لقي سجناء سياسيون مصرعهم، عندها سيكون هذا الحدث بحجم حريق سينما ريكس في عبدان في أغسطس/ آب عام 1978 الذي سرّع في سقوط الشاه".

وأثار حريق سينما ريكس الذي يعد من أكثر الهجمات دموية في التاريخ قبل أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، احتجاجات ضد نظام الشاه على الرغم من أنه لم تتضح حتى الآن هوية المرتكبين، حيث قُتل نحو 400 شخص في الحريق المتعمد بدار السينما التي أغلقت أبوابها عشية الثورة الإسلامية عام 1979.

وواصل الإيرانيون أمس تظاهراتهم في الشوارع على الرغم من انقطاع الإنترنت، حيث لا تزال الشابات تتصدر مشهد تلك الاحتجاجات، إذ صرخت نساء غير محجبات أمس: "على الملالي الرحيل" في كلية شريعتي التقنية والمهنية بطهران، وفق ما أظهر مقطع فيديو تم تداوله عبر الإنترنت على نطاق واسع.

وغرب طهران، ألقى محتجون مقذوفات على قوات الأمن بالقرب من دوار رئيسي في مدينة همدان، وعلى الرغم من تعطيل شبكة الإنترنت على نطاق واسع وحجب السلطات تطبيقات مثل إنستغرام وواتسآب، فقد تجمّع إيرانيون أمس في شوارع مدينة أردابيل في شمال غرب البلاد، كما نفّذ التجار إضرابًا في مدينة سقز مسقط رأس مهسا أميني في محافظة كردستان (شمال غرب) ومهاباد (شمال). 

ويظهر مقطع فيديو انتشر بكثافة احتجاجات في مدينة مشهد في شمال شرقي إيران، وهي ثاني أكبر المدن من حيث عدد السكان، حيث هتف المتظاهرون: "يا رجال الدين اغربوا عن وجوهنا". كما أطلق سائقو السيارات العنان لأبواق سياراتهم.

وكان هناك نداء من أجل المشاركة في الاحتجاجات السبت تحت شعار "بداية النهاية"، حيث قال نشطاء: "علينا أن نكون حاضرين في الساحات، لأن أفضل، في بي إن، هذه الأيام هو الشارع"، في إشارة إلى الشبكات الخاصة الافتراضية المستخدمة للالتفاف على قيود الإنترنت.

احتجاجات مستمرة

وقُتل 108 أشخاص على الأقل منذ اندلاع الاحتجاجات في 16 سبتمبر الماضي، كما لقي ما لا يقل عن 93 شخصًا مصرعهم أيضًا في اشتباكات منفصلة في زاهدان عاصمة إقليم سيستان بلوشستان الجنوبي الشرقي، وفقًا لمنظمة "حقوق الإنسان في إيران" ومقرها أوسلو.

من جهتها، أعربت منظمة العفو الدولية عن أسفها لمقتل 23 طفلاً على الأقل "بأيدي قوات الأمن الإيرانية"، موضحة أن أعمارهم تتراوح بين 11 و17 عامًا، بالإضافة إلى توقيف مئات الأشخاص.

ونقلت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية عن قيادي في الحرس الثوري قوله خلال التجمّع إن ثلاثة من أفراد ميليشيا الباسيج شبه العسكرية قتلوا، وأصيب 850 بجروح في طهران منذ بدء "الفتنة".

وأثارت حملة القمع إدانات دولية وعقوبات على إيران من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة. واتفقت دول الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع على فرض عقوبات جديدة، ومن المقرر أن تتم المصادقة على هذه الخطوة في اجتماع وزراء خارجية التكتل الإثنين في لوكسمبورغ.

واتهم المرشد الإيراني من وصفهم بـ"أعداء البلاد"، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، بإثارة "أعمال الشغب". وردًا على الاحتجاجات، شنت قوات الأمن الإيرانية حملة اعتقالات واسعة شملت فنانين ومعارضين وصحافيين ورياضيين.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close