الثلاثاء 30 أبريل / أبريل 2024

كابوس الموت بكورونا في الهند.. سوق سوداء للأدوية غير المرخّص لها 

كابوس الموت بكورونا في الهند.. سوق سوداء للأدوية غير المرخّص لها 

Changed

يموت بعض الهنود نتيجة نقص الرعاية المناسبة.
يموت بعض الهنود نتيجة نقص الرعاية المناسبة. (غيتي)
سحقت الموجة الثانية من كورونا النظام الصحي في الهند، بينما يجاهد المرضى لإنقاذ أنفسهم وأحبائهم من الموت، باللجوء إلى سوق الأدوية غير المرخّصة.

يحتفظ آشيش بودار بعلبة ثلج صغيرة، بينما ينتظر خارج مستشفى في نيودلهي وصول الأدوية من السوق السوداء لوالده، الذي كان يلهث لالتقاط أنفاسه في صراعه مع كورونا. لكن الأدوية لم تصل، وذاب الثلج ومعه توفي الوالد.

فالموجة الثانية من جائحة كورونا "سحقت" النظام الصحي في الهند، بينما يجاهد المرضى لإنقاذ أنفسهم وأحبائهم من الموت، باللجوء إلى سوق الأدوية غير المرخّصة في ظل نظام صحي منهَك، يعاني من نقص في عربات الإسعاف، وأسرّة المستشفيات، والأكسجين، والأدوية، وحتى أدوات حرق الجثث، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

بودار كان ينتظر وصول عقاري "رمديسفير" و"توسيليزوماب" بعدما علم من المستشفى أنهما ضروريان لإبقاء والده البالغ من العمر 68 عامًا على قيد الحياة.

لكن مع نفاد المخزون من معظم المستشفيات والصيدليات في العاصمة الهندية، لجأ بودار يائسًا إلى تاجر وعد بتوفير الأدوية بعد أن أخذ مقدمًا حوالي ألف دولار.

يقول بودار: "كنت أتمنّى لو أخبرني التاجر أنه لن يأتي. كنت بحثت عنهما في مكان آخر". 

رقم قياسي جديد

وسجّلت الهند رقمًا قياسيًا عالميًا آخر في حالات الإصابة الجديدة بالفيروس، اليوم الخميس، مع أكثر من 379 ألف إصابة جديدة، ما زاد من الضغط على المستشفيات المكتظة في البلاد.

وسجّلت الدولة، التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 1.4 مليار شخص، أكثر من 18 مليون إصابة، وأكثر من 200 ألف وفاة، ويُعتقد أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك.

نقص الرعاية المناسبة

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن بعض الهنود لا يموتون من الفيروس، بل نتيجة نقص الرعاية المناسبة. فالأدوية القليلة المعروفة للمساعدة في علاج الفيروس مفقودة من المستشفيات، كما يُواجه العلاج بالأكسجين، وهو العلاج الأساسي، نقصًا في الإمداد، ما يؤدي إلى وفيات كان يمكن تفاديها.

وصباح الخميس، كان هناك 14 سريرًا متوفرًا في العناية المركزة في نيودلهي، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 29 مليون نسمة.

وتسمح الهند بإعطاء المرضى عقار هيدروكسي كلوروكين أو الإيفرمكتين، وهي أدوية تستخدم في علاج بعض الأمراض المدارية، على الرغم من أن هناك القليل من الأدلة على أنها تعمل ضد الفيروس، كما توصي منظمة الصحة العالمية بعدم استخدام هيدروكسي كلوروكين.

تنظيم ضعيف لإنتاج الأدوية

وبينما تعدّ الهند منتجًا رائدًا للأدوية على مستوى العالم، كان تنظيمها للأدوية ضعيفًا حتى قبل الوباء. ودفع اليأس المتزايد الناس لتجربة أي شيء.

وقال الدكتور عمار جيساني، خبير الأخلاقيات الطبية، إنه يمكن شراء العديد من هذه الأدوية من دون وصفة طبية، بما في ذلك أدوية الطوارئ التي حصلت على تصريح من السلطات الهندية.

وعن استخدام الأدوية غير المصرّح بها، قال: "المستشفيات والأطباء معتادون على وجود رصاصة سحرية، من شأنها أن تعالج المرضى".

ويحذر الدكتور أنانت بهان، الباحث في الصحة العامة والأخلاقيات في مدينة بوبال، من أن الأدوية المضادّة للفيروسات والستيرويدات "يجب أن تُؤخذ في المستشفى بسبب مخاطر الآثار الجانبية. كما أن الأدوية التي تُنقذ الحياة في وقت ما؛ يمكن أن تكون ضارة في وقت آخر، اعتمادًا على التوقيت وشدة الأعراض".

ارتفاع الأسعار بالسوق السوداء

وقال سيدهانت سارانج، وهو متطوع في جمعية تُساعد المرضى في العثور على الأدوية والأسرّة في المستشفيات: "ارتفعت أسعار السوق السوداء لرمديسيفير، التي تنتجها العديد من الشركات الهندية، إلى 20 ضعفًا، أي حوالي ألف دولار للزجاجة الواحدة".

في سبتمبر/أيلول الماضي، أظهرت البيانات أن صانعي الأدوية الهنود قد صنّعوا أكثر من 2.4 مليون زجاجة من العقار. ولكن عندما انخفضت الحالات في سبتمبر، دمّرت الشركات الكثير من مخزونها منتهي الصلاحية وانخفض الإنتاج. ولم تقم الهند بزيادة إنتاج الأدوية في فبراير/شباط، عندما تزايدت الإصابات.

وقال سارانج إنه مع ارتفاع الطلب "يُصرّ تجار السوق السوداء على الحصول على النقد مقدمًا"، مضيفًا: "تذهب عائلات المرضى إلى تجّار الأدوية في السوق السوداء محمّلين بحقائب تحوي ما بين 200 ألف و 300 ألف روبية (2700 إلى 4000 دولار)".

وبدأت السلطات باتخاذ إجراءات صارمة ضد التجار. في نيودلهي، على سبيل المثال، إذ تنفّذ مداهمات على المتاجر أو الأشخاص المشتبه في تخزينهم أسطوانات الأكسجين والأدوية. وعلى الرغم من كل الجهود اليائسة، لا تزال الأدوية الفعالة غير متوفرة للكثيرين.

ولم تُصرّح الهند باستخدام عقاقير الأجسام المضادة للفيروسات، المستخدمة على نطاق واسع في أماكن أخرى. ورغم أن بعض الأشخاص يُدركون أن العقارات غير المصرّح باستخدامها؛ لا تؤدي إلى الشفاء، إلا أن اليأس يدفعهم إلى شرائها.

المصادر:
واشنطن بوست

شارك القصة

تابع القراءة