السبت 27 أبريل / أبريل 2024

محطات من تاريخ المغرب.. سعد الدين العثماني يفند مقاربته للدين والسياسة

محطات من تاريخ المغرب.. سعد الدين العثماني يفند مقاربته للدين والسياسة

Changed

الجزء الثاني من إطلالة سعد الدين العثماني ضمن "وفي رواية أخرى" يناقش فيه مقاربة الإسلام والديمقراطية ودور الملكية في المغرب
يوضح العثماني في حديثه لـ"العربي"، أن حزب العدالة والتنمية لا يرى أي تناقض بين تأييده للملكية بوصفها نظام حكم وتأييده للتحول والإصلاح الديمقراطي السياسي.

يقدّم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي سابقًا، آراءه ومقارباته لمحطات في تاريخ المغرب كان شاهدًا عليها.

ويستعيد في إطلالته عبر برنامج "وفي رواية أخرى" مراحل سابقة بالحديث عن ظروفها وأحداثها، ليفنّد المواقف ويشير إلى نتائجها.

الرجل الذي طبع المشهد الإسلامي الحركي والفكري والسياسي في بلاده على امتداد العقود الماضية، يتوقف في الحلقة الثانية من سلسلة شهاداته على شاشة "العربي أخبار" عند أطروحته السياسية فيما يتعلق بعلاقة الإسلام بالسياسة.

هذه الأطروحة لخّصها كتابه "التصرفات النبوية السياسية دراسة أصولية لتصرفات الرسول بالإمامة"، مشيرًا إلى ترجمتها على مستوى الفكر السياسي والممارسة السياسية.

"الجزء الأكبر خاضع للاجتهاد البشري"

يوضح العثماني أن الأطروحة أعلاه من دراسته العليا، وكان قد ناقشها عام 1999، ثم طُبعت كاملة عام 2017، بعدما تمت طباعة أجزاء منها في كتيبات وبعض المقالات.

ويشير إلى أن الفكرة الأساسية هي التمييز في تصرفات الرسول عليه الصلاة والسلام؛ بين تصرفاته كرسول مبعوث من عند الله وتصرفاته كإنسان، مؤكدًا أن هذا التمييز قديم في كتابات العلماء، وكان موجودًا حتى في حياة الصحابة.

ويصفه بأنه "تمييز جوهري جدًا"، ذاكرًا أن "الخلط بين أنواع تصرفات الرسول (ص) يؤدي إلى اعتبار أمور دنيوية بشرية اجتهادية صدرت عنه من الدين؛ تعبدية وتشريعًا عامًا للمسلمين ملزمًا لهم".

وبينما يوضح أنه كان قد بنى هذا التمييز على وجه الخصوص على نظرية شهاب الدين القرافي، يقول إنه توصل إلى التمييز بين حقلين، أولهما ديني، حيثما أمر فيه الرسول ونهى، فهذا تشريع للمسلمين مهما اختلف الزمان والمكان.

أما الحقل الثاني فدنيوي، "وفيه ما صدر عن الرسول من قرار سياسي يحلّ فيه مشكلة ما، وبالتالي فهو جاء كحل خاص بتلك الواقعة وذلك الزمان أو بالظروف التي كانت فيها، وليس من الضروري أن نجمد عليها"، يقول العثماني.

ويردف بأن الخلفاء الراشدين "غيّروا الكثير من تصرفات الرسول السياسية، عندما اقتضى تغيّر الظروف أن تتغير تلك الوسائل، التي تحقق المقاصد الشرعية نفسها".

وبشأن ما يترتّب على ذلك من مواجهات في ما يخصّ الفكر السياسي الذي يؤطر الممارسة السياسية، يقول إنه ينتج عنه أن الأخيرة هي ممارسة دنيوية.

ويقول: "صحيح أن المسلم يلتزم فيها بهدي الدين في العموم، ولكن التفصيل في هذا هو من إبداع الفكر البشري والحكمة الإنسانية".

ويؤكد أن "الدين موجود في السياسة، ولكن اقتضت توجيهات الدين أن السياسة ممارسة مدنية وأن الجزء الأكبر منها خاضع للاجتهاد البشري".

العدالة والتنمية والملكية في المغرب

من جهة أخرى، يوضح العثماني أن حزب العدالة والتنمية لا يرى أي تناقض بين تأييده للملكية كنظام حكم وتأييده للتحول والإصلاح الديمقراطي السياسي.

ويشير إلى أن الملكية في المغرب عليها إجماع ولديها شرعية تاريخية؛ دينية ووطنية في مكافحة الاستعمار.

ويقول إن المغاربة ينظرون إلى الملكية على أنها الضامن لوحدة البلاد واستقرارها ولأمنها ومصالحها العليا، لافتًا إلى أن حزب العدالة والتنمية يتخذ الموقف نفسه.

ويعتبر أن "الملكية لعبت أدوارًا رائدة وتاريخية في الإصلاحات، التي شهدتها البلاد طيلة القرون الأخيرة".

وفيما يؤكد أن بالإمكان تحقيق التحول الديمقراطي مع الملكية، يقول: "يجب أن نبني نموذجنا الخاص، فليس بالضروري أن ننسخ النماذج الموجودة. 

ويتحدث عن وجود "ملكيات في الغرب نشأت في توافق مع الدين ومع الديمقراطية".

إلى ذلك، يرى رئيس الحكومة المغربية السابق أن الملكية في بلاده "ليست مطلقة"، مشيرًا إلى وجود دستور يضع التزامات على الملك.

وبينما يلفت إلى أن مجالات مهمة هي من اختصاص الملك في المغرب: المجال الديني والأمني والعسكري والإستراتيجي، يقول إن في المجالات الأخرى هناك مؤسسات دستورية وحكومة. ويخلص إلى الإشارة لوجود نوع من التكامل بين هذه المؤسسات.  

ويشدد على أن بإمكان الديمقراطية أن تتطور في المغرب في ظل الملكية، لافتًا إلى أن هذا التطور يجب أن يكون تدريجيًا، وأن يتم بتوافقات وهي ليست دائمًا سهلة.

ويذكر بأن الديمقراطية هي ثقافة وقيم قبل أن تكون أنظمة وممارسات.

وفيما يرى أن الكثير من الأحزاب السياسية تعاني أعطابًا ديمقراطية وكذلك مؤسسات أخرى مدنية تعاطي أعطابًا داخلية ديمقراطية لا علاقة للملكية بها، يشير إلى أنه عند التفكير بالأمر ندرك أن الإشكال أعمق من مجرد تطوير أنظمة أو قوانين، بل تطوير ثقافة فيها ثقافة الاعتراف بالآخر وبالتنّوع وبالتعدد، واحترام الاختلاف في الأفكار والآراء وتدبّره. 

"لم يكن مستعدًا للانخراط في الاحتجاجات"

بالحديث عن رفض حزب "العدالة والتنمية" المشاركة رسميًا بحراك الشارع المغربي في 20 فبراير/ شباط 2011، والذي خرج رافعًا مطالب أساسية وهي "حرية كرامة عدالة"، يوضح العثماني أن "الموقف الذي عبّر عنه الحزب رسميًا هو أنه "لا يمكن له أن ينخرط في احتجاجات لا يعرف إلى أين ستصل".

وبينما يشدد على أن الحزب مع "الإصلاحات التي نادى بها الشارع المغربي آنذاك"، يقول إنه "لم يكن مستعدًا للانخراط في الاحتجاج في الشارع والتجييش الذي لا نعرف أين سينتهي".

ويشير إلى أن "العدالة والتنمية" بقي مساندًا لتلك الإصلاحات ومنخرطًا فيها، إلى أن صودق على دستور 2011 في 1 يوليو/ تموز من ذلك العام.

وردًا على سؤال، يشدد على أن "مواقفنا في حزب العدالة والتنمية من احتجاجات 2011 لم تكن انتهازية، وعبّرنا عن مبادئنا حينها بوضوح".

ويلفت إلى أن "الكثير من الأطراف التي شاركت في حراك 20 فبراير صوّتت للحزب في الانتخابات التي جرت في عام 2011".

هل توقّع الحزب أن يحقق ذلك الفوز حيث حلّ بالمرتبة الأولى؟، يجيب: "نعم ولا. صحيح أن كثيرًا منا لم يكن يتوقع الحصول على هذا المستوى من النتائج، لكننا كنا نرى أن المزاج العام يميل للتصويت لحزب العدالة والتنمية".

ويضيف: "نحن انخرطنا على كل حال في العمل السياسي لخدمة البلاد، انطلاقًا من مرجعيتنا الإسلامية صحيح، ولكن انطلاقًا أيضًا من مصلحة الوطن وما تقتضيه المرحلة، وأن نساهم من وجهة نظرنا في اجتياز بلادنا تلك المرحلة الصعبة".

ويلفت إلى أن الحزب ساهم إلى جانب قوى سياسية أخرى في ذلك التحوّل، وبشيء من التطوير للممارسة السياسية الوطنية ومساهمة النخب السياسية وتطوير الفكر السياسي الوطني والعمل داخل المؤسسات والخدمات الموجهة للمواطنين.

"تحوّلات ديمقراطية من دون المس بالاستقرار" 

وصل حزب العدالة والتنمية في عام 2011 بصناديق الاقتراع. لكن في تلك الفترة انتشرت فرضيات مثل رغبة "الدولة العميقة" بوضعه في الواجهة في فجر الربيع العربي للإيحاء بأن الإصلاح قد حدث فعليًا في المغرب، وأنها أرادت وضعه على المحك في مكان لم يخبره من قبل بحيث يثبت فشله في إدارة الحكم.

في هذا الصدد، يعتبر العثماني أن هذه التأويلات لا حاجة إليها، مشيرًا إلى أن المهم هو أن هناك تجربة إيجابية مرّ بها المغرب في هذه المرحلة.

ويشدد على اعتزاز المغاربة بالتجربة لأنها أعطت نموذجًا جديدًا حول إمكانية وجود تحوّلات سياسية إيجابية في بلداننا دون التقاتل وإسقاط الأنظمة.

ويشير إلى أن "المغرب لم يحقق الكمال، ولم يتحقق كل ما نرجوه، لكنه حقق خطوات إيجابية مهمة".

ويعتبر أن الدرس المستفاد منه هو إمكانية وجود تحولات ديمقراطية ولو نسبية، وإصلاحات في الطريق الصحيح ولو نسبية، من دون المس بالاستقرار العام للوطن.

ويرى أن ذلك يمكن أن يعطي أملًا في المستقبل بإمكانية تحقيق المزيد من الإصلاحات بالطريقة نفسها، التي فيها حد معقول من التوافق وتواضع الأطراف المتدخلة.

ما الذي يقوله عن تجربة الحزب في الحكومة في ضوء تعديلات دستور يوليو 2011، وماذا عن أهم الملفات التي كانت موضوعة على مكتبه عندما كان وزيرًا للخارجية بين عامَي 2011 و2013، وكيف يشرح أهمية ملف الصحراء بالنسبة للمغرب رسميًا وشعبيًا؟

الإجابات في هذا الشأن وحول ملفات أخرى في الحلقة المرفقة من برنامج "وفي رواية أخرى".


المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close