السبت 27 يوليو / يوليو 2024

مخاوف إسرائيلية وترقب دولي.. هل تنجح مساعي إحياء اتفاق إيران النووي؟

ملف إيران النووي
مخاوف إسرائيلية وترقب دولي.. هل تنجح مساعي إحياء اتفاق إيران النووي؟
الأحد 11 يونيو 2023

شارك القصة

تطفو على السطح من جديد تفاعلات الملف النووي الإيراني في ظلّ تقارير عن وجود مساع لإعادة إحيائه - غيتي
تطفو على السطح من جديد تفاعلات الملف النووي الإيراني في ظلّ تقارير عن وجود مساع لإعادة إحيائه - غيتي

بين نفي وتأكيد وتهديد ووعيد وشدّ وجذب، وفي خضم زحمة التطورات الإقليمية والدولية، تطفو على السطح من جديد تفاعلات الملف النووي الإيراني.

فقد أكد المرشد الأعلى علي خامنئي خلال لقاء مع العاملين في الصناعة النووية في بلاده إمكانية التوصل إلى اتفاق في بعض المجالات بشأن الملف مع الغرب بشرط الحفاظ على البنى التحتية الإيرانية.

ولفت خامنئي إلى عدم وثوق بلاده بناء على تجارب سابقة بوعود أطراف المفاوضات والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنه دعا إلى التعاون مع الوكالة ضمن ملحق الضمانات لمنع انتشار الأسلحة النووية.

وجاءت هذه التصريحات بعد يوم واحد من كلام لرئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الذي قال إن هدف بلاده من تخصيب اليورانيوم هو رفع العقوبات الأميركية، وذلك استنادًا إلى قانون أقره البرلمان الإيراني.

دعا المرشد الإيراني إلى التعاون مع الوكالة الدولية ضمن ملحق الضمانات لمنع انتشار الأسلحة النووية - رويترز
دعا المرشد الإيراني إلى التعاون مع الوكالة الدولية ضمن ملحق الضمانات لمنع انتشار الأسلحة النووية - رويترز

احتمال التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران

وبعيدًا عن موقف طهران، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن إحياء الاتفاق النووي مع إيران ليس كفيلًا بوقف برنامجها النووي، وأن أي تسوية يتم التوصل إليها مع طهران لن تكون ملزمة لإسرائيل.

وتأتي تصريحات نتنياهو، الذي يواجه أيضًا انتقادات داخلية بشأن تعامله مع الملف النووي الإيراني، قبل أيام من لقاء يجمع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس المقبل لبحث هذا الملف.

ولا يمكن قراءة تصريحات نتنياهو بمعزل عن تسريبات صحيفة يديعوت أحرونوت التي نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: إن احتمال توصل واشنطن إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي يزداد، وإن واشنطن ستحاول إعطاء تل أبيب ضمانات استعدادًا للتوصل إلى اتفاق.

لكنّ واشنطن وطهران دحضتا قبل يومين أنباء أفادت بوجود مباحثات بينهما للتوصل إلى اتفاق مؤقت يعتمد رفع العقوبات مقابل وقف إيران تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 60%.

في غضون ذلك، تمّ الكشف عن سماح الولايات المتحدة للعراق بالإفراج عن مليارين و700 مليون دولار من الأموال الإيرانية المجمّدة بسبب العقوبات الأميركية.

"شيء ما يُطبَخ في الكواليس"

وفي هذا الإطار، يوضح أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران حسن أحمديان، أنّ هناك نقاشات وحوارات تحصل في الغرف المغلقة في سلطنة عمان، وهو ما ظهر في عمليات تبادل السجناء بين طهران وعدد من الدول الغربية.

ويشير أحمديان في حديث إلى "العربي" من طهران، إلى أن تصريح المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي المتعلق بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يأتي في سياق يبتعد قليلًا عمّا كان يُطرَح في طهران في السابق.

ولذلك، يرى أنّ التكهّن بأنّ شيئًا يُطبَخ خلف الكواليس أصبح كبيرًا في الدوائر المهتمّة بالموضوع، معتبرًا أنّ هناك شيئًا من التفاهم، خصوصًا بعد الإفراج عن الأموال الإيراني، ما يعني أنّ الوساطات الأخرى يبدو أنّها فعّالة.

أكد المرشد الأعلى علي خامنئي خلال لقاء مع العاملين في الصناعة النووية في بلاده إمكانية التوصل إلى اتفاق في بعض المجالات بشأن الملف مع الغرب بشرط الحفاظ على البنى التحتية الإيرانية

وفيما يشدّد على أن "إحياء الاتفاق النووي غير مرجح في هذه المرحلة"، مستبعدًا كذلك احتمال التوصّل إلى اتفاق مؤقت، يشير إلى أنّ التوصل إلى تفاهم ما من دون توقيع، ومن دون الدخول في معطيات قانونية تعقّد الأمر، قد يكون مرجّحًا.

ويرى أنّ هناك إشارات لمثل هذا الأمر، من بينها الحديث عن الإفراج عن الأموال الإيرانية في اليابان وكوريا والبنك الدولي، إضافة إلى التعاون مع الوكالة الدولية، وكلّها عناصر تدلّ على وجود رغبة بزيادة منسوب الثقة المتبادلة. 

"حماس لا أساس له"

من جهته، يعرب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق للشؤون السياسية والعسكرية مارك كيميت عن اعتقاد بوجود "حماس لا أساس له" في ما يتعلق بالتقدمّ المحرز على مستوى الاتفاق النووي، مشيرًا إلى أنّ من هم في واشنطن لا يرون التقدّم الذي تروّج له الصحافة.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، إلى عدد من القضايا التي لا تزال عالقة، منها ملفات الصواريخ، ودعم الغزو الروسي على أوكرانيا، ونشاطات الميليشيات في المنطقة، علمًا أنّ الولايات المتحدة تعتبرها جزءًا من أيّ نقاش.

ويرى أنّه إذا لم تلتزم الأطراف بالقيام بأيّ تحركات حيال هذه الأمور، فإنّ العودة إلى الاتفاق النووي لن تكون مُتاحة، ولا سيما في ضوء القلق الذي تعبّر عنه إسرائيل إزاء مخرجات أيّ اتفاق نووي محتمل.

ويشدّد على أنّ أيّ اتفاق يمكن أن يحصل ستلتزم به الولايات المتحدة فقط خلال فترة رئاسة جو بايدن، ولن يكون مضمونًا أن يبقى في أيّ إدارة مقبلة، خصوصًا في حال عاد الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ويضيف: "الكل يود الوصول إلى اتفاق صلب لضمان عدم قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي، ولكن نحن نرى أن طهران تقوم بحروب بالوكالة في المنطقة لزعزعة الاستقرار وهذا بنفس الخطورة".

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إحياء الاتفاق النووي مع إيران ليس كفيلًا بوقف برنامجها النووي - رويترز
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إحياء الاتفاق النووي مع إيران ليس كفيلًا بوقف برنامجها النووي - رويترز

"توتر" في العلاقات الإسرائيلية الأميركية

أما أستاذ الصراعات الإقليمية والدولية في جامعة تل أبيب علي الأعور، فيلفت إلى أنّ الصحف الإسرائيلية تتحدّث عن تقارب أميركي إيراني وصل إلى درجة كبيرة جدًا، وربما ينتج عنه العودة إلى الاتفاق النووي، أو حتى توقيع اتفاق مع طهران.

ويلفت في حديث إلى "العربي"، من القدس، إلى وجود قلق كبير في إسرائيل من التقارب الأميركي الإيراني، خصوصًا في ظلّ غياب أيّ تواصل بين البيت الأبيض ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويوضح أن "إحياء الاتفاق إذا ما تم، فإنه يعني رفع العقوبات الأميركية عن إيران وتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم لدى طهران، وكل ذلك يأتي وسط رفض نتنياهو لأي اتفاق بين طهران وواشنطن".

ويجزم الأعور بوجود "توتر كبير"، على حدّ وصفه، في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، معتبرًا أنّ هذا التوتر ناجم عن اختلاف وتباين في وجهات النظر، ليس على قضايا سياسية، وإنما على قضايا جوهرية وإستراتيجية وأمنية.

وإذ يلفت إلى أنّ هذه القضايا تتعلق بالاتفاق النووي وبالتقارب بين طهران وواشنطن، يخلص إلى أنّ نتنياهو يدرك أنّه لن يستطيع توجيه ضربة ضدّ طهران، من دون موافقة الولايات المتحدة ومساعدتها العملية.


للمزيد من التحليل، تناقش الحلقة المرفقة من برنامج "للخبر بقية" أبرز التطورات على صعيد ملف إيران النووي، ومدى حقيقة وجود مفاوضات سرية بين واشنطن وطهران، وقربهما من التوصل إلى اتفاق. كما تسأل أيضًا عن دلالات تصريحات المرشد الإيراني، ومغزى توقيت تحريك واشنطن لمياه الملف التي كانت راكدة منذ أشهر. وتبحث الحلقة كذلك سيناريوهات الرد الإسرائيلي على أيّ اتفاق محتمل.
حلقة "للخبر بقية" تناقش تطورات ملف إيران النووي
المصادر:
العربي
Close