الجمعة 3 مايو / مايو 2024

مركز الصدارة في حرب أوكرانيا.. ما التداعيات المحتملة لمعركة باخموت؟

مركز الصدارة في حرب أوكرانيا.. ما التداعيات المحتملة لمعركة باخموت؟

Changed

تقرير يرصد آخر مجريات معركة باخموت (الصورة: أسوشييتد برس)
تحولت باخموت من مركز مهم لتعدين الملح والجبس في دونيتسك إلى منطقة حرب يتصارع جنود أوكرانيون وروس بهدف السيطرة عليها.

تعتبر معركة السيطرة على باخموت الأوكرانية المستمرّة منذ ستة أشهر أطول معركة دموية حتى الآن في الحرب الروسية على أوكرانيا والتي بدأت في 24 فبراير/ شباط 2022.

وأصبحت المدينة الإستراتيجية رمزًا للمقاومة الأوكرانية. ورغم تعهّد القيادة الأوكرانية مرة أخرى هذا الأسبوع بمواصلة الدفاع عن المدينة، إلا أن تحذيرات برزت من أن التمسّك بها قد يكون خطيرًا ومكلفًا للغاية.

والأربعاء، أعلنت مجموعة "فاغنر" الروسية سيطرة قواتها على كامل الجزء الشرقي من مدينة باخموت، بينما حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن استيلاء القوات الروسية على المدينة سيجعل "الطريق مفتوحًا" أمام قوات موسكو للسيطرة على مدن عديدة في شرق البلاد.

باخموت قبل الحرب

قبل الحرب، كانت باخموت التي بلغ عدد سكانها أكثر من 70 ألف شخص قبل الحرب مركزًا مهمًا لتعدين الملح والجبس في منطقة دونيتسك في قلب المنطقة الصناعية في إقليم دونباس.

كما اشتُهرت المدينة بإنتاج النبيذ الفوار في الكهوف التاريخية تحت الأرض، وبشوارعها الواسعة التي تصطف على جانبيها الأشجار، وحدائقها المورقة، ووسط المدينة الفخم مع المباني التاريخية التي تعود لأواخر القرن التاسع عشر، ما حولها إلى منطقة جذب سياحي شهيرة.

في أبريل/ نيسان 2014، وبعد أسابيع من ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم، سيطر الانفصاليون المدعومون من روسيا على باخموت، لكنهم فقدوها بعد بضعة أشهر.

كيف تطوّر القتال حول باخموت؟

في أوائل أغسطس/ آب الماضي، حاولت القوات الروسية السيطرة على باخموت، لكنّها فشلت.

وفي الأشهر التالية، خفّت حدة القتال على المدينة، حيث واجه الجيش الروسي هجمات مضادة أوكرانية في الشرق والجنوب، لكنه استؤنف بوتيرة كاملة أواخر العام الماضي.

في يناير/ كانون الثاني الماضي، استولى الروس على بلدة سوليدار التي تقع على بعد بضعة كيلومترات شمال باخموت، وتقدّموا إلى ضواحي المدينة. وأدى القصف الروسي الذي لا هوادة فيه، إلى تحويل باخموت لأرض قاحلة مشتعلة مع وجود عدد قليل من المباني التي لا تزال قائمة. وقاد جنود من مجموعة "فاغنر" الروسية الهجوم  وساروا على "جثث جنودهم" وفقًا لمسؤولين أوكرانيين.

وبحلول نهاية فبراير الماضي، اقترب الروس من الطريق السريع الوحيد المؤدي إلى خارج المدينة واستهدفوها بالمدفعية، مما أجبر القوات الأوكرانية على الاعتماد بشكل متزايد على الطرق الريفية، التي يصعب استخدامها قبل أن تجفّ الأرض.

وأشادت السلطات الأوكرانية بالمدينة بوصفها "قلعة باخموت" التي لا تقهر، والتي دمّرت موجات من المهاجمين الروس.

ومع تشديد الحصار الروسي على المدينة، حذّر مساعد للرئيس الأوكراني الأسبوع الماضي، من أن الجيش الأوكراني قد "ينسحب إستراتيجيًا" إذا لزم الأمر. لكن يوم الإثنين، قرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وكبار جنرالاته أن يستمرّ الجيش في الدفاع عن باخموت وتعزيز قواته هناك.

جنود أوكرانيون يحتمون في خنادق قرب باخموت
جنود أوكرانيون يحتمون في خنادق قرب باخموت- اسوشييتد برس

بالنسبة للكرملين، يُعدّ الاستيلاء على باخموت أمرًا ضروريًا لتحقيق هدفه المعلن المتمثّل بالسيطرة الكاملة على دونيتسك، إحدى المناطق الأوكرانية الأربع التي ضمّتها موسكو في سبتمبر/ أيلول الماضي.

والثلاثاء الماضي، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو: إن السيطرة على باخموت ستسمح لروسيا بمواصلة هجومها في عمق المنطقة.

بدوره، أكد يفغيني بريغوزين، قائد مجموعة "فاغنر"، أن قواته دمّرت أفضل الوحدات الأوكرانية في باخموت لمنعهم من شنّ هجمات في مكان آخر.

ماذا يقول الخبراء العسكريون؟

يشير الخبراء العسكريون إلى أن أوكرانيا حوّلت باخموت إلى مفرمة لحوم للقوات الروسية.

جنود أوكرانيون على الخطوط الأمامية للقتال في باخموت
جنود أوكرانيون على الخطوط الأمامية للقتال في باخموت- اسوشييتد برس

وقال اللورد ريتشارد دانات الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة البريطانية: "لقد حققت باخموت هدفها بفاعلية، كونها السندان الذي تحطّمت فيه أرواح العديد من الروس".

أما فيليب أوبراين، أستاذ الدراسات الإستراتيجية في جامعة سانت أندروز، فقال: إن معركة باخموت "تؤكد أن الجيش الروسي لا يزال يكافح من أجل العمليات الأساسية"، مشيرًا إلى أن تركيز الكرملين المستمرّ على الاستيلاء على الأراضي بغضّ النظر عن الخسائر يعني أن "الأهداف الإستراتيجية الروسية تؤدي إلى نزف الجيش الروسي بشكل كبير".

وفي حين أشار مسؤولون أوكرانيون وغربيون إلى أن الخسائر القتالية الروسية كانت أعلى بكثير من الخسائر الأوكرانية، جادل آخرون بأن الدفاع عن باخموت يصرف انتباه الموارد الأوكرانية التي يمكن استخدامها في هجوم مضاد مخطط له في وقت لاحق من الربيع.

بدوره، أوضح مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في "CAN"، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن أن المدافعين الأوكرانيين "حقّقوا إنجازًا مهمًا باستنزاف القدرات البشرية والذخيرة الروسية" ، لكنه أضاف أنه من الحكمة أن تحافظ أوكرانيا على قواتها من أجل عمليات هجومية في المستقبل".

جنود أوكرانيون يُساعدون زميلهم المصاب قرب باخموت
جنود أوكرانيون يُساعدون زميلهم المصاب قرب باخموت- اسوشييتد برس

وقال: "يمكن للإستراتيجيات أن تصل إلى مرحلة تناقص العائدات، وبما أن أوكرانيا "تحاول توفير الموارد للهجوم، فإن هذا قد يعيق نجاح عملية أكثر أهمية".

يؤكد المسؤولون الأوكرانيون والغربيون أن الانسحاب الأوكراني من باخموت لن يكون له أهمية استراتيجية ولن يغيّر مسار الصراع. وقد عزّز الجيش الأوكراني بالفعل خطوطه الدفاعية غربي باخموت لمنع تقدّم روسيا إذا انسحبت القوات الأوكرانية من المدينة في النهاية.

وبالتالي، يمكن أن تُصبح بلدة تشاسيف يار، القريبة التي تقع على تل على بعد بضعة كيلومترات غرب باخموت، بمثابة الحصن التالي ضد الروس. وإلى الغرب، يوجد كراماتورسك وسلوفيانسك، المعاقل الأوكرانية المحصّنة بشدة في دونيتسك.

وحتى في الوقت الذي يحاول فيه الجيش الروسي مواصلة هجومه في دونيتسك، فإنه يحتاج إلى الاحتفاظ بوحدات كبيرة في أقسام أخرى من دونباس، وفي منطقة زابوريجيا الجنوبية حيث من المتوقّع على نطاق واسع أن تشن القوات الأوكرانية هجومها المضاد المقبل.

المصادر:
العربي - أسوشييتد برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close