Skip to main content

"مواجهة" بين الحكومة واتحاد الشغل.. الضائقة المالية تتفاقم في تونس

الأحد 30 يناير 2022

بينما تعيش تونس أزمة سياسية غير مسبوقة، تتفاقم الضائقة المالية في ظلّ مناخ اقتصادي يعيش بدوره وضعًا هيكليًا صعبًا، يخشى كثيرون أن يؤدي إلى تداعيات وخيمة قد تكون منطلقًا لتحركات اجتماعية.

ورغم نقص الاهتمام به من قبل مختلف الأفرقاء مقارنة بالملف السياسي، يفرض ملف المالية العمومية نفسه رقمًا صعبًا في معادلة الحل والتأزيم، في ظلّ تقاطع مسألة توفير التمويلات اللازمة مع اشتراط أغلب المانحين العودة إلى المسار الديمقراطي في البلاد.

وفي هذا السياق، وجّه الاتحاد العام التونسي للشغل سيل انتقاداته لإصلاحات اقتصادية محتملة ويكثر الحديث عنها. ولم تخفِ المنظّمة العمالية توجسها ممّا وصلت إليه البلاد من تردّ مالي معلنة رفضها أي محاولة نحو تجميد الأجور أو رفع الدعم.

غموض وضبابية

وترزح تونس تحت وطأة أزمة مالية حادة إذ تشير إحصاءات إلى أن تونس تحتاج إلى نحو 5 مليار دولار كاقتراض خارجي لسدّ عجز موازنة السنة الحالية، في ظلّ وضع يكتنفه الكثير من الغموض والضبابية.

ويتردّد صدى هذه المشاكل الاقتصادية في ضوء تأخر نسبي في صرف أجور الموظفين وتراجع المقدرة الشرائية في البلاد، وكلها أوضاع صارت عبئًا ثقيلًا على التونسيين الذين يتطلعون نحو إصلاحات تخفف وطأة الوضع المعيشي.

مفاوضات "شبه سرية" مع صندوق النقد

يرى الباحث السياسي صلاح الدين الجورشي أنّ مشكلة الحكومة أنّها لا تملك رؤية تقوم على برنامج اقتصادي واستشراف للمستقبل.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أن هذه الحكومة وجدت نفسها رغم اعتراضات رئيس الجمهورية في البداية، مضطرة للدخول في نوع من التنسيق والتفاوض مع صندوق النقد الدولي.

ويلفت إلى أنّ الحكومة قرّرت الدخول في مفاوضات "شبه سرية" مع صندوق النقد الذي له شروطه، وقدّمت ورقة لم تعلن عنها ولم تتحمّل مسؤوليتها، وفي هذه الورقة تعهّدات من بينها تجميد الأجور ورفع الدعم بشكل تدريجي عن مجموعة من المواد الأساسية.

ويلاحظ أن الاتحاد العام التونسي للشغل "اكتشف" هذه القوة، فكان ردّ فعله قويًا، لأنّ الاتحاد له ثوابت وخطوط حمراء، يعتبر أنّ تجاوزها من جانب الحكومة سيؤدي إلى مواجهة كبرى معه، وسيكون لذلك انعكاسات سلبية على أوضاع العمّال والتونسيين.

ما موقف الرئيس قيس سعيّد؟

ويعتبر الجورشي أنّ الاتحاد يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في إيجاد توازن، ويمكن أن يكون مَرِنًا في المفاوضات، لكن بشرط أن يقع الاعتراف به أولًا كشريك في هذه المفاوضات، وفي محاولة عدم انزلاق البلاد إلى الفوضى والصدام.

ويلفت إلى أنّ تصريحات الأمين العام للاتحاد جاءت بعد تقرير مجموعة الأزمات الدولية التي توقعت أن يؤدي استمرار عدم الانضباط الحكومي إلى فوضى وعنف، ولذلك فإنّ الاتحاد يريد أن يحول دون انهيار البلاد والدولة، ويطرح نفسه كشريك.

لكنّه يرى أنّ السلطة حتى الآن لا تعترف باتحاد الشغل كشريك، وتريد أن تملي عليه بعض الأمور، وهو ما يرفضه بشكل قطعي الأمين العام للاتحاد، ومن خلفه النقابيون.

ويخلص إلى أنّ رئيس الجمهورية، إذا لم يأخذ بعين الاعتبار نصائح وموقف الاتحاد العام التونسي للشغل، فإنّ شعبيته ستتراجع بالتأكيد، ولا سيما في الأوساط العمالية. ويعرب عن اعتقاده بأنّه سيحاول من خلال حكومته أن يخلق نوعًا من التوازن، "لكن إلى حد الآن لا توجد سياسات أو اقتراحات واضحة يمكن أن يعتمد عليها في المستقبل".

المصادر:
العربي
شارك القصة