شيّع الآلاف في المغرب، اليوم الإثنين، الطفل ريان أوران، الذي توفي بعد سقوطه في بئر الثلاثاء الماضي، وفشلت كل الجهود في انتشاله حيًا على مدى خمسة أيام، وسط تعاطف عربي ودولي واسع مع قضيته التي هزت المشاعر محليًا وخارجيًا.
وأقيمت صلاة الجنازة في مسقط رأسه بقرية إغران شمالي المغرب، حيث شارك في المراسم عدد من المسؤولين وآلاف من المغاربة الذين قدموا من مختلف مدن المملكة.
وودع المشيعون الطفل الذي يبلغ من العمر خمسة أعوام، بعد صلاة الظهر في ساحة هيئت لهذا الغرض منذ صباح الإثنين في محيط مقبرة الزاوية غير بعيد عن القرية التي شدت إليها أنظار العالم لأيام أملًا في إخراج الطفل حيًا.
#Morocco #Maroc : Thousands gather in the village where #Rayan lived in the Chefchaouen region in the Rif to pay their last respects at the funeral of the 5-year-old, whose fate gripped the country & the Arab world for 5 days until its tragic denouement #الطفل_ريان pic.twitter.com/v4V6ca0Xkc
— ARAFAT (@arafatooda) February 7, 2022
ووري جثمان ريان الذي يبلغ من العمر خمسة أعوام، في مقبرة القرية، بعد أداء صلاة الجنازة عليها في مسقط رأسه بقرية إغران شمالي المغرب، في مصلى تابع للمقبرة.
وكان الجثمان وصل الإثنين إلى مسقط رأسه بعدما نُقل بمجرد إخراجه من البئر ليل السبت إلى المستشفى العسكري بالرباط.
وخضع هناك إلى "خبرة طبية لتحديد أسباب الوفاة" وهو "إجراء روتيني"، بحسب ما أفاد الإثنين موقع العلم والعمق المغربيين.
وسلم بعد ذلك إلى عائلة الطفل قصد دفنه، من دون أن يصدر بعد أي بيان رسمي حول نتائج التشريح الطبي.
ومنذ ظهر الثلاثاء سقط الطفل المغربي عرَضًا في بئر ضيقة ذات قطر يصعب النزول فيها، حفرت قرب منزل العائلة، في قرية بمنطقة "باب برد" قرب مدينة شفشاون، وبقي عالقًا لأكثر من 100 ساعة.
وحاول متطوعون من أبناء القرية وفرق الإنقاذ في البداية النزول إلى البئر لانتشال ريان، لكن قطرها الضيق "الذي لا يتجاوز 40 سنتمترًا" حال دون ذلك، ثم هرعت فرق الإنقاذ والجهات المعنية لانتشاله في عملية معقدة وتمكنت من إخراجه متوفيًا مساء السبت.
ومساء السبت، أعلن الديوان الملكي المغربي في بيان، وفاة "ريان"، الذي جرى إخراجه من بئر بعمق 32 مترًا.
تضامن عالمي مع ريان
وصباح الإثنين أغلقت السلطات الطرق المؤدية إلى المقبرة الواقعة وسط غابة في هذه المنطقة الجبلية الفقيرة، تفاديًا لتوافد أعداد هائلة من المشيعين.
وبعدما حبست مأساة ريان الأنفاس وسط حالة ترقب قصوى خلال الأيام التي استغرقتها عملية معقّدة للوصول إليه، خلّفَ انتشاله ميتًا ليل السبت موجة من الحزن والأسى في المغرب والعالم.
وأشادت وسائل الإعلام المغربية، بموجة التضامن العارمة مع الطفل الذي انتقل "من أعماق الأرض إلى جنة السماوات".
لكنها نبهت أيضًا إلى الخطر الذي لا تزال تشكله الآبار غير المحروسة في عدة مناطق قروية، داعية السلطات إلى إجراءات عاجلة لتفادي مآس مماثلة.
وصدرت منذ إعلان النبأ الحزين رسائل تضامن ومواساة عن قادة دول ومسؤولين رسميين في عدة بلدان وبابا الفاتيكان، فضلًا عن سيل من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي لمدونين ومشاهير رياضيين وفنانين من العالم العربي وخارجه.
وخلّفت المأساة حزنًا عميقًا في مواقع التواصل الاجتماعي بالجارة الجزائر، بالرغم من قطعها العلاقات الدبلوماسية مع المغرب.
العالم يبكي ريان
وأعرب مدرب المنتخب الجزائري لكرة القدم جمال بلماضي، اليوم الإثنين عن "ألم عميق لكنه بالطبع لن يكون بحجم ألم والديه".
ولخّص موقع القناة التلفزيونية المغربية الأولى الحال معلّقًا "العالم يبكي ريان، سقطة طفل ذكّرت الملايين بالإنسانية".
وحرص والداه في تصريحين مقتضبين للإعلام على شكر جميع من وقف بجانبهما، معزيين نفسيهما "الحمد لله، هذا قدرنا".
ومنذ سقوط ريان في البئر "لم يقويا على أكل أي شيء تحت هول الصدمة"، بحسب ما قال قريبهما هشام أجعوك.
وأضاف الأحد: "صمت رهيب عمّ القرية هذا الصباح (..) انتظرت إخراجه بفارغ الصبر والكل كان يصلي لأجله".
بدوره قال جار العائلة منير أضبيب: "لم أقو على النوم طيلة خمسة أيام، لدي ابن بعمر ريان كلما رأيته أتذكره (..) وكلما حاولت إغماض عيني تداهمني صورته عالقا في البئر. أنا حزين جدًا".
ويذكّر هذا الحادث بمأساة مماثلة وقعت مطلع 2019 في الأندلس (إسبانيا) حيث توفي الطفل جولين البالغ عامين إثر سقوطه في بئر قطرها 25 سنتيمترًا وعمقها أكثر من مئة متر. وانتشلت جثته بعد عملية استثنائية استغرقت 13 يومًا.