وليد الركراكي.. المدرب الذي أخرج أسود الأطلس من عرينهم إلى ملاعب المونديال
منتصف شهر أغسطس/ آب الماضي، أعلنت الرابطة المغربية لكرة القدم فسخ عقد المدرب البوسني للمنتخب الوطني وحيد خليلوزيتش، بالتراضي، وذلك قبل أشهر قليلة من انطلاق كأس العالم قطر 2022.
حينها، كانت المشكلات تعصف بمعسكر أسود الأطلس، وانفجرت الأزمة بين خليلوزيتش وعدد من النجوم المحترفين، على رأسهم نجم نادي تشيلسي الإنكليز، حكيم زياش، ولاعب الاتحاد السعودي عبد الرزاق حمد الله، وآخرين من الذين آثروا مقاطعة المدرب البوسني، وعدم الالتحاق به، بسبب ما اعتبروه معاملة سيئة بحقهم منه.
" طريق الوداد"
ظهر المنتخب المغربي بمستوى متواضع قبل أقل من عام، خلال بطولة أمم إفريقيا مع خليلوزيتش، ورغم التحاق الحارس ياسين بونو، والنجم أشرف حكيمي، افتقدت خطوطه لاعبين من طينة زياش ونصير مزرواي وغيرهم، فخرج أسود الأطلس من الباب الضيق للقارة الإفريقية في دور ربع النهائي أمام منتخب مصر.
وفي ظل هذه المعطيات، كانت قصة نجاح تُكتب في نادي الوداد الرياضي بالمغرب، الذي كان يحصد الانتصار تلو الآخر، في طريقه لنهائي دوري أبطال إفريقيا. قصة انتهت في مباراة ختامية أمام "نادي القرن" الأهلي المصري، أدت لتتويج الفريق المغربي زعيمًا للقارة الإفريقية، بعد فوز بثنائية نظيفة.
خلف قصة الوداد، كان يقف رجل يبلغ 47 عامًا، ويملك سيرة مهنية في الملاعب لاعبًا ومدربًا، اسمه وليد الركراكي، يخطف قلوب المغاربة ويأسر مشجعي الوداد، بحنكته وتجربته، والروح الذي يبثها في المجموعة.
" سيرة نجاح"
الركراكي، هو صاحب تجارب واسعة في الدوريات الفرنسية، وأفضل مدافع في الدرجة الثانية سابقًا هناك مع فريق أجاكسيو، ولاعب المنتخب السابق، الذي وصل نهائي أمم إفريقية مع أسود الأطلس عام 2004، وتوج أفضل لاعب في البطولة.
الرجل الذي لا يجيد الفصحى بطلاقة، ويفضل التحدث بالفرنسية، انطلق إلى عالم التدريب عام 2014، ليستقر مع فريق الفتح الرباطي، وبمشروع ضم الفئات العمرية بالنادي، وبتعاون مع أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، نجح الركراكي منذ التجربة الأولى بحصد النتائج فحصد مع الفتح كأس العرش عام 2014، ووصل معه نهائي البطولة نفسها بعد عام.
الركراكي قلب المشهد في الكرة المحلية، وبعد عامين توج مع الفتح بطلًا للدوري بعد سنوات طويلة من غياب الفريق عن اللقب، ليلفت الأنظار بقيادته، ويمنح الملك محمد السادس وسام الشرف.
ولا عجب في تألق الركراكي مع منتخب المغرب في قطر، التي يعرفها جيدًا حين قاد فريق الدحيل للفوز ببطولة دوري النجوم عام 2020، لكنه عاد إلى بلاده ليتولى زمام الأمور في الوداد وينطلق معه في رحلة "الفتوحات الكروية الإفريقية".
"سنخلق المشاكل"
ولم يكن أمام رئيس الرابطة المغربية فوزي لقجع، والمسؤولين عن كرة القدم في المغرب، بعد مغادرة خليلوزيتش، إلا حك "فانوس" المنتخب بيد محلية، وبشخص تعرفه ملاعب المغرب ويعرفها، وكان الخيار وليد الركراكي، مدربًا للمنتخب الأول قبل 3 أشهر من مونديال قطر.
أدخل الركراكي معسكر المنتخب غرفة الإنعاش، وأعاد وصل ما انقطع مع اللاعبين المحترفين، فعاد زياش وحضر مزراوي، حتى حمد الله التحق بقائمة اللاعبين في قطر.
كانت الصحافة والإعلام تراقب الركراكي بمهمته بعين حذرة، رغم باعه الطويل في التدريب، إلا أن المهمة لم تكن سهلة، وحده خرج قبل المونديال بأسابيع ليقول: "لدينا منتخب قادر على خلق المفاجأة. سنخلق المشاكل لجميع الخصوم. علينا احترامهم واللعب بطريقتنا".
"تليين الحديد"
الأمر الذي بدا كأنه جرعة من المعنويات المطلوبة، كان بعكس ذلك، كان منذ تمريرات المنظومة المغربية الأولى في مباراة كرواتيا أول لقاء في المجموعة السادسة، لتتوالى بعدها مفاجآت الساحر المغربي الجديد.
فوز على بلجيكا المصنف الثاني عالميًا، ثم 3 نقاط جديدة أمام كندا بفوز 2-1، وهكذا كانت النتيجة: "المغرب يتصدر مجموعته" أمام كرواتيا، وبلجيكا، وكندا.
عام 1986، استطاع المدرب البرازيلي فاريا أن يصل بأسود الاطلس إلى الدور الثاني في مشاركتهم المونديالية الأولى، وتصدر بتعادلين سلبين مع إنكلترا، وبولندا، وفوز على البرتغال مجموعته. وبعد 36 عامًا استطاع مدرب مغربي، أن يكرر مع أسود الأطلس الإنجاز بفوزين وتعادل.
الصحافة المغربية، أشادت بعمل الركراكي، الذي رفعه الأسود على أكتافهم بعد التأهل أمس، واحتفوا به، في لحظة لخصها سعيد سونا الباحث في الفكر المعاصر بالقول: "عجيب هذا الرجل الذي استسلم له الحظ في كل موقعة يخوضها، نعم هو يقول إن النية أساس النجاح، والحكمة تسانده، لكنه في الجهة المقبلة تجده داهية الدواهي تكتيكيًا بدنيًا وخصوصًا من الناحية الذهنية، فهو من أبرز المدربين حنكة على الصعيد العالمي في تليين الحديد".