الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

أموال تونس الضائعة.. حلم استرداد مليارات بن علي من الخارج يتبخر

أموال تونس الضائعة.. حلم استرداد مليارات بن علي من الخارج يتبخر

Changed

وثائقي لـ"العربي" يكشف تفاصيل ملف استرداد أموال بن علي وأفراد عائلته من الخارج والصعوبات التي مر بها رغم ملفات الفساد الواضحة (الصورة: غيتي)
سلط "العربي" في وثائقي جديد تحت اسم "أموال تونس الضائعة" الضوء على تفاصيل ملف استرداد أموال بن علي من الخارج والصعوبات التي واجهته في ظل التواطؤ والتدخلات السياسية.

تشكل أموال الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته في الخارج ملفًا غامض، جاءت الثورة التونسية لتميط اللثام عن تفاصيله واعدة الشعب التونسي باسترداد أمواله التي نهبت.

وشكلت جهود دولية، ومعارك قضائية وتدخلات سياسية وتواطؤ من جهات متنفذة قصة هذا الملف.

وبعد أكثر من 10 سنوات لم تستطع الدولة التونسية استعادة تلك الأموال، التي عادت إلى وضعها السابق، وأصبح من حق عائلة بن علي حرية التصرف بها.

وسلطت شاشة "العربي - أخبار" في تحقيق وثائقي تحت اسم "أموال تونس الضائعة" الضوء على تفاصيل هذا الملف وما جرى فيه، وكشف حجم الأموال التي امتلكها الرئيس المخلوع وعائلته ومصادر هذه الثروة وأسباب فشل تونس في استردادها.

وأوضح أنور الغربي، المسؤول الأسبق للعلاقات الخارجية في الرئاسة التونسية، لـ"العربي" أن الملفات التي قدمتها تونس للحكومات الخارجية حول أموال بن علي "بلغت المئات".

وأشار إلى أن 48 ملفًا كان مسجلًا لدى سويسرا وعددًا مشابهًا لدى الاتحاد الأوروبي ومثله لدى كندا والبلدان الأخرى.

إلا أن حجم أموال بن علي وعائلته في الخارج غير محدد، ولم تتمكن الدولة التونسية من إحصاء كافة أمواله نظرًا لعدم وجود حسابات مالية كبيرة، وتنوعها واستخدام ملفات ضريبية لإخفائها.

"كل شيء داخل العائلة"

وخلال رحلة بحث الوثائقي، عُثر على تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2014 تحت عنوان "كل شيء داخل العائلة".

وكشف هذا التقرير عن استيلاء عائلة بن علي على أكثر من 21% من أرباح القطاع الخاص في تونس، بإجمالي أصول قدر بـ13 مليار دولار، أي ما يعادل ربع الناتج المحلي للبلاد عام 2011.

وكشف عماد الدايمي، الرئيس السابق لديوان رئيس الجمهورية التونسية، أن بن علي أصدر طوال الفترة الممتدة من 1990 وحتى 2010 أكثر من 72 تعديل قانوني يتعلق بقوانين مالية واقتصادية، وأغلب هذه التعديلات كانت تصب في إطار تمكين شركاته الشخصية وشركات أسرته من احتكارات ومصالح وامتيازات حتى تستفيد وحدها من تلك القطاعات.

وبينما أكد محامي الرئيس المخلوع منير بن صالحة، لـ"العربي" مصادرة جميع أموال بن علي داخل تونس، ونفى وجود أي حسابات بنكية باسمه في الخارج أو وجود شركات له فيها حصص أو أسهم، كشفت وثيقة عن اجتماع بين ممثلين عن الرئاسة التونسية عام 2012 ومحامي الدولة التونسية مونفريني وتنص على أن بن علي كان يجري معاملاته البنكية عبر شركة وسيطة اسمها زيناد، ويرجح أنها واجهة استعملها بلحسن الطرابلسي (شقيق زوجة بن علي) للتغطية على معاملات الرئيس الأسبق.

وكشف الوثائقي أيضًا عن عمليات الإثراء غير المشروع التي أقدم عليها أقرباء وأنسباء بن علي، معتمدين على نفوذ الأسرة في السلطة التونسية.

سقوط مشروع "قانون المصالحة الاقتصادية"

وفي عام 2015 اقترح الرئيس التونسي السابق الباجي قائد السبسي العفو عن مسؤولي نظام بن علي وعائلته الذين تورطوا في الفساد مقابل تسليمهم نسبة ثابتة من قيمة الأموال التي سيعترفون بأنها مكتسبة بطريقة غير مشروعة، وسمي هذا القانون بـ"قانون المصالحة الاقتصادية".

وتبع استقالة القاضي أحمد صواب في يونيو 2015 من لجنة المصادرة اعتراضًا على القانون الذي اقترحه السبسي، حراك واسع في الشارع التونسي ومؤسساته المدنية والحزبية رفضًا لقانون المصالحة.

ورأى المحتجون في هذا القانون تعزيزًا لإفلات عائلة بن علي الفاسدين من العقاب.

وما لبث أن سقط مشروع هذا القانون بسبب الضغط الذي نفذته مكونات المجتمع التونسي والذي قادته حركة شبابية جديدة تدعى "ماناش مسامحين".

تحكيم ومصالحة مع سليم شيبوب

ورعت هيئة الحقيقة والكرامة بحضور المكلف العام لنزاعات الدولة، أول اتفاقية تحكيم ومصالحة مع سليم شيبوب أحد أصهار بن علي والذي لم يفلح القضاء التونسي بإدانته رغم القضايا المنشورة ضده، خاصة وأن هذا الرجل عُرف بنشاطاته الخفية وعلاقاته الدولية المشبوهة.

إذ ووفق وثائق منظمة "أنا يقظ"، تورط شيبوب في قضايا دولية، كقضية النفط مقابل الغذاء في العراق والتي كشفت عن جرائم اختلاس من صندوق الأمم المتحدة لصالح شركات من مختلف دول العالم، كان من بينها شركة باسم "ميودور" التي يمتلكها شيبوب.

وكانت حصة الشركة مليوني برميل نفط، إضافة إلى شركة أخرى تحت اسم "حيدر للتجارة" التي كانت تمتلك الحصة نفسها.

رفع التجميد عن أموال مروان مبروك

أما مروان مبروك زوج الإبنة الصغرى لبن علي فيعد أحد أعمدة الفساد المالي في تونس، وهو امتلك حسابات بنكية في الخارج قامت بعض البنوك بتجميدها بعد الثورة التونسية.

وشكلت صفقة شركة "أورانج" للاتصالات عام 2009 إحدى أهم مصادر ثروته، إذ استطاع عبر شركة ديفونا تيليكوم المملوكة مناصفة بينه وبين زوجته السابقة الحصول على تلزيم تشغيل الجيل الثالث للاتصالات 3G في تونس، لتخضع كما غيرها بعد عام 2011 إلى المصادرة.

 ووفق تقرير نشرته "أنا يقظ"، فقد كان هناك سعي من قبل الحكومة الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون للتاثير على رئيس الحكومة يوسف الشاهد ليبادر إلى طلب رفع التجميد المفروض من الاتحاد الأوروبي على ممتلكات مروان مبروك، وهذا ما حصل فعلًا.

فقد كشفت وثيقة سرية حصل "العربي" عليها أن حكومة يوسف الشاهد وبتاريخ 22 نوفمبر 2018 توجهت بمراسلة خاصة إلى الاتحاد الأوروبي لطلب رفع قرار تجميد الأموال عن مروان مبروك. وقد استجاب الاتحاد لهذا الطلب حيث حذف اسمه من قائمة التونسيين المجمدة أموالهم في الاتحاد الأوروبي.

ومؤخرًا، دعا الرئيس قيس سعيّد إلى الاسراع في استرجاع الأموال المنهوبة في الخارج، وشكل لجنة تختص بذلك، إلا أن هذا لم يُترجم على أرض الواقع، خصوصًا بعدما رفعت سويسرا الحجز عن الأصول المجمدة العائدة لأفراد عائلة بن علي رغم الدعوة المبكرة التي أطلقتها منظمة "أنا يقظ" للدولة التونسية بضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة الأزمة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close