لم يعد الشارع الشعبي غائبًا عن المشهد المتأزم في ليبيا، إذ باتت الاحتجاجات تضرب كل الأجهزة السياسية في البلاد.
وفي تطور لافت للأزمة المعقدة في ليبيا، اقتحم متظاهرون مقر البرلمان في طبرق، وأحرقوا جزءًا منه، تزامنًا مع احتجاجات عمّت العاصمة طرابلس وعدة مدن أخرى.
وطالب المتظاهرون بحل مختلف الأجهزة السياسية، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وجاءت هذه التحركات في وقت تعاني فيه البلاد منذ عدة أيام انقطاعًا للتيار الكهربائي بسبب إغلاق العديد من المرافق النفطية وسط خلافات سياسية بين المعسكرين المتنافسين.
ويتسبب تدهور جودة الحياة لدى المواطنين، إضافة للأزمة السياسية في البلاد، في ارتفاع نسبة السخط الشعبي، بعد يومين من اختتام الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف، دون اتفاق على إطار دستوري لإجراء الانتخابات.
وأدان مجلس النواب المنعقد في طبرق "الأعمال التخريبية وإحراق مقار الدولة"، فيما أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أنه "يضم صوته للمواطنين"، مطالبًا "كل الأجسام السياسية بالرحيل".
إغلاق الباب في وجه الشعب
في هذا السياق، يرى رئيس مؤسسة مبادر لدعم الاستقرار المجتمعي في ليبيا الطاهر النغنوغي أن "كل الأبواب أغلقت في وجه الشعب الليبي، الذي دائمًا ما كان يسمع بمفاوضات وتشكيل لجان دون الوصول إلى نتائج ملموسة".
ويشير النغنوغي، في حديث إلى "العربي" من طرابلس، إلى أن "الشباب في ليبيا لم يروا، رغم مرور 11 عامًا على الثورة، أي أمل في النهوض، لذا قرروا الخروج إلى الشارع للمطالبة بحل كل المؤسسات السياسية".
ويوضح النغنوغي أن "الشعب الليبي يريد تسليم السلطة إلى مجلس القضاء لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية، وإخراج المرتزقة من البلاد".
ويشدد على أن "كل المنعطفات الموجودة اليوم هي نتاج لما حصل في السابق".
دور مجلس النواب
من جهته، يعتبر المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي، أن "البرلمان قام بكل ما يلزم لتحسين الوضع السياسي عبر إصدار القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية".
ويلفت المريمي، في حديث إلى "العربي" من مدينة القبة، إلى أن "مسؤولية عدم إجراء الانتخابات تقع على عاتق المفوضية العليا التي أعلنت أن هناك قوة قاهرة تمنعها من ذلك".
ويؤكد المريمي أن "مجلس النواب تدخل مجددًا وشكل لجنة وضعت خارطة طريق عبر التواصل مع جميع الأجسام السياسية والاجتماعية، وأطلقنا حوارًا مع المجلس الأعلى للدولة".
ويشير إلى أن "هدف الحوار كان الاتفاق على قاعدة دستورية متينة ووصل إلى نتائج متقدمة، وأدت اجتماعات جنيف إلى تذليل الخلافات وستُتابع بعد عيد الأضحى".
ابتزاز الحكومة
بدوره، يرى أستاذ القانون الدولي أسعد شرتاع أن "الأزمة تقع على عاتق مجلس النواب الذي أدار جلسات من دون نصاب، وأصدر قوانين معيبة ودمر حلم الشعب الليبي في انتخاب رئيس أو مجلس جديد".
ويعتبر شرتاع، في حديث إلى "العربي" من طرابلس، أن "رئاسة مجلس النواب كانت مسؤولة عن إفشال عمل الحكومة التي حوربت منذ الأشهر الأولى لتوليها المنصب".
ويقول: "استدعى مجلس النواب الحكومة للمساءلة في زمن قياسي، وهدف ذلك كان ابتزازها لتسمية عدد من الوزراء والمدراء".
ويضيف: "رئيس الحكومة يتحمل الجزء الأقل من المسؤولية، لأنه موجود في السلطة منذ عام وبضعة أشهر، كما أنه حُرم من كل شيء".