الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

استبداد وعدم كفاءة.. كيف سقط إرث راجاباكسا بعد 25 عامًا من حكم سريلانكا؟

استبداد وعدم كفاءة.. كيف سقط إرث راجاباكسا بعد 25 عامًا من حكم سريلانكا؟

Changed

تقرير إخباري عن أزمة سريلانكا بعد فرض حالة الطوارئ (الصورة: غيتي)
بما أن رئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير المالية ومسؤولين آخرين، هم جميعهم من العائلة نفسها، فلا يوجد هناك سوى اتجاه واحد لتوجيه أصابع الاتهام إلى العائلة.

على مدار أسابيع، هتف المتظاهرون في سريلانكا المطالبين برحيل الرئيس غوتابايا راجاباكسا، بشعار "اذهب إلى الوطن". ويبدو أن راجاباكسا يبحث بالفعل عن وطن جديد له.

وغادر راجاباكسا إلى جزر المالديف، منهيًا بذلك نحو 15 عامًا من حكم عائلته، لكن صحيفة "الغارديان" البريطانية رجّحت أن تكون الإمارات "الوجهة النهائية له".

وذكرت الصحيفة أن "سقوط عائلة راجاباكسا كان مذهلًا، وكان له صدى في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

وأشارت إلى أن حاكم سريلانكا الهارب "كان ضحية بارزة لأزمة تكاليف المعيشة العالمية". لكن الصحيفة تؤكد أن "حالة سريلانكا تُعتبر استثنائية، ولا يمكن انتقال هذه التجربة بسهولة لدول أخرى، على الرغم من أنها تحوي دروسًا لأي زعيم أو محتج".

من ماهيندا إلى غوتابايا

وبدأت القصة بشقيق راجاباكسا، ماهيندا، الذي تولّى السلطة عام 2005 من خلال إبراز نفسه باعتباره "رجلًا بسيطًا من الريف الجنوبي، ويقف ضد النخبة السياسية في العاصمة كولومبو، ولكنه لم يكن قريبًا من الناس كما يدعي. كما وعد بإنهاء عقود من الحرب الأهلية الدموية ضد فصيل من الانفصاليين التاميل في شمال سريلانكا.

وسعت عائلة راجاباكسا إلى "توجيه وتكثيف موجة الدعم بين الأغلبية السنهالية في سريلانكا، وكان هناك شعور بالتمكين دفع آل راجاباكسا إلى إنفاق مبالغ ضخمة واقتراض الأموال لتنفيذ مشاريع بنية تحتية ذات قيمة مشكوك فيها. وهو ما مهّد الطريق أمام ماهيندا للفوز بولاية ثانية عام 2010.

وعام 2019، استعاد غوتابايا "السلطة للعائلة، وهزم حكومة ائتلافية متعثرة ومنقسمة، من خلال تقديم قيادة قوية وتكنوقراطية للناخبين. واستقطب هذا جمهورًا جديدًا من السنهاليين القوميين، المتعلّمين والمتمدّنين والمتمرّسين في التكنولوجيا. وتعزّز حكمه بعيد تفجيرات قامت بها جماعة متطرفة في عيد الفصح من ذلك العام.

حكم استبدادي ومزاعم فساد

وما لم يتوقّعه أحد هو عدم الكفاءة خلال فترة حكمه الاستبدادي المتزايد. إذ تمّ تخفيض الضرائب، وخفض أسعار الفائدة، وكان هناك سعي للحصول على قروض ضخمة، وتمت طباعة أموال جديدة، وكل ذلك حدث في الوقت الخطأ.

وتسبّب فيروس كوفيد 19 في انهيار السياحة والتحويلات، وكلاهما مصدر كبير للنقد الأجنبي. وكان هناك قرار بجعل الزراعة في سريلانكا عضوية بالكامل، للتغطية على عدم القدرة على تحمل تكلفة الأسمدة، مما أدى إلى تحطيم قطاع الزراعة بأكمله. ونتيجة لكل ذلك سرعان ما أصبحت سريلانكا في حالة انهيار اقتصادي كامل.

وقال آلان كينان، أحد كبار المستشارين في سريلانكا بمجموعة الأزمات الدولية: "كان غوتابايا سياسيًا ضعيفًا للغاية، وأحاط نفسه بالدجالين، ولم يكن قادرًا على إبهار أي شخص، أو إبرام الصفقات، أو تغيير المسار في الوقت المناسب".

وأثارت مزاعم الفساد غضب الشعب، بسبب الارتفاعات الهائلة في الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي، ونقص الأدوية. وبما أن رئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير المالية ومسؤولين آخرين، هم جميعهم من العائلة نفسها، فلا يوجد هناك سوى اتجاه واحد لتوجيه أصابع الاتهام (إلى العائلة).

"ثورة هائلة من دون حل سياسي سريع"

واعتبرت الصحيفة البريطانية أن ما يحصل في سريلانكا قد لا يكون "ثورة"، بما للكلمة من معنى، لأن للبلاد "تقليدًا طويلًا وراسخًا" من الديمقراطية، وإن كان "متوترًا" في السنوات الأخيرة، لكنها في الوقت نفسه، اعتبرت أنها "خطوة هائلة" إذ إن احتمال عودة عائلة راجاباكسا إلى السلطة غير مرجّح، على الأقل لسنوات عديدة.

وقال كينان: "لقد تم تدمير إرث راجاباكسا إلى حد كبير لفترة طويلة، إن لم يكن إلى الأبد. وهناك مؤشرات جيدة أخرى تتمثّل في أن حركة الاحتجاج قد نجحت في سد فجوة الانقسامات المجتمعية والطبقية في سريلانكا بطريقة لم يشهدها سوى القليل من البلاد منذ عقود، وهو ما يؤشر إلى وجود رؤية وروح وطنية جديدة".

وذكرت الصحيفة أنه من الواضح أنه لا يوجد حل سياسي أو اقتصادي سريع لبلد مضطرب للغاية.

وقال شارو لاتا هوغ، من معهد "تشاتام هاوس" للصحيفة: "هناك طاقة في الشارع، ولكن سيكون من الصعب الانتقال إلى وضع سريلانكا على الطريق الحقيقي للتعافي".

وهذا الأسبوع، بلغت الاحتجاجات ضد الأزمة الاقتصادية ذروتها في سريلانكا، حيث استولى مئات الآلاف من المحتجين على المباني الحكومية في كولومبو، وألقوا باللوم على عائلة راجاباكسا وحلفائها في التضخم الجامح ونقص السلع الأساسية والفساد.

وبالأمس، دعا الرئيس السريلانكي المعيّن بالإنابة رانيل ويكريمسينغه الجيش إلى استعادة النظام في البلاد وفرض حظر التجوال، في حين انصاع المتظاهرون وانسحبوا جزئيًا من المقار الحكومية.

يُذكر أن رئيس البرلمان السريلانكي ماهيندا يابا أبيواردينا قبِل اليوم الجمعة رسميًا استقالة غوتابايا التي أُرسلت في البداية عبر البريد الإلكتروني إلى رئيس البرلمان قبل تسليمه نسخة ورقية.

وأثارت الاستقالة الابتهاج في مدينة كولومبو، حيث أطلقت الحشود الألعاب النارية ورقص الناس ورددوا هتافات في موقع احتجاج رئيسي.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close