الأربعاء 15 مايو / مايو 2024

الأزمة تتفاقم.. 54 دولة بحاجة ماسة إلى تخفيف عبء الديون

الأزمة تتفاقم.. 54 دولة بحاجة ماسة إلى تخفيف عبء الديون

Changed

الخبير الاقتصادي مازن إرشيد يدعو في لقاء سابق مع "العربي" إلى ضرورة إعفاء الدول الأكثر فقرًا من الديون (الصورة: غيتي)
حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير جديد من أنّ عشرات الدول النامية تواجه أزمة ديون تتفاقم بسرعة، مشيرًا إلى "مخاطر وخيمة للتقاعس عن العمل".

تركت الأزمات العالمية المتتالية 54 دولة تضم أكثر من نصف أفقر سكان العالم في حاجة ماسة لتخفيف الديون، حسبما أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء.

وحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في تقرير جديد من أن عشرات الدول النامية تواجه أزمة ديون تتفاقم بسرعة، مشيرًا إلى "مخاطر وخيمة للتقاعس عن العمل".

وأوضح البرنامج أنه من دون التخفيف الفوري لعبء الديون، فإن 54 دولة على الأقل ستشهد ارتفاعًا في مستويات الفقر، مضيفًا أن "الاستثمارات التي توجد حاجة ماسة إليها في إطار التكيّف مع (تغيّر) المناخ والتخفيف من حدته لن تحدث".

وسلط تقرير الوكالة الذي نُشر قبل اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووزراء مالية مجموعة العشرين في واشنطن، الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة.

وفي هذا الإطار، قال رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكيم شتاينر للصحافيين في جنيف، إنه على الرغم من التحذيرات المتكررة "لم يحدث شيء يذكر حتى الآن، والمخاطر تتزايد".

وأضاف: "هذه الأزمة تتفاقم وتهدد بالانتقال إلى أزمة إنمائية راسخة في عشرات البلدان في جميع أنحاء العالم".

وتواجه البلدان الفقيرة المثقلة بالديون ضغوطًا اقتصادية، فيما يجد عدد كبير منها أنه من المستحيل سداد ديونه أو الحصول على تمويل جديد.

"تأجيج التقلبات في جميع أنحاء العالم"

وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن "ظروف السوق تتغير بسرعة حيث يؤدي الانكماش المالي والنقدي المتزامن والنمو (الاقتصادي) المنخفض إلى تأجيج التقلبات في جميع أنحاء العالم".

وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة إن مشاكل الديون كانت تختمر في العديد من البلدان المتضررة قبل وقت طويل من انتشار جائحة كوفيد-19.

وأضافت: "كان يتم التقليل من أهمية التراكم السريع للديون باستمرار، على مدى العقد الماضي".

وفي هذه الأثناء، انتهت مهلة تجميد سداد الديون خلال أزمة كوفيد لتخفيف العبء. كما أن المفاوضات بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين والتي بدأت أثناء الوباء لمساعدة البلدان المثقلة بالديون على إيجاد مسار لإعادة هيكلة التزاماتها، تسير بخطى بطيئة.

ووفقًا للبيانات المتاحة، فقد راكمت 46 من أصل 54 دولة ديونًا عامة بلغت بالإجمال 782 مليار دولار في العام 2020، حسبما أفاد التقرير، وتمثل الأرجنتين وأوكرانيا وفنزويلا وحدها أكثر من ثلث هذا المبلغ.

ويتدهور الوضع بسرعة مع استبعاد 19 دولة نامية الآن من سوق الإقراض - أي أكثر بعشر دول ممّا كانت عليه في بداية العام.

"عنصر مفقود"

وقال جورج غراي مولينا كبير خبراء الاقتصاد في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للصحافيين: إن ثلث الاقتصادات النامية شهدت في هذه الأثناء تصنيف ديونها من قبل وكالات التصنيف على أنها "مخاطرة كبيرة أو تخمينية للغاية أو تخلّف عن السداد".

وأشار إلى أن الدول الأكثر عرضة للخطر هي سريلانكا وباكستان وتونس وتشاد وزامبيا.

كذلك، أوضح أن الدائنين من القطاع الخاص كانوا حتى الآن العقبة الأكبر أمام المضي قدمًا في إعادة الهيكلة المطلوبة.

ولكنه اعتبر أن ظروف السوق الحالية يمكن أن تمهد الطريق لصفقة ديون، في الوقت الذي يرى فيه الدائنون من القطاع الخاص أن قيمة أرصدتهم تنخفض بنسبة تصل إلى 60%.

وقال: "عندما يتمّ تداول سندات الأسواق الناشئة عند 40 سنتًا للدولار، يصبح الدائنون من القطاع الخاص فجأة أكثر انفتاحًا على التفاوض".

وأضاف "الحوافز الآن هي الانضمام إلى مفاوضات حيث يمكن القبول بتخفيض 20 سنتًا على الدولار و15 سنتًا على الدولار و30 سنتًا على الدولار".

لكن غراي مولينا اعترف بأنّ عدد الدائنين الراغبين ليس كافيًا للتوصّل إلى اتفاق لتخفيف عبء الديون، الأمر الذي تشتدّ الحاجة إليه.

وأوضح أن "المكونات المفقودة في هذه اللحظة هي الضمانات المالية من الحكومات الدائنة الرئيسة لإبرام صفقة".

من جهته، أعرب شتاينر، الذي كان قد حذّر مرارًا من الأزمة، عن أمله في أن يدرك المجتمع الدولي أخيرًا أن التصرف سيكون في المصلحة المشتركة للجميع.

وقال: "الوقاية خير من العلاج وبالتأكيد... أقل كلفة بكثير من الاضطرار للتعامل مع ركود عالمي".

وفي حديث سابق لـ"العربي" تعليقًا على الأوضاع في الدول العربية، قال الخبير الاقتصادي مازن إرشيد إن لبنان تخلّف عن سداد ديونه منذ نحو عام ونصف، أما تونس فمن المتوقع أن تتخلّف عن سدادها عندما يحين موعد ذلك.

وأشار إرشيد إلى أن ارتفاع التضخم والأسعار من العوامل التي تؤثر على قدرة الدول في زيادة إيراداتها في ظل تآكل القوة الشرائية للمواطنين، معتبرًا أن "ارتفاع النفقات لهذه الدول يؤدي إلى زيادة العجز في الموازنة العامة وبالتالي إلى عدم قدرتها على سداد ديونها".

كما دعا إلى إعفاء الدول الأكثر فقرًا من ديونها خصوصًا في إفريقيا إلى جانب سريلانكا وإثيوبيا وغينيا وغيرها.

ولفت إلى أن الكثير من هذه الدول، كانت نسبة الفساد فيها مرتفعة وتعاني من مشكلة الديون حتى قبل أزمة كورونا وحرب أوكرانيا، مؤكدًا أنه لا يمكن إرجاع السبب في ذلك دائمًا إلى الأطراف الخارجية بل أن الخلل يكمن في الداخل وحكومات هذه الدول نفسها.

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close