الإثنين 6 مايو / مايو 2024

الجزائر تُعلّق معاهدة الصداقة مع إسبانيا.. أي حسابات وتداعيات للخطوة؟

الجزائر تُعلّق معاهدة الصداقة مع إسبانيا.. أي حسابات وتداعيات للخطوة؟

Changed

يناقش "للخبر بقية" دلالات تعليق الجزائر العمل بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار التي أبرمتها مع إسبانيا قبل 20 عامًا (الصورة: رويترز)
تنظر الجزائر بالكثير من الريبة إلى التقارب الإسباني مع الرباط، في ظل توتر غير مسبوق في علاقاتها مع جارتها الغربية.

اتخذت الجزائر خطوة جديدة توجهها هذه المرة شمالاً نحو إسبانيا بسبب "انقلاب موقفها بشكل جذري" لصالح المغرب، فيما يتعلق بقضية "إقليم الصحراء".

فقد قرر المجلس الأعلى للأمن الجزائري بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، مساء الخميس، "التعليق الفوري" لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا والتي تعود إلى أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2002.

وتوافق الطرفان في هذه المعاهدة على "حل المشكلات بينهما بشكل ودي" و"التعاون الثنائي في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب". كما تضمنت بنودًا بشأن "التنسيق في المجال الأمني والهجرة غير النظامية".

موقف "مناف للشرعية الدولية"

وبعد قرار المجلس الأعلى للأمن الجزائري بساعات فقط، قال بيان صادر عن جمعية المصارف الجزائرية: "إنّ الجزائر حظرت كل الواردات من إسبانيا بدءًا من الخميس"، لكنّ دون الإشارة إلى مصير اتفاق توريد الغاز محور العلاقات الأساسي بين البلدين.

وتنظر الجزائر بالكثير من الريبة إلى التقارب الإسباني مع الرباط، في ظل توتر غير مسبوق في علاقاتها مع جارتها الغربية.

ولذلك، بررت الرئاسة الجزائرية قرارها باتهام مدريد باتخاذ موقف مناف للشرعية الدولية، وحمّلت الحكومة الإسبانية مسؤولية ما وصفته بـ"التحول غير المبرر" لموقفها منذ تصريحات الثامن عشر من مارس/ آذار الماضي والتي دعمت فيها إسبانيا مشروع الحكم الذاتي الداخلي المقترح من المغرب التي تعدها الجزائر "قوة محتلة للصحراء". 

وإزاء هذه التطورات، فقد أجابت مدريد بتصريح مقتضب لوزير خارجيتها قال فيه: "إنّ بلاده ستدافع بقوة عن مصالحها الوطنية" في ضوء أنّ الجزائر أكبر مورد للغاز لها، بينما قالت بروكسل "إنّ الخطوة الجزائرية مقلقة للغاية"، ودعت الجزائر إلى تعديل قراراتها.

قرار سيادي

وفي هذا الإطار، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر عبد القادر سليماني أن القرار الذي اتخذته الجزائر يعد "سياديًا" لا سيما في ظل تغير الموقف الإسباني، مشيرًا إلى أن "موقف الجزائر ثابت ولم يتغير". 

ويرى في حديث إلى "العربي" من الجزائر، أن بلاده "تقف مع حق الشعوب في تقرير مصيرها" وتعتبر "قضية الصحراء" أنها "قضية تصفية استعمار". 

ويلفت سليماني إلى أن "إسبانيا من خلال مكانتها ومواقفها ومسؤوليتها التاريخية والأخلاقية والقانونية يجب عليها أن تقف مع الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، حسب قوله.

وحول التأثيرات الاقتصادية للخطوة الجزائرية، يرى سليماني أن الجزائر "دولة مستقطبة للاستثمارات، وهي الضامنة للأمن والاستقرار في المنطقة وكذلك لأمن الطاقة الأوروبي"، مشيرًا إلى أن الجزائر تزود إسبانيا بـ42% من احتياجاتها من الغاز.

ويؤكد سليماني أن الاتفاقية مع إسبانيا لتزويدها بالغاز هي اتفاقية طويلة الأمد، قائلاً: "الجزائر تريد أن تعود إسبانيا لسابق موقفها وأن تسوى قضية إقليم الصحراء في أطرها القانونية والدبلوماسية وفق قرارات الأمم المتحدة". 

الحاجة للتعاون

من جانبها، ترى الصحافية الإسبانية كريستسنا ماس أن مدريد اتخذت قرارًا صعبًا في هذا الأمر المعقد لأن الدولتين ذات سيادة ولديهما مشاكل مع بعضهما البعض، في إشارة إلى الرباط والجزائر.

وتشير في حديث إلى "العربي"، من برشلونة، إلى أن الصراع بين الجزائر والمغرب "تصاعد في السنوات الأخيرة"، معتبرة أن مسألة قضية إقليم الصحراء "تجمدت خلال الأشهر الأخيرة مما جعل مدريد في موقف لا تحسد عليه".

وتلفت ماس إلى أن مدريد بحاجة إلى "التعاون المغربي من خلال التحكم بالهجرة، إضافة إلى أنها بحاجة إلى الجزائر للمشكلات نفسها"، لذلك "تحاول أن تبقي على المعاهدات والاتفاقيات مع الدولتين باعتباره أمرًا مهمًا للحكومة الإسبانية". 

لكن ماس ترى أن رئيس الوزراء الإسباني "لم يتخذ هذا الموقف لولا دعم البرلمان في موالاته لموقف المغرب وإنهاء الخلافات معها" حول قضية الصحراء.

وإذ تعتبر أن "إسبانيا قد وضعت في هذا الصراع" ولن تستطع أن تحقق العلاقة "الجيدة" التي تحتاجها مع كل من المغرب والجزائر، ترى ماس أن "مشكلة الغاز قد لا يكون لها أيّ تأثير الآن" في ظل هذه الأزمة الحالية، لافتة إلى أن هذا الملف بالتحديد سيتأثر مستقبلاً وعلى المدى الطويل. 

وتقول ماس: "إسبانيا تعلم أن الجزائر لا تحتاج لها لتبيع لها غازها وقد مددت مشاريعها مع إيطاليا ودول أوروبية أخرى". 

دوافع تغير الموقف الإسباني

وحول دوافع إسبانيا لقرارها، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن ريتشارد تشاردي أنه من الضروري التفكير في تداعيات الحرب الأوكرانية والتوجه الأميركي القوي لدعم المغرب في الحكم الذاتي لإقليم الصحراء.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من واشنطن إلى ضرورة أخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار في ضوء النقص في إمدادات الوقود، ومحاولة الولايات المتحدة استثمار هذا الأمر للتواصل مع الخصمين والتفاوض معهما لحل أزمة الوقود، فإن أي قرار سياسي سيتأثر في تطورات الأزمة الأوكرانية. 

ويعتبر تشاردي أن الجزائر مهمة جدًا عند الحديث عن "الإرهاب بمنطقة الساحل والصحراء".

ويرى أن الجزائر تعتبر أن إسبانيا تراجعت عن موقفها من الحياد. كما يعتبر تشاردي أن ما ينبغي أن تفكر فيه مدريد هو احتمالية أن يكون هناك إستفتاء يحدد من خلاله سكان إقليم الصحراء مصيرهم، مشيرًا إلى ضرورة بناء الثقة بين الجزائر وإسبانيا انطلاقًا من النقاط التي تتفقان عليها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close