الأربعاء 1 مايو / مايو 2024

الجلوة العشائرية في فلسطين.. بين التداعيات المجتمعية والأهداف الإسرائيلية

الجلوة العشائرية في فلسطين.. بين التداعيات المجتمعية والأهداف الإسرائيلية

Changed

حلقة خاصة من "عين المكان" تلقي الضوء على الجلوة العشائرية في فلسطين وتأثيراتها على المجتمع.
ترتفع أصوات كثيرة من قبل مؤسسات المجتمع المدني أو الحقوقيين والحقوقيات بضرورة إجراء مراجعة للجلوة العشائرية، خصوصًا بسبب تأثيراتها السلبية على حقوق المواطنين.

اعتمد الفلسطينيون على مر العقود الماضية وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي على رجال الإصلاح والقضاء العشائري في حل خلافاتهم المتنوعة، وحتى اليوم لا يزال يتم اللجوء إلى "الجلوة العشائرية" كأحد تطبيقات القضاء العشائري.

وفيما يرى البعض فيها تأثيرًا سلبيًا على السلم الأهلي وانتهاكًا للحقوق الأساسية للفرد وكذلك مخالفة للشريعة الإسلامية والقوانين الفلسطينية، يجد آخرون أنها جزءٌ أصيل من السلم المجتمعي والثقافة العشائرية المكونة للنسيج المجتمعي الفلسطيني.

وبين مؤيدٍ ومعارضٍ، تبقى الجلوة العشائرية محط اهتمام واسعٍ، خاصة في ظل تصاعد وتنامي حوادث القتل بالضفة الغربية في الآونة الأخيرة.

ما هي الجلوة العشائرية؟ 

ويعرّف أبو عماد الجهالين مسؤول دائرة السلم الأهلي في محافظة القدس الجلوة العشائرية على أنها مفهوم "لتهدئة النفوس" بحسب القضاء العشائري، الذي يقضي بأن يبتعد الجاني في حال حدوث عمل جرمي عن العشيرة أو المنطقة لمدة 7 سنوات إلى حين هدوء غضب أهل الضحية.

ويكون مسموحًا لأهل المجني عليه خلال 3 أيام الاعتداء والقتل وتحطيم ممتلكات كردة فعل على الجريمة الحاصلة، بينما تكون عائلة الجاني خارج المنطقة أو مسرح القضية حتى يمنع عليهم النقاش في الحادثة، وفق الجهالين.

بدوره يرى عمار دويك مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن الجلوة العشائرية عقوبة جماعية مبطنة تطال ليس فقط المتهم وإنما أيضًا عددًا كبيرًا من أفراد عائلته، وقد تصل إلى عشرات ومئات الأشخاص الذين يجبرون على ترك مساكنهم والخروج من قراهم بسبب جريمة لم يرتكبونها هم شخصيًا.

فيجد الكثير من المعارضين للجلوة العشائرية أنها عقاب جماعي بحق العائلات التي تصدر ضدها الجلوة، بخاصة في الجانب المادي والمعنوي إضافة إلى ما تلقاه العائلة من ظروف معيشية قاسية بعد تركها لمنازلها وأماكن عيشها.

فيما يرى بعض القائمين عليها، أنها تأتي في إطار تجنب وقوع حوادث أخرى وبخاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم القتل، ويعتبرون أن الجلوة تسعى للحفاظ على السلم الاجتماعي وعدم الانجرار نحو المزيد من سفك الدماء بين العائلات المتناحرة أو في بعض الأحيان داخل العائلة الواحدة.

الجلوة العشائرية في القانون الفلسطيني

بدوره، يؤكد أو زنيد أو زنيد مدير العلاقات العامة والإعلام في الشرطة الفلسطينية أنه في القانون الفلسطيني لا يوجد أبدًا عقوبة تحظّر الإقامة أو الإقامة الجبرية أو الترحيل أو ما شاكل.

ويردف لـ"العربي": "بالعكس التشريع يحظر اللجوء إلى مثل هذا النوع من العقوبات ولكن إذا كان هناك من ترتيبات أخرى يقوم بها أشخاص غير رسميين وغير مكلفين بإنفاذ القانون فهذا من شأنهم".

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد الحالات الخارجة القانون في الأراضي الفلسطينية ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وهو ما ساعد في تزايد حالات الجلوة العشائرية في ظل غياب للمؤسسات القضائية والأمنية بحيث لا تستطيع بعض الجهات الرسمية القيام بدورها خاصة في المناطق التي تخضع لسيطرة الاحتلال.

كذلك يُتهم بعض القائمين على الجلوة العشائرية بالتربح المادي منها، بحيث يلفت كمال أو ملش وهو من أفراد عائلة تم إجلاؤها إنه صدر قرار بحقهم بدفع عطوة عشائرية عبارة عن مبلغ من المال لعائلة المجني عليه، وذهب قسم من المال إلى أحد رجال الإصلاح.

الجلوة العشائرية تغذي سياسات الاحتلال

وفي السياق، ساهم الاحتلال الإسرائيلي بزيادة عمليات القتل في المجتمع الفلسطيني، مستغلًا غياب دور السلطة الفلسطينية في الأراضي التي لا تقع تحت سيطرتها، وبخاصة في العديد من مناطق الضفة الغربية أو في القدس.

هذا الواقع، دفع بوجهاء الإصلاح العشائري لمحاربة الجلوة قدر الإمكان لما للأمر من أهمية في محاربة سياسات الاحتلال الذي يسعى بكل الطرق لفرض التهويد على بلدات القدس وتهجير أهلها ولا سيما في أحياء الشيخ جراح وسلوان والعيسوية وكذلك الأمر في مدينة الخليل وغيرها من مدن الضفة الغربية.

فبدأت ترتفع اليوم الكثير من الأصوات من قبل مؤسسات المجتمع المدني أو الحقوقيين والحقوقيات بضرورة إجراء مراجعة للجلوة العشائرية، خصوصًا بسبب تأثيراتها السلبية على حقوق المواطنين.

هذا إلى جانب تأثيراتها المباشرة على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي، كما هي الحال في حقوق النساء والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

 فبالرغم من عدم وجود سندٍ قانوني للجلوة إلا أن الأجهزة الرسمية لا تزال تراعي بشكل أو بآخر تطبيق إجراءات الجلوة العشائرية، بينما يعاني بعض رجال الإصلاح من مضايقات عديدة يصل بعضها إلى التهديد في القتل.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close