الجمعة 19 أبريل / أبريل 2024

بعد مخرجات لجنة 6+6.. ما مستقبل العملية السياسية في ليبيا؟

بعد مخرجات لجنة 6+6.. ما مستقبل العملية السياسية في ليبيا؟

Changed

فقرة من برنامج "قضايا" تسلط الضوء على الأسئلة حول مستقبل العملية السياسية في ليبيا بعد اجتماعات لجنة 6+6 (الصورة: غيتي)
رغم التوافق الكامل بين أعضاء لجنة 6+6 على سير العملية الانتخابية وتنظيمها، إلا أن القوى السياسية بقيت على انقسامها، ما سيضع الاتفاق على المحك.

ما زال مصير اتفاق لجنة 6+6 حول القوانين الانتخابية يواجه غموضًا، على الرغم من إعلان اللجنة توصلها إلى اتفاق كامل حول القوانين التشريعية والرئاسية، إلا أن تعثر الإعلان عن الاتفاق أكثر من مرة، يظهر عودة ملف الانتخابات إلى دائرة الخلاف الليبية مجددًا.

هذا التوافق سبقه طريق شاق من المبادرات والخطط التي تعثرت واصطدمت بالواقع الليبي بالغ التعقيد، فمنذ انتخاب المؤتمر الوطني التأسيسي في أغسطس/ آب 2012، ظهر الانقسام الحاد بين الفرقاء السياسيين بشأن الرؤية المستقبلية لشكل نظام الحكم وكيفية إدارة السلطة.

ومع انتهاء ولاية المؤتمر التأسيسي، أعلنت مجموعة من الأحزاب والتيارات مقاطعة الانتخابات البرلمانية، والإبقاء على المؤتمر الوطني، ما أشعل جدلًا قانونيًا عاصفًا بين الفرقاء، إذ كان يفترض بهذه الانتخابات أن تختتم المرحلة الانتقالية الثالثة، وتسلم السلطة لجسم منتخب شرعيًا.

مع ذلك، أجريت الانتخابات، وأسفرت النتائج عن جسمين سياسيين يتنازعان شرعية تمثيل الليبيين، أولهما مجلس النواب، والثاني المؤتمر الوطني العام.

وفي الأثناء، أعلن اللواء المنشق خليفة حفتر عن عملية عسكرية في مايو/ أيار من نفس العام، بزعم محاربة الإرهاب والتطرف في بنغازي ودرنة، ليتكرس الانقسام السياسي جغرافيًا بين الغرب والشرق الليبي.

ومع تعقد المشهد الميداني، ظهرت أولى المبادرات في ديسمبر/ كانون الأول 2015، برعاية الأمم المتحدة، وأسفرت عن توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني والمجلس الأعلى للدولة من أعضاء المؤتمر الوطني، والإبقاء على مجلس النواب المنتخب في 2014.

اتفاق الصخيرات في المغرب في 2015
اتفاق الصخيرات في المغرب في 2015 - غيتي

ومع تسلم المبعوث الدولي غسان سلامة لمهامه، أعلن عن الخطة الأممية التي رمت إلى تعديل اتفاق الصخيرات، وتشكيل حكومة موحدة لجمع كل الأطراف، وذلك من خلال عقد مؤتمر مصالحة وطني في سبتمبر/ أيلول 2017.

ومثل المبادرات والخطط السابقة اصطدمت جميعها بالواقع الليبي المرتهن للأطراف الخارجية، بحسب ما قال سلامة وقتها.

وجرت عدة مباحثات بين عامي 2018 و2020 في باليرمو، وغدامس وموسكو وبرلين وباريس، إلا أنها كلها لم تنتج أي توافقات سياسية لحل الأزمة.

ثم جاء فشل مؤتمر جنيف 2021، الذي أجل الانتخابات العامة في البلاد، وشكلت حكومة فتحي باشاغا بتعيين من قبل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ليشعل الصراع ويكرس الاستقطاب بين شرق ليبيا وغربها.

وفي مارس/ آذار الماضي، اقترح عبد الله باتيلي المبعوث الأممي الجديد وضع خريطة طريق جديدة لحل الأزمة وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، واضعًا لها هامشًا زمنيًا محددًا ينتهي بحلول منتصف يونيو/ حزيران الحالي، وحمل الأجسام السياسية الليبية مسؤولية عدم الاستقرار وإطالة أمد الصراع.

الانتخابات الليبية

فالانتخابات الليبية القادمة على محك التوافقات بشأن القوانين الانتخابية، بعد أن خاضت لجنة 6+6، مفاوضات مكثفة على مدار أسبوعين في مدينة بوزنيقة المغربية، ورغم التوافق الكامل بين أعضاء اللجنة على سير العملية الانتخابية وتنظيمها، إلا أن القوى السياسية بقيت على انقسامها، ما سيضع الاتفاق على المحك مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، بحسب متابعين للشأن الليبي.

وفي هذه الظروف، استطاعت اللجنة الصمود لتجاوز العديد من الضغوط التي كانت ستؤدي إلى نسف الاتفاق، خاصة مع بروز أصوات تتهم اللجنة بالخروج عن مهمتها التي تنحصر بالقضايا الخلافية، ولا سيما في ظل الاعتراضات بشأن إلزامية مخرجاتها على جميع الأطراف.

فالسماح لمزدوجي الجنسية والعسكريين ورموز النظام السابق بخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية، بالإضافة إلى زيادة عدد النواب، كانت على رأس القضايا الخلافية، فبالنسبة لترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، فإن الاتفاق يتيح لهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، شرط استقالة العسكريين من مناصبهم وعودتهم إليها في حالة خسروا الانتخابات في الدور الأول.

بينما يشترط تخلي مزدوجي الجنسية عن جنسيتهم الأخرى إذا وصلوا للدور الثاني من الانتخابات، وبهذا تحل مسألة السماح للجميع بالترشح، وهو المبدأ الذي قامت على أساسه لجنة 6+6.

فنيًا، تمكنت اللجنة المشتركة من تحقيق التوافق بشأن تحديد وتوزيع مقاعد مجلسي النواب والشيوخ حسب الدوائر الانتخابية والإجراءات الخاصة بتشكيل واعتماد قوائم الترشيحات.

كما تم الاتفاق على نظام الكوتا بخصوص تمثيل المرأة، وقد انتهى الاتفاق إلى زيادة عدد مجلس النواب لتصل إلى 290 مقعدًا، فيما حدد عدد مقاعد مجلس الشيوخ بـ90 مقعدًا، لتتكون بذلك السلطة التشريعية في البلاد بموجب التعديل الدستوري تحت مسمى مجلس الأمة الذي يضم مجلسي النواب والشيوخ.

ولضمان حسن سير العملية الانتخابية، نص الاتفاق على تعريف التجاوزات الانتخابية وإجراءات الطعون الخاصة بانتخاب رئيس الدولة وكل من مجلسي النواب والشيوخ.

ولم يهمل الاتفاق أيضًا توفير الفرص المتساوية للمرشحين في استخدام وسائل الإعلام الخاصة والعامة.

وبالنظر إلى التفاهمات والاتفاقات الليبية، فإن مخرجات لجنة 6+6 تعد اختراقات نحو حل الأزمة الليبية، شرط أن تجد طريقها إلى التطبيق على أرض الواقع لتشكيل الأجسام السياسية التي تسير بالبلاد نحو المستقبل.

ما الذي يمنع التوصل إلى قوانين ناظمة للعملية الانتخابية؟

وفي هذا الإطار، يوضح مدير مركز بيان للدراسات نزار كركيش، أن لجنة 6+6 عكفت على إصدار القوانين بالتوافق، وكان ذلك وفقًا للتعديل الدستوري الـ13، الذي أصدره البرلمان والذي يقر بأن اللجنة مستقلة بمعنى أن قراراتها ستنفذ بمعزل عن رغبة مجلسي النواب أو الأعلى للدولة أو رأسيهما.

وفي حديث لـ"العربي" من اسطنبول، يشير كركيش إلى أن المخرجات النهائية لم ترشح تمامًا، ولم تكن واضحة، لافتًا إلى أن رئيسي مجلس النواب ومجلس الأعلى للدولة كانا يعرفان هذا الأمر ولكن يبدو أنهما لم يكن لديهما تصور حقيقي لما أقر في اللجنة، فبدأ الخلاف بين عقيلة صالح وخالد المشري.

يتابع أن الطرفين تصورا بأن الأمر قد لا يكون في مصلحتهما، أو قد تكون هناك بعض الثغرات التي ستؤثر على العملية الانتخابية في المستقبل، وحدث جدل وخلاف بينهما في بعض القضايا.

وبشأن الأمور التي يعترض عليها خالد المشري وعقيلة صالح، يوضح كركيش أن المشري راعى وتأنى في البت في بعض النقاط التي تتعلق بقانون الانتخابات، خاصة موضوع مزدوجي الجنسية، أما عقيلة صالح فكان راضيًا عن قضية الجنسية بل أراد المزيد، مشيرًا إلى أنه كان معترضًا على توزيع المقاعد في البرلمان.

ويرى كركيش، أن ليبيا وصلت إلى قوانين غير قابلة للتطبيق، والمسألة ليست في إصدار التشريعات، بل في تطبيق هذه التشريعات وإمكانية حدوث توافق حولها، وهذا لم تنجح فيه هذه اللجنة لأنه لم يكن لديها فكر فلسفي يجعل القوانين قابلة للتطبيق.

وفيما يلفت إلى أن القضية الليبية مهمة جدًا، لأن ليبيا ستكون جوهرية فيما يحدث في السودان ومجموعة فاغنر والطاقة، يشير إلى أن كل الأنظار تتجه نحو البعثة الأممية لأن الجميع لم يستطع التوصل إلى حل.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close