الأربعاء 1 مايو / مايو 2024

بين تصريحات العسكر وضغوط الشارع.. ما هو أفق تسليم السلطة في السودان؟

بين تصريحات العسكر وضغوط الشارع.. ما هو أفق تسليم السلطة في السودان؟

Changed

"حلقة جديدة من "للخبر بقية" تسلط الضوء على سبل حل معضلة تسليم السلطة في السودان (الصورة: غيتي)
لم تغير تصريحات قادة الجيش من واقع الشارع شيئًا، فهو يتظاهر باستمرار ولا يهدأ، ويريد السلطة للشعب ويريدها "مدنية".

تعاقبت بيانات من المؤسسة العسكرية في السودان، حيث تجمع كلها على أنّ السلطة للمدنيين وحدهم، ولكن لا مكان للجيش فيها، فـ"السلطة أمانة في عنق الجيش وتسلم تلك الأمانة لن يكون إلا لحكومة منتخبة"، بينما الشارع في السودان منتفض لا يهدأ ويريدها حكومة مدنية. أما الحوار فما زال تائهًا.

"رسالتنا واضحة جلية" قالها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان فنائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وعاد مستشار البرهان ليؤكدها، "نحن لن نبقى في السلطة، سنسلمها رئاسة وحكومة لمكون مدني".

"ملتزمون" بترك السلطة

المؤسسة العسكرية ملتزمة إذًا باعتزال العمل السياسي، هي فقط تحمل على عاتقها أمانة تريد تسليمها بكل ما أوتيت من رغبة، لكن التسليم له شروط يحدد مستشار البرهان في أنّ تكون السلطة منتخبة، أما الفترة الانتقالية فلا مجال لوضع اليد عليها بـ"الاحتيال السياسي".

تصريحات حميدتي أكّدت المؤكدة وكررته فلا تباين في موقف المؤسسة العسكرية، مجددًا "ملتزمون" بترك السلطة ونقل الحكم للمدنيين وسيكون لهم - أيّ المدنيين - حق اختيار مجلسي السيادة والوزراء، لكنّ التوقيت لم يذكر في هذا السياق.

ولم تغير هذه التصريحات من واقع الشارع شيئًا، فهو يتظاهر باستمرار ولا يهدأ، وتصريحات الجيش لا تطمئنه، فهو يريد السلطة للشعب ويريدها "مدنية" والموعد هو الفيصل.

دلالات تكرار المواقف

وتعليقًا على تصريحات المؤسسة العسكرية، يشير الأستاذ في الأكاديمية للعليا للدراسات الإستراتيجية والأمنية المعتصم عبد القادر حسن إلى أنّ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قد أصدر قرارًا في 4 يوليو/ تموز الماضي بانسحاب المؤسسة العسكرية من السلطة وتسليمها للمدنيين، والاكتفاء بمجلس للأمن والدفاع.

ومن الخرطوم، يرى حسن أن "تأكيد هذه القرارات من قبل نائب رئيس مجلس السيادة، يأتي لصد محاولات بعض القوى للاصطياد بين مكونات المؤسسة العسكرية"، على حد قوله.

ويضيف في حديث مع "العربي": "يعتقد البعض أنه عندما يصرّح البرهان أو يصدر تصريحًا من مستشاره أو الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، أن أطرافًا أخرى داخل المؤسسة العسكرية ضدها".

ويؤكّد الأستاذ الأكاديمي في هذا الصدد، أن المؤسسة العسكرية هي مؤسسة تراتبية وتصدر فيها القرارات بصورة هرمية، والجميع يلتزم بها.

"طرف غير جاد"

في المقابل، يعتقد شهاب إبراهيم الطيب الناطق باسم قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي، أن بعض التصريحات تكون ناتجة بسبب ضغوط داخلية وخارجية، "ولا يمكن أن تقرأ في كثير من الأحيان إلا في إطار محاولة المراوغة وكسب المزيد من الوقت".

لكن الطيب لفت في الوقت عينه، إلى أن ما يصدر من البرهان وما يعقبه من حميدتي حول مغادرة العسكريين للحياة السياسية، هو إشارة واضحة إلى أنّ هناك "طرفًا آخر غير جاد" داخل المؤسسة العسكرية.

تاليًا، يعتبر أن ما خرجت به المؤسسة العسكرية حتى الآن "قد يكون دليلًا على أن هناك تنافسًا بين قادة الانقلاب في الطموح للاستيلاء على السلطة، وتحديدًا بين حميدتي والبرهان".

جانب من الاحتجاجات المستمرة في الشارع السوداني للمطالبة بالحكم المدني - غيتي
جانب من الاحتجاجات المستمرة في الشارع السوداني للمطالبة بالحكم المدني - غيتي

"قراءة خاطئة" من الجانب المدني

أما عن "النية الفعلية" للعسكر بمغادرة المشهد السياسي، فيشدد عثمان الميرغني رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية على أنه "في السياسة ليس هناك نوايا فهناك حركة مستمرة فيها الكثير من المعادلات التي تتطلب دائمًا أن يكون هناك قراءة دقيقة لرقعة الشطرنج السياسي ومعرفة موقع كل فعل ورد فعل".

ويضيف الميرغني في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، أنه من الواضح أن قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي "لم يقرأوا المشهد بصورة دقيقة"، فهناك عدم قدرة على معرفة ما هو مصدر هذه القرارات التي صدرت من المكون العسكري، مثل بيان 4 يوليو.

فالخروج من الملعب السياسي لم تكن بإرادة البرهان، على حد وصف رئيس تحرير صحيفة التيار السودانية، الذي أكد على أن الشارع لا يزال هو "ورقة الضغط الأقوى" في كل المشهد السياسي السوداني، بالإضافة إلى تأثير المجتمع الدولي.

ويخلص إلى أنه "كان من المفروض من جانب القوى السياسية أن تختبر هذا الالتزام عمليًا عوض التعويل على النوايا".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close