الجمعة 10 مايو / مايو 2024

تحديات ومعارضة برلمانية قوية.. ماذا بعد فوز دا سيلفا برئاسة البرازيل؟

تحديات ومعارضة برلمانية قوية.. ماذا بعد فوز دا سيلفا برئاسة البرازيل؟

Changed

ناقش "للخبر بقية" فوز اليساري لولا دا سيلفا في الانتخابات الرئاسية البرازيلية والتحديات التي تواجهه (الصورة: غيتي)
ما هي التحديات التي تواجه الرئيس البرازيلي المُنتخب اليساري لولا دا سيلفا، في ظل أزمة اقتصادية ومعارضة برلمانية قوية متمثلة في حلفاء بولسونارو.

عاد لولا دا سيلفا رئيسًا للبرازيل منتصرًا مرتين. مرة بهزيمته لمنافسه جايير بولسونارو، وإن بفارق بسيط، وأخرى بتأكيده رغبة الشعب في اختياره، رغم محاولات تشويه سمعته وسجنه بتهم الفساد، ثمّ تبرئته.

لفوز دا سيلفا نكهة أقوى برأي أنصاره، لأنه جاء على وقع سقوط بولسونارو، لا سيما وأن البرازيل لم تعتد هزيمة أو تغيير رئيس من دون مروره بولاية ثانية.

يدخل دا سيلفا مقرّه الرئاسي مجددًا بموكب السلام والوحدة، كما يقول في خطابه. لكن عودته القوية أمامها تحديات داخلية ضخمة.

الفارق الضئيل لفوز دا سيلفا يؤكد أن حالة الانقسام حادة في البلاد، وأن كل التركة السياسية والاقتصادية التي تركها له بولسونارو تكبّله لحين تنظيفها.

ومع ذلك، يسود التفاؤل بأن "البرازيل عادت"، كما قال دا سيلفا.  عادت إلى مواجهة أزمة تغيّر المناخ، حيث تحظى غابات الأمازون بفرصة تنفّس الصعداء.

ويعني فوز دا سيلفا مسارًا اقتصاديًا يقوم على الحد من الفقر، وأزمة الغذاء، وإصلاحات ضريبية، وتجارة عالمية عادلة، لا تجعل بلاده في صدارة الدول المصدّرة للمواد الخام.

وعلى غرار وعود دا سيلفا المكتوبة بنصوص من الإيجابية، انهالت ردود الفعل العالمية بلسان التفاؤل والأمل. ولم يُشكّك أحد بنزاهة الانتخابات، وديمقراطية نتائجها، كما جرت العادة.

تنحّى التشكيك من رؤساء ورسائل الزعماء المهنئة، رغم أن دول أميركا اللاتينية أكملت حبّات طوقها اليساري بفوز دا سيلفا.

لكن صمت بولسونارو، وعدم تعليقه على النتائج، بفتح الباب أمام احتمالات عدة، لا سيما وأن الرجل سبق وقال إن الانتخابات لن تُسفر إلا عن ثلاث نتائج: الفوز، أو القتل، أو القبض عليه.

ويرى بولسونارو في الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مثالًا أعلى ونموذجًا يُحتذى.

المهداوي: دا سيلفا يحمل تركة ثقيلة من بولسونارو

وأوضح محمد المهداوي، الصحافي المختصّ بشؤون أميركا اللاتينية، أن البرازيل شهدت صراعًا واستقطابًا كبيرين خلال الانتخابات، مشيرًا إلى أن دا سيلفا يعود بتركة ثقيلة، وبتآزر كبير من أطياف شعبية وعمّالية ونقابية، وطبقة وسطى متصاعدة في ظل التضخّم.

وقال المهداوي، في حديث إلى "العربي"، من ساو باولو، إن دا سيلفا يواجه حزمة من المصاعب، على غرار تداعيات أزمة كوفيد 19، والتضخّم الاقتصادي، والانقسام الكبير بين الفريقين اليساري واليميني.

وأوضح أن ثلاثة أرباع الأصوات التي صوّتت لصالح المرشّحين الآخرين في الدورة الأولى من الانتخابات، صبّت لصالح دا سيلفا في الجولة الثانية، في مؤشر على الاستقطاب السياسي الذي ساد هذه الانتخابات.

وأشار إلى أن دا سيلفا اختار نائبه من اليمين الوسط من أجل طمأنة كافة مؤيدي بولسونارو أو اليمين، حول إنه سيُراعي هذا التنوّع.

فيتزباتريك: بولسونارو وترمب متشابهان

من جهته، أشار مارك فيتزباتريك، الباحث في المعهد الدولي للدراسات السياسية، إلى تشابه وضعي بولسونارو وترمب، حيث إن كلاهما لم يكترثا بالبيئة، وكانا متشدّدان إزاء الأمور الدينية، وكلاهما أشارا إلى خسارتهما فقط في حال حصول تزوير أو احتيال في الانتخابات.

وقال فيتزباتريك، في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، إنه كان قلقًا من أن يحذو بولسونارو حذو ترمب ويزعم حصول تزوير، لكنّه لم يفعل ذلك حتى الآن.

واعتبر أن الانقسام في الولايات المتحدة عميق وإشكالي، بحيث يكاد من المستحيل سد هذه الفجوة، مضيفًا أن بايدن فشل في توحيد الشارع الأميركي رغم وعوده بذلك، ناهيك عن مسؤولية خصمه وعدم اكتراثه لهذا الأمر.

ورجّح أن يخسر الحزب الديمقراطي أحد المجلسين على الأقل، وربما سيخسرهما معًا في هذه الحال سيكون من الصعب على بايدن تمرير أي تشريعات جديدة.

وأوضح أن بايدن مسرور بفوز دا سيلفا لأنه مؤشر على أنه يمكن أن يُكتب لليساريين البقاء في سدة الرئاسة، والتغلّب على معارضي السياسات اليمينية.

أمتكاي: التغيير انتصر في البرازيل وأميركا

بدوره، أوضح عبد الكريم أمتكاي، الأستاذ المساعد في معهد الدوحة للدراسات العليا، أن التغيير هو الذي انتصر في الانتخابات البرازيلية الحالية والأميركية السابقة، مشيرًا إلى أن جائحة كوفيد 19 والأزمة الاقتصادية أوجدتا ظروفًا ملائمة ورغبة جامحة لدى شعبي البلدين في نوع من التغيير، ونمط مختلف عن النمط الذي ميّز طريقة الحكم في البلدين في عهد ترمب وبولسونارو.

وقال أمتكاي، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إن ترمب وبولسونارو اعتمدا نهج التقسيم المجتمعي، الذي لم تشهد مثله الحياة السياسية في البلدين، مضيفًا أن بولسونارو اعتمد في نمطه الخطابي اللغة المنحطة، أو السباب، وهو أمر لم يعتده المواطن البرازيلي على مستوى رجال الدولة.

وأشار إلى أن بولسونارو "بعيد كل البعد" عن أن يكون "حالة استثنائية"، لأن الظاهرة الشعبوية في أميركا اللاتينية مترسّخة إلى حد ما في الحياة السياسية، خاصّة أن الشعبوية تجد سبلًا للتطوّر والنجاح في مجتمعات تنعدم فيها الثقة بالسياسيين.

وأعرب عن اعتقاده أن الدول التي تضمّ الشعبوية اليمينية التي كانت من أوائل المهنئين بفوز دا سيلفا، تحاول إيجاد الأمل في أن تراجع اليمين الشعبوي في دول أخرى مؤشر على تراجع محتمل لليمين الشعبوي فيها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close