أثار استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على شركة "تويتر" مخاوف حول خصوصية المستخدمين، خاصّة أن التغريدات المباشرة على التطبيق ليست مشفّرة، مما يعني أنها أقل أمانًا وربما يسهل على الأشخاص داخل الشركة عرضها، لأنها لا تتطلب مفتاح تشفير.
وفي هذا الإطار، قدّمت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بعض النصائح بشأن ما يجب فعله وعدم فعله بعد الصفقة وسيطرة ماسك على "تويتر".
ما الذي يمكن أن يحدث بالفعل؟
قد يستغرق الأمر ما يصل إلى ستة أشهر قبل أن يتمّ إبرام الصفقة، ويتولى ماسك السلطة على تويتر. لكن الأشخاص الذين يستخدمون تويتر بشكل مجهول لتوصيل معلومات حساسة، أو الذين يشعرون بالقلق إزاء زيادة خطر التحرّش أو التنمّر عبر الإنترنت، يفكرون بشكل معمق بشأن الطريقة التي يجب أن يتصرفوا بها الآن.
واعتبرت الصحيفة أن اهتمام ماسك بفتح تويتر أمام حرية التعبير قد يعني قواعد أكثر مرونة للإشراف على المحتوى وإنفاذه، مما يترك المستخدمين عرضة لمزيد من المضايقات أو المعلومات المضللة.
كما تثير رغبة ماسك في أن يقوم تويتر "بمصادقة جميع البشر الحقيقيين" تساؤلات عن كيفية تعامل المنصة مع الحسابات المجهولة، التي ينقل بعضها معلومات وتسريبات حساسة. وبصفته مالكًا لتويتر، سيتمكن ماسك، من الناحية النظرية، من الوصول إلى ثروة البيانات التي جمعتها الخدمة عن مستخدميها على مر السنين.
مخاوف أميركية من التضييق على حرية التعبير ونشر خطاب الكراهية بعد استحواذ #إيلون_ماسك على منصة #تويتر تقرير: عبد الله إيماسي pic.twitter.com/FVqtPP6Oyr
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 27, 2022
وبشكل افتراضي، يحفظ تويتر تغريداتك، وتسجيلات الإعجاب، والرسائل المباشرة (الرسائل الخاصة)، وقوائم المتابِعين، وأولئك الذين تتابعهم. كما يحتوي على معلومات حول جميع جهات الاتصال الخاصة بك من دفتر عناوين هاتفك إذا منحته حق الوصول لتلك القائمة، بالإضافة إلى تفاصيل حول الإعلانات التي نقرت عليها.
ويُستخدم تويتر من قبل النشطاء والمبلغين عن المخالفات والمعارضين السياسيين، فضلًا عن الأشخاص العاديين، الذين يخشون أن يُسيء ماسك استخدام معلوماتهم أو يُسيء التعامل معها.
نسخ التغريدات احتياطيًا
إذا كنت تفكر في مغادرة الموقع، أو لست متأكدًا مما سيحدث، ولكنك تريد أن تكون مستعدًا، فيمكنك البدء بإنشاء نسخة احتياطية من جميع تغريداتك القديمة. ويقدّم تويتر خيار النسخ الاحتياطي في الإعدادات: أنقر على "حسابك"، ثم "تنزيل أرشيف لبياناتك".
وبعد الانتقال عبر بعض التعليمات الأمنية، ستتمكّن من تنزيل معلوماتك على شكل ملف مضغوط (zip file). وعادة ما توفر أدوات حذف التغريدات المصنوعة من جهات غير تابعة لتويتر ميزات النسخ الاحتياطي أيضًا.
حذف التغريدات
بمجرد إجراء نسخ احتياطي للبيانات بأمان، يمكنك حذف التغريدات إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام الموقع مع تقليل البيانات الموجودة عليه.
يتيح "تويتر" حذف تغريدة واحدة فقط في كل مرة، ولا يحتوي على ميزة مضمنة للحذف بشكل جماعي أو وفقًا لجدول زمني. ولذلك تُوصي الصحيفة باستخدام أداة تابعة لجهة خارجية مثل "Tweetdelete.net".
ويمكن تغيير الأداة لحذف التغريدات وفق تاريخها، أو حذفها جميعًا مرة واحدة، ويمكنها أيضًا حذف جميع الإعجابات القديمة.
وعلى الرغم من أن تويتر يؤكد أن التغريدات المحذوفة "لن تكون متاحة للجمهور"، لكن من غير الواضح كم من الوقت يتمّ حفظها على الخوادم، وبالتالي يمكن للشركة الوصول إليها. كما يحتفظ تويتر أيضًا بأي تغريدات اقتباس تعرض منشورك الأصلي، لذلك ستبقى هذه التغريدات موجودة.
حذف الحساب
إذا قررت عدم استخدام تويتر، فيمكن حذف الحساب. لكن الصحيفة تشير إلى وجود بعض المحاذير، إذ سيحتفظ تويتر ببياناتك لمدة 30 يومًا على الأقل في حالة غيرت رأيك ورغبت في إعادة تنشيط الحساب، وسيبقى بعض المحتوى، مثل الرسائل المباشرة المرسلة إلى الآخرين.
ولحذف حسابك، انتقل إلى "الإعدادات والخصوصية" (Settings and privacy )، ثم "حسابك" (Your account)، ثم "إلغاء تنشيط حسابك" (Deactivate your account). حدد 30 يومًا لفترة إعادة التنشيط وانقر على "إلغاء التنشيط" (Deactivate). وعندها فقط، يقول تويتر إنه سيزيل بياناتك من أنظمته.
على وقع عرض إيلون #ماسك شرائه.. ماذا تعرفون عن منصة التواصل الاجتماعي "تويتر"، وكم ينشط عليها من المستخدمين يوميا؟#قضايا pic.twitter.com/G85WgOsIqi
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 23, 2022
التوقف عن استخدام الرسائل المباشرة على تويتر
منذ سنوات، دعا خبراء الخصوصية والأمن "تويتر" إلى تشفير الرسائل المباشرة، لكن الشركة لم تقم بذلك، والنتيجة هي "كنز مكشوف بشكل غير عادي من الاتصالات الحساسة".
كما دعا بعض المستخدمين والمشرعين الأميركيين، مثل السيناتور الديمقراطي رون وايدن التطبيق إلى إضافة تدابير خصوصية أكثر صرامة، أو خيارات لحذف الرسائل المباشرة قبل إتمام عملية البيع.
وإذا كنت قد استخدمت رسائل البريد المباشر على تويتر لإجراء محادثات خاصة، فيمكنك حذف رسالة فردية من حسابك، ولكنها ستظل موجودة للأشخاص الآخرين في المحادثة وأيضًا على خوادم تويتر. ومع ذلك، فإذا قام كلا الطرفين بحذف نفس الرسائل، فستُحذف الرسائل من أنظمة تويتر.
قفل إعدادات الخصوصية
يمكن لتويتر تحت قيادة ماسك تخفيف القواعد المتعلقة بالتحرش والتنمّر، ونوعية المنشورات المسموح بها. ولسنوات، عملت الشركة على محاولة معالجة مشاكلها المتعلقة بالتنمر وخطاب الكراهية والمحتوى غير اللائق بإعدادات وقواعد جديدة.
ويمكن لمستخدمي تويتر الذين يشعرون بالقلق بشأن ما يحدث إذا تم عكس هذه المكاسب البدء بتطبيق أقوى وسائل الحماية المتوفرة حاليًا.
الخيار الأكثر تطرفًا هو تخصيص حسابك، وقفل التغريدات حتى يتمكن متابعوك فقط من رؤيتها. ثم انتقل إلى "الإعدادات والخصوصية" (Settings and privacy)، ثم "الخصوصية والأمان" (Privacy and safety)، ثم "الجمهور ووضع العلامات" (Audience and tagging)، ثم حدد "حماية تغريداتك" (Protect your tweets).
ويمكن أيضًا حظر الحسابات المؤذية أو منعها من التعليق على التغريدات.
وسط مخاوف بشأن حرية التعبير.. هل يفي #إيلون_ماسك بوعوده بعد استحواذه على #تويتر؟#شبابيك تقرير: نسرين طرابلسي pic.twitter.com/7XrNNLrzvK
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 26, 2022
للظهور العلني مع تقليل الردود الإشكالية على تغريداتك، انتقل إلى "الإعدادات والخصوصية" (Settings and privacy)، ثم "الخصوصية والأمان" (Privacy and safety)، ثم "كتم الصوت وحظره" (Mute and block)، ثم "كتم الإشعارات" (Muted notifications). وهنا، لديك قائمة بخيارات التنبيهات التي يمكنك تجاهلها، مثل الأشخاص الذين لم يؤكدوا بريدهم الإلكتروني أو الحسابات الجديدة. ويرتبط "قسم الكتم والحظر" (Mute and block section) أيضًا بأدوات الطرف الثالث المفيدة مثل "حظر طرف ما" (Block Party)، الذي يحتوي على قوائم بالحسابات التي يمكنك حظرها جماعيًا.
المعلومات المضللة
وقال الخبراء إن أحد الآثار الجانبية المحتملة الأخرى لتويتر تحت قيادة ماسك، قد يكون زيادة المعلومات المضللة. ومن المعروف أن ماسك نفسه يغرّد بمعلومات مضلّلة أحيانًا.
ولذلك، أوصت الصحيفة بالتفكير دائمًا قبل إعادة التغريد، خاصة التغريدات التي قد تؤدي إلى استجابة عاطفية، وبمتابعة المؤسسات الإخبارية ذات السمعة الجيدة ومراسليها والمصادر الأخرى ذات السمعة الجيدة على تويتر.
يمكنك إنشاء قائمة لهم خاصة بك أو متابعة قائمة شخص آخر. وإذا تم نشر شيء مثير للجدل من قبل أحد الأفراد، فحاول تتبعه وصولًا إلى مصدر الأخبار أو البحث الأصلي. ولا تعد تغريد أشياء لا يمكنك تأكيدها أو لا ترتبط بالمصدر.
كما دعت إلى استخدام مواقع التحقّق من الحقائق وعمليات البحث العكسي عن الصور، ويمكنك- على الأقل في الوقت الحالي- البحث عن قائمة التحذيرات الخاصة بتويتر بشأن المحتوى الذي قد يكون معلومات مضللة.
الانتقال إلى شبكة اجتماعية مختلفة
واعتبرت الصحيفة أنه ليس من السهل الانتقال إلى موقع آخر يشبه "تويتر"، نظرًا لوجود عدد قليل من خدمات وسائل التواصل الاجتماعي التي تتمتع بالمزيج ذاته من الأسماء الكبيرة التي تُنشر عليها.
وبالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى العثور على بديل عن "تويتر" للهروب من سيطرة ماسك، هناك خيارات محدودة. ويمكن للأشخاص نقل المحادثات مرة أخرى إلى "فيسبوك"، الذي بدأت قاعدة مستخدميه في الانخفاض، وحيث لا تكون الأخبار في الوقت الفعلي أولوية للخوارزمية. كما تشمل الخيارات الرئيسية الشائعة الأخرى "ريديت" (Reddit) وخدمات مثل "ديسكورد" (Discord).
وهناك مواقع متعثرة مثل "Gettr" و"Gab" و "Parler" و "Truth Social" المملوكة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لكن هذه المواقع تروّج بالفعل لحرية التعبير باعتباره مبدأ أساسيًا، وهي مليئة بأيديولوجية اليمين المتطرف.
ومع ذلك، فإن بعض الناس يضغطون من أجل بدائل لشركات التكنولوجيا الربحية المعتادة، حيث يحتفظ المستخدمون بسلطة أكبر، على غرار "فيديفيرس" (fediverse) ، وهي ليست شركة واحدة، ولكنها مصدر مفتوح يمكن أن تتفاعل معه المواقع الاجتماعية الصغيرة.
في "فيديفيرس"، تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي لامركزية، وتستخدم مجموعة مترابطة من الخوادم للتواصل مع بعضها البعض. وهذا يُلغي الحاجة إلى شركة شاملة واحدة للتحكم في الشبكة، وتعيين سياسات محتوى ذات مقياس واحد يناسب الجميع ويجدها الآخرون مزعجة.
كما ظهر "ماستودون" (Mastodon) باعتباره شبكة اجتماعية بديلة. وتم إطلاقه عام 2016، وهو عبارة عن منصة تدوين صغيرة لا مركزية ومفتوحة المصدر تشبه "تويتر".
وفي مثل هذه المواقع، يمكن للمجتمعات تحديد نوع المحتوى الذي تريد السماح به أو رفضه. ويلاحظ الخبراء والمستخدمون الحاليون أن التحدي الأكبر الذي يواجه البدائل السائدة هو الحصول على عدد كافٍ من المستخدمين، وإعادة إيجاد شعور بالمجتمع يجده الناس ممتعًا أو ذا فائدة.