الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

حركة طالبان "تمتهن" السياسة.. هل نضجت بما يكفي لتقبّل التعددية؟

حركة طالبان "تمتهن" السياسة.. هل نضجت بما يكفي لتقبّل التعددية؟

Changed

تعيش أفغانستان الأيام التالية لدخول حركة طالبان العاصمة كابل، على وقع السؤال الصعب: كيف ستحكم الحركة البلاد وبأيّ طريقة ستدبّر شؤون الأفغان؟

مرة أخرى، يتداعى نظام للحكم في كابل، وتخشى أفغانستان أن تُترَك نهبًا للفراغ والفوضى، بعدما عادت حركة طالبان من الميدان، لتقف وجهًا لوجه، لا في تحدّي خصومها، بل لمواجهة أعباء بناء دولة لأمّة أفغانية واحدة.

بذاك الطموح على الأقلّ يوحي الحراك السياسي لقادة الحركة، في ضوء مشاورات أطلقوها في أكثر من اتجاه، آملين أن تنتهي بإعلان تشكيل حكومة في غضون أسبوعين، وبتقديم شكل النظام السياسي الذي لا تُعرَف ملامحه بعد.

يبدو "الثابت" حتى الآن، وفقًا لما تقوله حركة طالبان نفسها، أنّ هذا النظام لن يقتدي بالديمقراطية وفق التعريف الغربيّ، بل يستلهم الشريعة نموذجًا، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول صورة النظام السياسي الذي تريده الحركة فعليًا.

أكثر من ذلك، هل نضجت الحركة بما يكفي لتقبّل التعدّدية السياسية أم أنّ تعهداتها بهذا الشأن محض مناورة مؤقتة وفق ما يقول البعض؟ وكيف سينظر الخارج ويتعامل مع أي سلطة تحت حكم طالبان في أفغانستان؟

بأي طريقة ستدبّر طالبان شؤون الأفغان؟

هكذا إذًا، تعيش أفغانستان الأيام التالية لدخول حركة طالبان العاصمة كابل، على وقع السؤال الصعب: كيف ستحكم الحركة البلاد وبأيّ طريقة ستدبّر شؤون الأفغان؟

قبض مقاتلو الحركة على الحكم بالسلاح وحدهم، لكن الحركة تقول إنّها لن تدبّر شأن الحكم دون الآخرين. لكن يُجهَل إن كانت راغبة في الشراكة بالسلطة، دون قسمتها.

على طاولة المفاوضات، بدأ المقاتلون يمتهنون السياسة. يقول هؤلاء إنّهم راغبون الآن في البناء على ما تراكم في سنوات كانوا فيها مطارَدين.

لعلّ هذا ما يُفهَم أيضًا من وصول الملا برادر إلى كابل، حيث بدأ مشاورات فيما يبدو مع الجميع، من أعداء الحركة القدامى، إلى الحكومة السابقة، مرورًا بالقادة الدينيين وزعماء القبائل والمجموعات المسلحة.

لكن، فيما يبدو شاغل طالبان في هذه الأيام إقناع الجميع أنّها تغيّرت، يسأل الجميع أيضًا بأيّ درجة ومدى طال ذلك التغيير أدبيّاتها في السياسة ورؤيتها في الحكم.

تغيير جذري أم مجرد مناورات؟

يؤكد الصحافي صبغة الله صابر أنّ حركة طالبان، على ما يبدو، تريد فعلًا انضمام كلّ الأطراف الأفغانية إليها، وتحديدًا السياسيين السابقين والمسؤولين في حكومة أشرف غني.

لكنّ صابر يشير، في حديث إلى "العربي"، من كابل، إلى أنّه لا يدري إلى كانت أدبيّات الحركة الجديدة تعبّر عن "تغيير جذري"، أم أنها محض "مناورات".

ويلفت إلى أنّ السؤال الجوهريّ وسط ذلك، يبقى حول ما إذا كانت حركة طالبان ستسمح للسياسيين الذين أطلقت مشاورات معها بلعب دور فعّال في الحكومة، أم أنّها تسعى لانضمامهم إليهم فقط.

ويرى أنّ ما حصل حتى الآن هو مجرد تبادل لوجهات النظر، موضحًا أنّ قادة طالبان لم يتحدّثوا حتى الآن مع الأحزاب الأخرى حول شكل الحكومة التي ينوون تأليفها، وكيف سيكون نظام الحكم.

كما يلاحظ أنّ حركة طالبان تصرّ في كل الاجتماعات، على لسان قادتها من الدرجة الأولى أو القادة الميدانيين، على أنّ الشريعة الإسلامية هي التي ستحكم عمل الحكومة، متسائلًا عمّا إذا كان كلّ الأطراف يستطيعون السير مع الحركة في هذا النهج.

"مجرمو الحرب" يتجوّلون "أحرارًا" في كابل

في المقابل، يدافع الباحث السياسي روح الله عمر عن حركة طالبان، مشيرًا إلى أنّ "من طالع تاريخ حركة طالبان سيعرف شيئًا واحدًا وهو أنّ الحركة إذا وعدت وفت وإذا أنكرت لم تنحنِ لأيّ ضغوط".

ويذكّر عمر، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، كيف أنّ الحركة أجّلت المفاوضات مع الولايات المتحدة في الدوحة لمدّة ثلاثة أشهر لأسباب مبدئية، ولرفضها القبول ببعض الألفاظ.

ويشير إلى أنّ الحركة عندما أعلنت العفو عن جميع القادة والعسكريين السابقين، اعتقد كثيرون أنّها تناور، أو أنها ربما تريد أن تعطي صورة رائعة للعالم، ثمّ تنقلب عليها، لكن الوقائع على الأرض أثبتت خلاف ذلك.

ويقول عمر: "نشاهد الآن على الأرض في كابل كيف أنّ قادة طالبان يذهبون إلى بيوت الساسة والجهاديين القدامى، وكل هذا يدل على أن الحركة عندما تقول شيئًا تنفذه".

وينفي الباحث السياسي الأفغاني حصول أي اغتيالات أو عمليات انتقامية، لافتًا إلى أنّ "قادة الميليشيات الذين اغتالوا مئات الناس، والذين يُعتبَرون مجرمي حرب، يتجوّلون أحرارًا في كابل نتيجة العفو".

"مرونة" حركة طالبان تمهّد لـ"السيطرة"

أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري، فيرى أنّ حركة طالبان أظهرت حتى الآن مرونة بما يضمن لها السيطرة على مقاليد الأمور في قادم الأيام.

ويؤكد البراري، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، وجود سيناريو يقوم على أنّ كل ما يجري الآن هو في سياق المناورات، لكنه يدعو إلى الانتظار "لنرى شكل الإطار الذي يتحدثون عنه".

وبمُعزَل عن ذلك، يلفت البراري إلى أنّ التصريحات التي تأتي من قبل القادة والحديث عن إطار سياسي شامل، هي مبشّرة، معتبرًا أنّ "الحركة تدرك أنّها لا يمكن أن تقود أفغانستان وتتعامل دوليًا إن أبقت على نفس الأيديولوجيا ونفس الأطر السابقة".

ويقول: "هذه وصفة فشل منذ البداية وهم يعرفون ذلك وقد خبروا خلال 20 عامًا أن تحويل أفغانستان إلى ملاذ آمن للإرهابيين والمتطرفين لن يعود عليهم بالنفع، ولذلك ربما تعلّموا الدرس".

ويتحدّث كذلك عن نوع من الشفافية حين تقول طالبان إنّه لن يكون لديها ديمقراطية وفق النمط الغربي، معتبرًا أنّها "تبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي أنها تريد أن تغيّر نمط الحكم عن الحكم الذي كان سابقًا لكنها أيضًا لا تريد رفع سقف التوقعات لحد الحديث عن إنشاء ديمقراطية ليبرالية غربية".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close