الأحد 28 أبريل / أبريل 2024

سريلانكا ونيران الحرب الخامدة.. فقر وفساد وصراع على النفوذ

سريلانكا ونيران الحرب الخامدة.. فقر وفساد وصراع على النفوذ

Changed

مراسل "العربي" يرصد المشهد في سريلانكا بعد إعلان حالة الطوارئ (الصورة: الأناضول)
شهدت سريلانكا التي عُرفت سابقًا باسم سيلان، حربًا أهلية امتدت لقرابة ثلاثة عقود. ويخشى كثر أن توقد نيران الحرب الخامدة التوترات العرقية والفقر والفساد والتهميش.

عادت سريلانكا إلى دائرة الضوء من باب تطوراتها السياسية، التي تفجّرت تحت وطأة أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد منذ سنوات، وازداد عصفها في الأشهر الأخيرة.

فرّ الرئيس غوتابايا راجابكسا اليوم الأربعاء إلى المالديف بعدما وعد بالتنحّي، فأخلف. ومع ذلك، أنهى فراره حكم عائلته القوية، التي هيمنت على الحياة السياسية على مدى العقدين الماضيين، فتم تعيين رئيس الوزراء رانيل ويكريميسنغه رئيسًا بالإنابة. 

وفيما لم تهدأ التحركات الشعبية الغاضبة، أُعلنت حالة الطوارئ في سريلانكا التي شهدت اقتحام المتظاهرين للمقار الحكومية والمجمع الرئاسي.

الأزمة الاقتصادية في سريلانكا

وكانت الاحتجاجات قد تصاعدت بسبب الأزمة الاقتصادية منذ أشهر، وبلغت ذروتها نهاية الأسبوع الماضي، عندما سيطر مئات آلاف المحتجّين على المباني الحكومية الرئيسة في العاصمة كولومبو. 

ويلقي البعض باللوم على عائلة راجاباكسا وحلفائها في التضخم الجامح والفساد والنقص الحاد في الوقود والأدوية الذي تشهده البلاد.

ففي مايو/ أيار الماضي، تحوّلت الاحتجاجات ضد الأسرة إلى أعمال عنف، فاستقال ماهيندا راجاباكسا، الأخ الأكبر للرئيس، من منصب رئيس الوزراء. وظل حينها مختبئًا في قاعدة عسكرية بشرق البلاد لعدة أيام، قبل أن يعود إلى كولومبو.

وتضرر اقتصاد سريلانكا المعتمد على السياحة جراء جائحة كوفيد-19 أولًا، ثم عانى من انخفاض التحويلات من السريلانكيين العاملين في الخارج. كما أدى حظر الأسمدة الكيماوية إلى إلحاق ضرر بالإنتاج الزراعي، على الرغم من إلغاء الحظر لاحقًا.

كما أثرت التخفيضات الضريبية، التي طبقتها عائلة راجابكسا عام 2019، على المالية العامة للحكومة. وأدى انخفاض الاحتياطيات الأجنبية إلى تقليص واردات الوقود والأغذية والأدوية.

وبينما استهلكت سريلانكا، البالغ عدد سكانها 22 مليونًا، تقريبًا كل إمداداتها الشحيحة أساسًا من البترول، أمرت الحكومة بإغلاق المكاتب والمدارس غير الأساسية لتخفيف حركة السير وتوفير الوقود. 

وبلغ معدل التضخم العام 54.6% الشهر الماضي، وحذّر البنك المركزي من أنه قد يرتفع إلى 70% في الأشهر المقبلة.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، تخلّفت سريلانكا عن سداد ديونها الأجنبية البالغ قدرها 51 مليار دولار، وتجري محادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل خطة إنقاذ محتملة.

حرب أهلية واضطرابات

وكانت سريلانكا، التي نالت استقلالها عن بريطانيا عام 1948، وعُرفت سابقًا باسم سيلان، قد شهدت حربًا أهلية امتدت لقرابة ثلاثة عقود. ويخشى كثر أن توقد نيران الحرب الخامدة التوترات العرقية والفقر والفساد والتهميش.

الحرب الأهلية تلك دارت مع حركة تمور تاميل، واستمرت بين العامين 1983 و2009، حاصدة ما لا يقل عن 80 ألفًا.

إلى ذلك، تهز المجتمع السريلانكي هجمات دموية ذات طابع ديني وعرقي، فالبلاد عرفت هجمات متكررة على مساجد المسلمين على يد متطرفين من الأغلبية البوذية السنهالية.

وفي أبريل عام 2019، ضربت البلاد سلسلة تفجيرات انتحارية استهدفت كنائس وفنادق في كولومبو ومدينتَي نيغومبو وباتيكالوا، فسقط أكثر من 200 قتيل و450 جريحًا في قداس عيد الفصح.

أين تقع سريلانكا؟

من جهة أخرى، تشكل سريلانكا بالنظر إلى موقعها الإستراتيجي مسرحًا لتنافس القوى الإقليمية، وبالتحديد العملاقين الهند والصين. 

فالدولة الجزرية تقع قبالة الساحل الجنوبي للهند، وعلى ممرات الشحن في المحيط الهندي، التي تتلقى الصين عبرها الغالبية العظمى من نفطها المستورد من الشرق الأوسط.

وتورد وكالة "أسوشيتد برس" أن الصين تمثل ثالث أكبر دائن لسريلانكا بعد اليابان وبنك التنمية الآسيوي. 

وتلفت إلى أن الرئيس السريلانكي السابق ماهيندا راجاباكسا حصل على العديد من القروض، كجزء من مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شين جين بينغ.

وتتحدث الوكالة عن مخاوف الهند من النفوذ الصيني المتزايد في جنوب آسيا، ولا سيما في البلدان الأصغر، ومن بينها سريلانكا والنيبال والمالديف.

وتلفت إلى أن الانهيار الاقتصادي في سريلانكا كان بمثابة فرصة للهند، حيث تدخلت نيودلهي بتقديم مساعدة مالية ومادية ضخمة لجارتها.

وفي هذا الصدد، تنقل "أسوشيتد برس" عن سريرام تشوليا، رئيسة كلية الشؤون الدولية في جامعة "O.P. Jindal" في سونيبات بالهند، نفيها وجود ما هو على سبيل العمل الخيري في السياسة الدولية.

وتضيف أن الغرض من ذلك هو إبعاد الصين عن الفناء الخلفي للهند، واستعادة التوازن لصالح نيودلهي.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close