الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

النزاع السوداني - الإثيوبي على الفشقة.. هل يتحوّل إلى حرب إقليمية شاملة؟

النزاع السوداني - الإثيوبي على الفشقة.. هل يتحوّل إلى حرب إقليمية شاملة؟

Changed

ملء اثيوبيا لسدّ النهضة من دون اتفاق قد يُعرّض مياه الشرب والري لنصف سكان السودان للخطر
ملء إثيوبيا لسدّ النهضة من دون اتفاق قد يُعرّض مياه الشرب والري التي يستخدمها سكان السودان للخطر (غيتي)
حذّر وزير المياه السوداني ياسر عباس من أن "الاستقرار الإقليمي على المحك، فأي نوع من الصراع سينتشر على الفور إلى البحر الأحمر وبقية القرن الأفريقي".

أعرب مسؤولون عسكريون ومراقبون من السودان وإثيوبيا عن قلقهم من إمكانية تطور النزاع الحالي بين البلدين حول منطقة الفشقة الحدودية، إلى حرب إقليمية شاملة.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن الفشقة، ذات الأراضي الزراعية الخصبة، كانت ولا تزال محل توتر مستمر بين البلدين على مدار أكثر من عقدين. ووفقًا لاتفاقية 1902 بين منليك الثاني، إمبراطور إثيوبيا آنذاك، وأباطرة الاستعمار البريطاني في السودان، فإن الفشقة تعتبر أرضًا سودانية.

لكن في منتصف التسعينيات، بينما كان الجيش السوداني يخوض العديد من الحروب الداخلية، انتقل الجنود والمزارعون الإثيوبيون (من قبيلة المهرة) إلى المنطقة وأقاموا مستوطنات خلف الخطوط العسكرية.

وبعد اندلاع الحرب الأهلية في إقليم تيغراي الإثيوبي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تفاقم الوضع بدخول الجيش السوداني إلى أجزاء واسعة من المنطقة في عملية رافقها سقوط قتلى.

واتهم مسؤولون سودانيون رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بمحاولة إجبار السودان على تسليم الفشقة من خلال تعليق المفاوضات بشأن ملء سد النهضة الذي تقيمه إثيوبيا بالقرب من حدود البلدين. وزعموا أن ملء السد دون اتفاق قد يُعرّض مياه الشرب والري لنصف سكان السودان للخطر.

وقال العقيد عبادي الطاهر، القائد الميداني في الجيش السوداني للصحيفة: "في السابق، كان احتلالًا غير نظامي، لكن منذ أن وصل آبي إلى السلطة، بدأوا يدّعون أن هذه أرضهم. لقد حفروا حتى المقابر وجلبوا الجثث لإعادة دفنها في السودان في محاولة للادعاء بأن هذه الأرض ملكهم، كما لو كانوا هناك منذ أجيال". وأضاف: "نعمل ليل نهار لاستعادة الفشقة بالكامل".

الاستقرار الإقليمي على المحك

بدوره، اعتبر وزير المياه السوداني ياسر عباس أن أبي يستخفّ بمخاطر أفعاله. هل يعتقد أننا سنقبل بتعريضه المياه وسبل عيش 20 مليون سوداني للخطر؟"، محذرًا من أن "الاستقرار الإقليمي على المحك، فأي نوع من الصراع بيننا سينتشر على الفور إلى منطقة أوسع؛ البحر الأحمر، وبقية القرن الإفريقي".

واستعاد السودان معظم الفشقة بعد انتشار الجنود الإثيوبيين وميليشيات الأمهرة للقتال في تيغراي. وشرح اللواء إبراهيم جابر، عضو "المجلس السيادي" السوداني، لصحيفة "واشنطن بوست" أنه "في الآونة الأخيرة، عادت ميليشيات الأمهرة وقتلت الكثير من شعبنا، واختطفت آخرين. إثيوبيا لا تسيطر على هذه الميليشيات، لكنّها تدعمهم، ورغم ذلك لا نُريد الانجرار إلى حرب طائشة".

وقال محللون: إن اعتماد أبي المتزايد على دعم أمهرة للحرب في تيغراي هو محرك أساسي للصراع في الفشقة.

وتحوّلت ميليشيات الأمهرة، بالإضافة إلى القوات الإريترية، إلى ضرورة ضمن جهود آبي لإخضاع المتمردين في تيغراي. وأوضح نزار مانيك، المحلل المستقل الذي يكتب عن قضايا المنطقة، إن الأمهرة، مقابل توفير دعم لرئيس الوزراء آبي أحمد في تيغراي، يضغطون عبر رئيس الاستخبارات ووزير الخارجية، لعدم تقديم تنازلات والانتقام من القوات السودانية في الفشقة.

بدوره، اعتبر وزير المياه السوداني أن آبي بات أقل قدرة على التنازل عن الفشقة أو سدّ النهضة، بعدما اكتسب متشدّدو الأمهرة نفوذاً كبيرًا. وقال: "تربط إثيوبيا قضية سد النهضة بقضية الحدود، رغم أنها لا تملك الحقّ في ذلك. آبي في مأزق ويجب أن يحظى بدعم أمهرة لحربه في تيغراي".

ورأى أن "تصعيد دور الأمهرة في السياسة الإثيوبية يُهدّد مستقبل العلاقات بين دولنا وشعوبنا التي تتمتّع بآلاف السنين من التاريخ المشترك"، مشيرًا إلى أن ملء إثيوبيا لسدّ النهضة شبه الكامل خلال موسم الأمطار في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز هو "تهديد وجودي".

حلّ الترسيم المشترك

ورأى مسؤولون سودانيون، رفيعو المستوى، أن الخلافات الحدودية، والخلافات حول السدّ يسهل تسويتها، "لولا السياسات الداخلية المتشددة لإثيوبيا".

وقال جابر: إن الترسيم المشترك ما زال مطروحًا، "طلبنا من إثيوبيا التعاون في ترسيم الحدود منذ عقود، لكنّهم غير مهتمين، لأن الفشقة أرض جيدة جدًا، والأمهرة لن تتخلّى عنها بهذه السهولة".

ويأمل السكان المحليون السودانيون في الفشقة في أن يتمكنوا من استعادة المزارع في المنطقة التي كانت مملوكة لآبائهم وأجدادهم.

ومع بدء العد التنازلي للملء الثاني لسد النهضة، وحشد قوات أثيوبية في الفشقة، وفق خريطة دولية، فإن فرص تطوّر التوتر إلى حرب مفتوحة، يظل قائمًا.

وأكد مسؤولون سودانيون أن جميع الخيارات لاستعادة السيطرة الكاملة على الفشقة لا تزال مطروحة على الطاولة.

وقال جابر لصحيفة "واشنطن بوست": "لدينا قضايا جادة وحساسة وداخلية نتعامل معها، ونحترم حقّ إثيوبيا في التعامل مع قضاياها الخاصة. لكن إذا جاءوا إلى الفشقة، فسوف نقتلهم".

المصادر:
"واشنطن بوست"

شارك القصة

تابع القراءة
Close