الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

"الحقائق المدفونة".. شهادات ووثائق حصرية لـ"العربي" في قضية ريجيني

"الحقائق المدفونة".. شهادات ووثائق حصرية لـ"العربي" في قضية ريجيني

Changed

اشتملت تحقيقات نيابة روما على مجموعة من الإفادات والاستجوابات التي أجريت بحق المشتبه بهم وشهود العيان حول ما حدث لجوليو ريجيني في أيامه التسعة الأخيرة.

بعد 5 سنوات على مقتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني في مصر، كشف برنامج "شيفرة" على "العربي" "الحقائق المدفونة" في القضية، من خلال بثّ شهادتَين جديدتين حصريتين تؤكدان أن ريجيني تعرّض للاحتجاز والاستجواب والتعذيب في مقر تابع للمخابرات الحربية المصرية يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من يناير/ كانون الثاني عام 2016.

ونظرًا لأهميتها، ضمّ المدعي العام الإيطالي سيرجيو كولايوكو الشهادتَين اللتين وثّقهما "العربي" إلى شهادات أخرى لملف القضية التي تبدأ أولى جلساتها يوم التاسع والعشرين من شهر أبريل/ نيسان الجاري.

ويستعرض التحقيق لأول مرة تفاصيل التحقيقات المصرية الإيطالية المشتركة مع ضابطَي الأمن الوطني اللذَين ضمّنهما الإيطاليون ضمن لائحة الاتهام مع أربعة ضباط آخرين تبدأ محاكمتهم غيابيًا في روما الأسبوع المقبل.

واشتملت تحقيقات نيابة روما على مجموعة من الإفادات والاستجوابات التي أجريت بحق المشتبه بهم وشهود العيان حول ما حدث لريجيني في أيامه التسعة الأخيرة، كما أنها كشفت مدى تورط جهاز الأمن العام والمخابرات المصرية منذ لحظة اعتقال ريجيني وحتى وفاته.

تشتيت التحقيق

ووصل نائب المدعي العام الإيطالي سيرجيو كولايوك لنتيجة مفادها أن جهات التحقيق المصرية عملت على تشتيت المحققين الإيطاليين منذ اللحظة الأولى وذلك بتقديمها مزاعم مختلفة لمقتل الباحث الإيطالي، من رواية أولى تتحدّث عن مقتله نتيجة وجوده بمنطقة تعرف بممارسة أعمال الدعارة، فرواية ثانية عن تعرّضه لحادث سير، ورواية ثالثة بأنه كان ضحية لعصابة متخصّصة في سرقة الأجانب.

وخلال عمله على التحقيق لأشهر، توصّل فريق العمل في "العربي" إلى شهود جدد يقدّمون رواية جديدة تُفيد بأن ريجيني قد شوهد داخل جهاز المخابرات الحربية المصري يومي 28 و29 يناير/ كانون الثاني.

وأكد الشاهدان أن ريجيني كان محتجزًا في مبنى أمني مختلف غير مبنى الأمن الوطني في ميدان لاظوغلي الذي تُشير التحقيقات إليه.

تورط عدة أجهزة أمنية

وأثناء تقصّي فريق التلفزيون عن الرواية، ذكر لهم مصدر قضائي إيطالي رفيع المستوى أنه بالفعل وصلت للسفارة الإيطالية في سويسرا رسالة تزعم بعض التفاصيل عن مقتل ريجيني وتورّط أجهزة أمنية أخرى في قتله وتعذيبه، إلا أن المدعي العام الإيطالي رفض استخدامها دليلًا لأنها لم تكن موقعة باسم شخص.

كما أكد مصدران مختلفان للفريق أن ضباطًا في جهاز الأمن المصري أكد لهما أن ريجيني خضع لاستجواب مع أكثر من جهاز أمني مصري، ومن بينهم جهاز المخابرات الحربية.

تورّط لواء وعقيد

وبرفقة رسام جنائي، اجتمع فريق العمل، بمشاركة من محامية أسرة ريجيني أليساندرا باليرينيي، مع الشاهدين، واستطاعا مع الرسام تقديم صور تقريبية لاثنين من الضباط المتهمين، ووصل الفريق إلى رسم تقريبي لهما، حسب وصف الشهود، والأول يحمل رتبة لواء، والثاني يحمل رتبة عقيد.

وفقًا لإفادة الشهود فإن مكان الاحتجاز يقع في حي بمدينة نصر شرق القاهرة، وتحديدًا في الحي العاشر، ووفقًا لصور "غوغل" يظهر أن المكان يضمّ أحد مباني جهاز المخابرات الحربية.

تصوّر للرواية الفعلية

بعد ظهر يوم 25 يناير 2016، غادر ريجيني شقته، وكان يعتزم ركوب قطار الأنفاق من محطة "البحوث" في حي الدقي بالجيزة إلى ميدان "باب اللوق" بالقاهرة لمقابلة صديقه الإيطالي جينارو جيرفاسيو، أستاذ الاقتصاد في الجامعة البريطانية بالقاهرة، وأثناء وجوده في محطة القطار تمّ القبض عليه واقتياده الى قسم الدقي ليختفي بعدها عن الأنظار.

وبعد إعادة قراءة الأحداث، ومع ما أضافه الشهود الجدد، استطاع فريق العمل أن يضع تصورًا لما حدث لريجيني يومي الـ28 والـ29 من يناير 2016.

وتُفيد القراءة بأن الشاب الإيطالي "اقتيد من محطة مترو الأنفاق بالدقي، إلى قسم الدقي، وتمّ التحقيق معه من قبل أفراد الأمن العام المصري. وبعدها بساعات، وصل فريق من الأمن الوطني، واقتيد ريجيني إلى مبنى لاظوغلي".

"وخلال الأيام التسعة لاحتجازه، نُقل ريجيني إلى مبنى المخابرات الحربية المصرية، حيث شوهد هناك يومي 28 و29 يناير، وهناك تعرض للتعذيب، ليتمّ  بعدها العثور على جثته مقتولًا على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي".

"ونظرًا لحالة التشتت التي أصابت الأجهزة الأمنية المصرية بعد قتله، كان الحل الأسهل هو إلقاء الجثة في الشارع، ليبدو الأمر وكأنه جريمة جنائية سيكون من السهل على الأجهزة الأمنية اختلاق القصص والعناصر التي تكمل هذه الرواية".

وباكتمال ملف توثيق الشهادتَين، توجّهت محامية أسرة ريجيني إلى مكتب المدعي العام سيرجيو كولايوكو وعرضت عليه ما تم التوصل إليه. وعلى الفور، طلب الادعاء الإيطالي تقديم هذه الشهادات بشكل رسمي ووجّه للتلفزيون العربي دعوة قانونية للمثول أمامه مباشرة وتقديم هذه الشهادات.

وأعلن مكتب المدعي العام تقديمه ثلاثة شهود جدد في القضية من بينهم الشاهدين اللذين تقدم بهما "العربي".

وفي 7 فبراير/ شباط 2016، وصل جثمان ريجيني إلى مطار روما. يومها قالت والدته باولا رجيني: "لن أقول لكم ما فعلوا به، فقد تعرّفت على ولدي فقط من خلال طرف أنفه، أما الباقي فلم يعد هو، رأيت كل عيوب العالم في وجه جوليو، فلم نشهد تعذيبًا كهذا منذ حقبة محاربة الفاشية".

وفي 12 من فبراير، دُفن جثمان ريجيني ودفنت معه الكثير من الحقائق التي حاول فريق "العربي"، خلال هذا التحقيق نبش البعض منها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close