الثلاثاء 14 مايو / مايو 2024

احتجاجات شعبية وتنديد دولي.. الأزمة السياسية في السودان تنتهي بانقلاب

احتجاجات شعبية وتنديد دولي.. الأزمة السياسية في السودان تنتهي بانقلاب

Changed

نزل متظاهرون في عدد من شوارع الخرطوم ينددون بـ"انقلاب البرهان" ويرفضونه
نزل متظاهرون في عدد من شوارع الخرطوم ينددون بـ"انقلاب البرهان" ويرفضونه (غيتي)
استفاق السودانيون الإثنين على خبر سيطرة الجيش على الحكم وإعلان حال الطوارئ في البلاد واعتقال رئيس الحكومة عبدالله حمدوك ومعظم وزرائه والأعضاء المدنيين في مجلس السيادة.

قتل 7 أشخاص وأصيب العشرات بجروح في الخرطوم الإثنين في إطلاق نار من الجيش خلال تظاهرات رافضة للانقلاب الذي نفذه العسكريون الموجودون في السلطة.

وأعلن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان حال الطوارئ في البلاد وتشكيل حكومة جديدة. كما أعلن حلّ مجلس السيادة الذي كان يترأسه والحكومة برئاسة عبدالله حمدوك وغيرها من المؤسسات.

وندّد مكتب حمدوك وتجمعات مطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين ودول ومنظمات دولية بـ"الانقلاب" الذي اعتقل خلاله العسكريون حمدوك ومعظم وزرائه والأعضاء المدنيين في مجلس السيادة.

واعتبر مكتب حمدوك في بيان أن "ما حدث يمثل تمزيقًا للوثيقة الدستورية وانقلابًا مكتملًا على مكتسبات الثورة التي مهرها شعبنا بالدماء بحثًا عن الحرية والسلام والعدالة". وحمّل "القيادات العسكرية في الدولة السودانية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة رئيس الوزراء حمدوك وأسرته".

ودعا البيان "الشعب السوداني للخروج والتظاهر واستخدام كل الوسائل السلمية لاستعادة ثورته".

ونزل متظاهرون في عدد من شوارع الخرطوم ينددون بـ"انقلاب البرهان" ويرفضونه، لكن وكالة "رويترز" نقلت ليلًا عن مسؤول بوزارة الصحة تأكيده مقتل سبعة أشخاص وإصابة 140 في احتجاجات الاثنين برصاص الجيش.

ومنذ الصباح، انقطعت الإنترنت بشكل واسع عن البلاد، وواجه السودانيون صعوبة بالغة في إجراء مكالمات هاتفية.

البرهان يتحدث عن "تصحيح الثورة"

وقال الفريق أول عبد الفتاح البرهان في كلمة نقلها التلفزيون السوداني إن الجيش "اتخذ الخطوات التي تحفظ أهداف ثورة ديسمبر 2018" التي أطاحت بنظام عمر البشير، متحدثًا عن "تصحيح الثورة".

وأعلن "حالة الطوارئ العامة في كل البلاد، وحلّ مجلس السيادة، وحلّ مجلس الوزراء". ورغم إعلانه "تعليق العمل" بمواد عدة من "الوثيقة الدستورية" التي تم التوصل اليها بين العسكريين والمدنيين الذين قادوا الاحتجاجات ضد البشير في 2019، قال إنه متمسك بها، وبـ "إكمال التحوّل الديموقراطي الى حين تسليم قيادة الدولة إلى حكومة مدنية".

كما أعلن أنه "سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة" تدير شؤون البلاد الى حين تسليم السلطة الى "حكومة منتخبة".

وأطاح الجيش في أبريل/ نيسان 2019 بنظام عمر البشير الذي حكم السودان لأكثر من ثلاثين عامًا، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورًا، وتسلّم السلطة. لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية وتخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى.

وفي أغسطس/ آب 2019، وقّع العسكريون والمدنيون (ائتلاف قوى الحرية والتغيير) الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقًا. وبموجب الاتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين (مجلس سيادة يرأسه عسكري، وحكومة يرأسها مدني)، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية.

وحصلت محاولة انقلاب في سبتمبر/ أيلول تم إحباطها، لكن قال المسؤولون على إثرها إن هناك أزمة كبيرة على مستوى السلطة.

وبرزت إثر ذلك إلى العلن الانقسامات داخل السلطة، ولا سيما بين عسكريين ومدنيين.

مواقف داخلية منددة

وأكدت مريم الصادق المهدي، نائبة رئيس حزب الأمة القومي السوداني أن حزب الأمة يرفض بشكل تام "أي انقلاب من أي جهة وتحت أي تبرير".

وأوضحت المهدي التي تتولى وزارة الخارجية في حكومة عبد الله حمدوك في تصريحات لـ"العربي" من الخرطوم، أن حزب الأمة "سيقاوم بشتى السبل المدنية أي انقلاب على الوثيقة الدستورية".

بدوره، وصف تجمّع المهنيين السودانيين، أحد المحركين الأساسيين للانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019، الاعتقالات التي حصلت بـ"الانقلاب".

وفي بيان نشره على حسابه على "تويتر"، دعا التجمع الى "المقاومة الشرسة للانقلاب العسكري الغاشم".

وقال: "لن يحكمنا العسكر والميليشيات. الثورة ثورة شعب.. السلطة والثروة كلها للشعب".

ودعا تحالف قوى الحرية والتغيير السوداني إلى اتباع شتى أشكال التصعيد الثوري السلمي مثل المواكب المستمرة وإغلاق الشوارع والعصيان المدني الشامل.

ولفت إلى أن "الترتيبات جارية لفعاليات تصعيدية كبرى وملئ الشوارع بالسودانيين لإفشال سيطرة الجيش على السلطة".

رفض دولي لـ"الانقلاب"

وفي المواقف الدولية، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "الانقلاب العسكري الجاري" في السودان وطالب بالإفراج "الفوري" عن حمدوك.

وكتب في تغريدة: "ينبغي ضمان الاحترام الكامل للوثيقة الدستورية لحماية الانتقال السياسي الذي تحقق بصعوبة".

ودعت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه السلطات العسكرية إلى "الالتزام بالوثيقة الدستورية والقانون الدولي المعمول به، والانسحاب من الشوارع، وحل أي خلافات بينها وبين المكوّن المدني في السلطات الانتقالية من خلال الحوار والتفاوض".

وقال مبعوث واشنطن الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان في بيان على تويتر، إن بلاده "تشعر بقلق بالغ حيال التقارير عن سيطرة الجيش على الحكومة الانتقالية"، مشيرا إلى أن ذلك "يتعارض مع الإعلان الدستوري (الذي يحدد إطار العملية الانتقالية) وتطلعات الشعب السوداني للديموقراطية".

ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المجتمع الدولي الى "إعادة العملية الانتقالية الى مسارها"، بينما حضت جامعة الدول العربية على "الحوار"، داعية الى الالتزام بالعملية الانتقالية.

وندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "بأكبر قدر من الحزم" بمحاولة الانقلاب في السودان ودعا إلى "احترام مكانة رئيس الوزراء والقادة المدنيين". 

وعلّقت الولايات المتحدة الإثنين مساعدة مالية للسودان بـ700 مليون دولار، وحضّت على إعادة السلطة فورا للحكومة المدنية.

وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس على وجوب "إعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون والتي تمثّل إرادة الشعب".

وأكد برايس وقوف الولايات المتحدة مع الشعب السوداني، وقال إن "شعب السودان عبّر بوضوح عن تطلّعاته لمواصلة العملية الانتقالية نحو الديموقراطية وسنواصل دعم هذا الأمر، بما في ذلك عبر محاسبة المسؤولين عن هذه الإجراءات المناهضة للديموقراطية إذا اقتضى الأمر".

المصادر:
العربي، وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close