الأربعاء 15 مايو / مايو 2024

القمة الخليجية "الخاطفة" في الرياض.. هل اكتمل "مسار" المصالحة؟

القمة الخليجية "الخاطفة" في الرياض.. هل اكتمل "مسار" المصالحة؟

Changed

جاءت القمّة بعد جولة لولي العهد السعودي في عواصم دول مجلس التعاون، وهي الأولى منذ قمة العلا التي شهدت المصالحة القطرية السعودية.

بدت القمة الخليجية الثانية والأربعون في العاصمة السعودية الرياض "خاطفة"، رغم أنّها الأولى من نوعها عقب قمة العلا التي شهدت المصالحة القطرية السعودية، وقد جاءت بعد جولة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عواصم دول مجلس التعاون.

وفي القمة التي استضافتها السعودية، وغاب عنها العاهل السعودي الملك سلمان، أكد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في بيان بدا "روتينيًا وعامًا"، على ضرورة "الوحدة" في السياسات الخارجية والمجال الاقتصادي.

وحضرت إيران على خطها، حيث جدد ولي العهد السعودي التأكيد على "أهمية التعامل بشكل جدي" مع برنامجها النووي، وألمح وزير الخارجية السعودي إلى رغبة في حضور مفاوضات فيينا التي اعتبرها "مقلقة ولا تدعو للتفاؤل".

إزاء ذلك، تُطرَح سلسلة من علامات الاستفهام عن التحديات السياسية والأمنية التي تواجه المنظومة الخليجية من ناحية العلاقة مع إيران، وتكرار عمليات استهداف السفن البحرية في بحر عُمان ومنطقة الخليج وعن مسار استكمال التقارب الخليجي الخليجي.

وحدة اقتصادية مطلوبة

في مخرجات القمّة، اتفق القادة الخليجيون على "أهمية تضافر الجهود لتنسيق وتكامل السياسات الخارجية للدول الأعضاء وصولًا لبلورة سياسة خارجية موحدة وفعالة تخدم تطلعات وطموحات شعوب دول الخليج وتحفظ مصالحها".

وجاء في البيان الختامي أيضًا أنّ قادة دول مجلس التعاون الخليجي اتفقوا على "أهمية متابعة إنجاز أهداف الرؤى الاقتصادية لدول مجلس التعاون لتحقيق التنوع الاقتصادي وتعظيم الاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية".

كما أشار البيان إلى الاتفاق على "تطوير تكامل شبكات الطرق والقطارات والاتصالات" بين دول المجلس وتنسيق الجهود لمكافحة "التغير المناخي والأوبئة والأمراض".

باختصار، ألمح البيان إلى وحدة اقتصادية مطلوبة من دول مجلس التعاون الخليجي، وفي يدها مجتمعة أكبر احتياطي وإنتاج نفطي في العالم وثانيه في الغاز. لكنّ تبادلاتها وأرباحها التجارية مهما كبرت، إلا أنها تتفرّق لسبب التوجهات الاقتصادية والسياسية.

"أكبر الهموم"

لهذه الأسباب ربما، سعت القمة إلى تقليص التباينات، ولا سيما وأنّ الاقتصاد أكبر مساحات التنافس الخليجي. غير أن ذلك ليس أكبر الهموم، أو هذا ما بدا من مخرجات القمة.

إنها ببساطة إيران وقد أساءت لذلك الجوار أكثر من مرة وفق ما تقول الرياض، وهي تفاوض على اتفاق نووي مع الغرب تبغي أكثر من دولة خليجية أن يكون لها يد فيه، من خلال خطّ بنود تمنع تطاول صواريخ إيرانية من الوصول إليها بيد وكلاء في المنطقة.

من هنا، فإنّ الذود عن أمن المنطقة بأيادٍ خليجية مطلوب، وقد انتهك ما يعتقد كثيرون عهد الدرع الأميركي نظير أي مقابل من بعد المغادرة المرتبكة لقوات واشنطن في أفغانستان. أكثر من ذلك، مطلوب استعداد خليجي، في وقت لا يستشفّ الملمون بتفاصيل المفاوضات في فيينا ما يضمن نجاح العودة إلى اتفاق.

"الشيطان في التفاصيل"

يقلل مدير وحدة تحليل السياسات في المركز العربي مروان قبلان من شأن قصر فترة القمة باعتبار أنّ ذلك أصبح أمرًا تقليديًا، موضحًا أنّ القمم الخليجية تعقد أغلب الأعيان لالتقاط الصورة التذكارية فقط، في حين يكون قد تم الاتفاق على البيان مسبقًا.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إلى أنّ جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على دول الخليج قبل الخليج شكّلت محاولة لبناء مواقف مشتركة باعتبار أنه ما زالت هناك بعض التباينات في مواقف هذه الدول من معظم القضايا في الإقليم تقريبًا.

ويلفت إلى أنّ هذه الجولة جاءت أيضًا لتؤكد على دور السعودية باعتبارها الدولة القائد في مجلس التعاون الخليجي ومحاولتها أخذ مسافة متساوية من جميع دول مجلس التعاون خلافًا للوضع الذي كان سائدًا في الفترة السابقة حين أخذت جانبًا في الصراع في مرحلة ما بعد حصار قطر.

ويلاحظ أنّ البيان الختامي جاء روتينيًا، حيث اكتفى بالتأكيد على المواقف المعروفة والعامة، علمًا أنّ الشيطان يكمن في التفاصيل حيث تبرز التباينات، مشدّدًا في الوقت نفسه، على أنّه "تاريخيًا لم يكن هناك موقف خليجي موحد في يوم من الأيام تجاه إيران، حتى في الأوقات الصعبة".

المصالحة الخليجية "غير مكتملة"

في المقابل، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي أنّ المصالحة الخليجية لا تزال غير مكتملة رغم مرور 11 شهرًا على قمة العلا، التي يعتبر أنّه كان يفترض أن يتمّ استكمالها، وهو ما لم يحصل في هذه القمّة، ولو أنّها الثانية في عام واحد.

ويوضح الشايجي في حديث إلى "العربي"، من الكويت، أنّ المصالحة بقيت إلى حد بعيد سعودية قطرية، من دون أن تنخرط فيها الإمارات والبحرين، مع تسجيل اختراق بسيط بزيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد للدوحة ولقاء أمير قطر مع نائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد في بغداد على هامش قمة مصغرة عقدت في العراق.

وفيما يشدّد على وجوب إكمال مسار المصالحة عبر تبادل السفراء بين أبو ظبي والمنامة من جهة والدوحة من جهة ثانية، يشير إلى أنّ البيان الختامي للقمة كان يفترض أيضًا أن يكون أكثر وضوحًا. ويشرح أنّه اقتصر على العموميات، ولا جديد فيه باستثناء الدعوات إلى التكامل والتعاون والتنسيق المشترك.

ويؤكد أنّ دول مجلس التعاون لا تزال تفتقد إلى "سياسة خارجية موحّدة"، مشيرًا إلى أنّ الحديث عن أن أي اعتداء على دولة خليجية هو اعتداء على جميع دول مجلس التعاون كان لافتًا لكنه غير كاف، ولا سيما وأنّ التحديات باتت أخطر من السابق. ويشدّد على أنّ التكامل العسكري مطلوب وكذلك رص الصفوف لمواجهتها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close