الثلاثاء 30 أبريل / أبريل 2024

صدام مسلح وحالة طوارئ وعرقيات متباينة.. ماذا يجري في إثيوبيا؟

صدام مسلح وحالة طوارئ وعرقيات متباينة.. ماذا يجري في إثيوبيا؟

Changed

تبدو جذور الصراع كامنة في خلفية الأحداث رغم أهميتها الكبيرة. ولفهم ما يجري على الساحة الإثيوبية بدقة، لا بدّ من معرفة جذور هذا الصراع.

على وقع إعلان جبهة تحرير تيغراي الزحف باتجاه أديس أبابا، يستعدّ المبعوث الأميركي إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان لزيارة إثيوبيا.

وكانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت حالة الطوارئ في البلاد، داعية سكّان العاصمة إلى الاستعداد للدفاع عن أنفسهم في مواجهة تقدّم جبهة تحرير تيغراي وحلفائها الجدد في إقليم أورومو المجاور.

وقد أعلنت الجبهة أن السيطرة على أديس أبابا باتت مسألة أشهر أو أسابيع، لكن كيف استطاع مقاتلو جبهة تحرير تيغراي إحراز تقدم سريع على الأرض؟ وما هي قدرتهم على إحكام القبضة فعلًا على العاصمة؟

ما هي جذور الصراع في إثيوبيا؟

تشير الأنباء الواردة من إثيوبيا إلى صدام مسلح بين قوات الحكومة الفدرالية وجبهة تحرير شعب تيغراي شمالي البلاد.

لكنّ جذور الصراع تبدو كامنة في خلفية الأحداث رغم أهميتها الكبيرة. ولفهم ما يجري على الساحة الإثيوبية بدقة، لا بدّ من معرفة جذور هذا الصراع.

باختصار، فإنّ المسالة الإثيوبية الحالية سياسية وعرقية ودينية، إذ تتكوّن إثيوبيا من تسعة أقاليم عرقية ذات حكم ذاتي، تختلف في ما بينها من حيث اللغة، أهمها قومية الأورومو والأمهرة والتيغراي والقومية الصومالية.

بين الأورومو والتيغراي

وتعنينا في هذا الأمر عرقيتا الأورومو والتيغراي، فالعرق الأول يشكّل أغلبية سكان إثيوبيا بـ35 في المئة، أي ما يقارب نحو 35 مليون نسمة، ويتركّزون في وسط البلاد، وينتمي إليها رئيس الوزراء الحالي أبي أحمد الذي جاء بعد احتجاجات كبيرة عام 2015. وكان سبب تلك الاحتجاجات شكاوى الأوروميين من تهميش الحكومات المتتابعة لهم.

أما التيغراي، فهم ثالث الأعراق من حيث العدد، ويشكّلون نحو 6 في المئة من سكان إثيوبيا. وكانت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي مهيمنة تقريبًا على مقاليد السياسة في البلاد لما يقرب من ثلاثة عقود.

لكن عام 2018، وبسبب الاحتجاجات الواسعة، وصل أبي أحمد إلى السلطة، فعمل على كبح نفوذ عرقية التيغراي، وحلّ الائتلاف الحاكم كما أقال قادة الجيش المنتمين للتيغراي.

وبرغم سيطرة أبي أحمد على الأوضاع في إثيوبيا نسبيًا، إذ يحتمي بأكثرية عددية وبولاء قادة الجيش الجدد، إلا أنّ الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، خصوصًا بعد سيطرة جبهة تحرير تيغراي على الإقليم شمالي البلاد، وتحالفها مع مجموعة متمردة من إثنية الأورومو.

ضغط دولي وأممي على أبي أحمد

ويزعم التحالف الجديد أنّ سيطرته على العاصمة مسألة أشهر إن لم تكن أسابيع. ويضاف إلى هذا ضغط دولي وأممي مسلّط على أبي أحمد.

وفي هذا السياق، تقول المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إنها رصدت انتهاكات ترتقي لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم تيغراي.

من جهتها، صعّدت الولايات المتحدة موقفها فنصحت رعاياها بعدم السفر إلى إثيوبيا، ودعت الموجودين في الأراضي الإثيوبية إلى المغادرة.

ويبقى السؤال الكبير إزاء كلّ ما سبق: أي مستقبل ينتظر إثيوبيا بعد التصعيد الداخلي والضغط الخارجي؟

"تضخيم للهجوم المزعوم"

يستبعد رئيس المركز الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية ياسين أحمد بعقاي أي هجوم من قبل قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على العاصمة.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من ستوكهولم، إلى وجود "تضخيم" لما يصفه بـ"الهجوم المزعوم"، مشدّدًا على أنّ الجيش الإثيوبي ما يزال قويًا على الأرض، ويتصدّى لكل الهجمات.

ويعتبر أنّ إعلان حالة الطوارئ جاء لزيادة الوعي الأمني لدى الشعب الإثيوبي، مشيرًا إلى أنّ هذا الأمر يدل على أنّ الشعب يقف مع الحكومة الإثيوبية ويدعم الجيش في حربه ضد المتمردين الذين خرجوا على القانون.

ويضيف أنّ "الادعاءات والمزاعم التي يروّجها قادة الجبهة لم يظهر أي دليل على صحتها وهي مجرد إشاعات وبروباغندا لا وجود لها على أرض الواقع". ومن هنا، يستبعد سقوط أديس أبابا، مشدّدًا على أنّ موازين القوى لصالح الحكومة.

مؤشرات "أبلغ من أي خبر"

في المقابل، يؤكد الباحث المتخصص في الشأن الإفريقي إسماعيل ولد الشيخ سيديا أنّ شيئًا ما يدور في هذه البلاد، معربًا عن اعتقاده بأنّ المتمردين لم يعودوا على بعد 400 كيلومتر.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من نواكشوط، إلى سلسلة مؤشرات قد تكون أبلغ من أي خبر، من بينها التضييق المفروض على النشطاء، في ظل شح الاتصالات وانعدام الإنترنت في إثيوبيا، إضافة إلى إعلان حالة الطوارئ.

ويوضح أنّ إعلان الرئيس لحالة الطوارئ ومحاولة استنهاضه الهمم الوطنية الإثيوبية أبلغ من أي خبر آخر، مشيرًا إلى أنّه "لو لم يكن هناك شيء لما أعلنت حالة الطوارئ، لأن هذا قرار دستوري صعب ومعقد".

ويشير إلى أن الطيران العسكري الإثيوبي تمّ تحييده عمليًا لأنّ الأخبار الواردة تقول إن المتمردين يحملون على أكتافهم مضادات روسية الصنع.

ويتحدّث عن توازن للرعب، مقلّلًا من شأن الفرضية القائلة بأن الطيران المقاتل يمكن أن يقضي على أرتال المتمردين في يوم واحد، موضحًا أنّه "لو كان بإمكانهم ذلك لفعلوا".

النفوذ الأميركي "ضعيف للغاية"

أميركيًا، يستبعد مدير مركز التحليل العسكري في معهد هادسون ريتشارد ويتز أن ينجح المبعوث الأميركي إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان في إحراز أي تقدم على الأرض.

ويوضح في حديث إلى "العربي" من واشنطن، أنّ الديناميات على الأقل من منظور واشنطن سلبية جدًا، معربًا عن اعتقاده بأنّ النفوذ الأميركي هناك محدود.

ويشير إلى أنّ الصراع بين جبهة تحرير تيغراي والقوات المسلحة في أديس أبابا كان قائمًا منذ سنوات، "لكن في هذه المرحلة يبدو أن هذا النزاع في أشد النقاط احتدامًا ويبدو أن قوات جبهة تحرير تيغراي تحرز تقدمًا".

ويشدد على أنه ما لم تتوافر الرغبة لدى الطرفين في التوصل إلى اتفاق لا يمكن أن ينجح جيفري فيلتمان في إحراز أي تقدم".

ويضيف: "ستحاول واشنطن التوصل إلى اتفاق إلا أن قدرة المبعوث على إقناع الطرفين من أجل التهدئة فرصة محدودة".

ويخلص إلى أنه "يصعب فهم ما الذي تحاول إدارة بايدن فعله"، مضيفًا: "كما حصل في أفغانستان والسودان وغيرهما، فحينما ينشب هذا النوع من الحروب الأهلية يبدو النفوذ الأميركي ضئيلًا وضعيفًا للغاية".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close