الجمعة 17 مايو / مايو 2024

عقوبات مرهقة على روسيا المنهكة.. كيف ستمضي موسكو بمواجهتها مع الغرب؟

عقوبات مرهقة على روسيا المنهكة.. كيف ستمضي موسكو بمواجهتها مع الغرب؟

Changed

يعرض "للخبر بقية" للمشهد في شرقي أوكرانيا في ضوء التصريحات الروسية وما أعقبها من ردود فعل (الصورة: غيتي)
دخل الروس في مواجهة جديدة مع الغرب بشأن أوكرانيا، وبينما تضاف عقوبات مرهقة على روسيا، تطرح تساؤلات حول سيناريوهات الأيام المقبلة، بعد إعلان بوتين "موت" اتفاق مينسك.

يمكن وصف تطورات المشهد في الأزمة الأوكرانية الروسية أو الأزمة بين موسكو والغرب بأنها "سيناريو وفق التوقعات، وله وقع الصدمة في الوقت نفسه".

مواجهة جديدة مع الغرب دخلها الروس تشدّهم فيها العقوبات إلى الوراء، فيما يليّنون مصاعبها وقد تعوّدوا عليها.

فبعد خطاب ألهب الساحة الدبلوماسية العالمية، أطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جديد ليقول إن اتفاق سلام مينسك بشأن أوكرانيا قد مات قبل وقت طويل من قرار روسيا الاعتراف بمنطقتين انفصاليتين.

وأكد بوتين أن أوكرانيا هي من قوّضت الاتفاق الضامن لأمنها وأمن حواف القارة الأوروبية من خطوط التماس مع روسيا.

عقوبات مرهقة لروسيا المنهكة

وفي خضم طوفان التصريحات، يحثّ أمين عام حلف شمال الأطلسي بوتين على اختيار مسار الدبلوماسية. 

يلفت ينس ستولتنبرغ إلى أن روسيا غزت أوكرانيا عام 2014 وتفعل اليوم أيضًا. 

ولا يتردد الروس في التهديد، فالتحركات المحتملة للجيش الروسي في دونباس ستعتمد على الوضع الميداني، بحسب ما يقول بوتين.

بدورها، عوّمت ألمانيا خط "نورد ستريم2"، فالمستشار الألماني لا يمهل الروس وهم يمضون في إجراءات لا يوافق عليها الغرب. 

يتبع خطاه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بإطلاق عقوبات مرهقة على روسيا، المنهكة منذ سنوات سبع من عقوبات 2014، بسبب أوكرانيا أيضًا.

حينذاك قضمت موسكو جزيرة القرم، واليوم يحاول الغرب تدارك كييف العاصمة، لا إقليميها الشرقيين المتمردين منذ سنوات فحسب.

وأشارت بعض وسائل الإعلام الأميركية إلى أن واشنطن اقترحت على الرئيس الأوكراني نقله إلى لفيف غربًا إن لزم الأمر.

أما الاتحاد الأوروبي فعرض استهداف المصارف التي تموّل عمليات روسية في دونباس، واقترحت المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي أن يشمل العقاب مسؤولين روس، وأن تُستهدف التجارة في المنطقتين المعترف روسيًا باستقلالهما.

"موسكو تريد سحب أوكرانيا من الغرب"

تعليقًا على التطورات، يشير الكاتب السياسي بيتر أكوبوف إلى أن روسيا لا تريد أن تدفع كييف نحو الغرب، بل أن تسحبها من الغرب.

ويقول في حديث إلى "العربي" من موسكو: "2007 في ميونخ كانت البداية، ومن ثم كانت 2014، وفي كل هذه السنوات كانت موسكو تحاول أن تشرح للغرب أن هذه المنظومة لن تكون مجدية، لا سيما في ما يتعلق بالفضاء السوفياتي السابق".

ويضيف أن "موضوع أوكرانيا مبدئي، والعمل باعتراف الجمهوريات هو لتحويل أوكرانيا من الغرب إلى الشرق: إعادتها بأقسام أو دفعة واحدة، لأن أوكرانيا هي لروسيا".

ويؤكد أنه "لن يكون هناك أي حلول وسط مع الغرب حول هذا الأمر". 

وبينما يوضح أن بوتين تحدث عن حوار مؤجل بين كييف والجمهوريات الجديدة حول الحدود بينهما، يشدد على أن الحوار بين موسكو وكييف مستحيل، إذ لدى موسكو الشروط إياها: عدم الدخول إلى الناتو، والاعتراف بالقرم، والحوار مع الجمهوريتين، والتخلي عن السلاح.

ويلفت إلى أن السلطة في أوكرانيا اليوم غير قادرة ولا تريد أن تفعل ذلك.

"أوكرانيا ستدافع عن نفسها"

بدوره، يشدد المتحدث السابق باسم وزير الخارجية الأوكراني آزلي فيليبجك على أن هذه الأزمة لم تبدأ من قِبل أوكرانيا، بل بدأت بغزو عام 2014 للقرم، مشيرًا إلى أن روسيا قررت ودون أي سبب مهاجمة أوكرانيا والسيطرة على جزء من أراضيها.  

ويشير في حديث إلى "العربي" من كييف، إلى أن موسكو قامت بإرسال قواتها إلى جزء آخر من بلادنا وهو دونتسك ولوغانسك، مؤكدًا أن "على الروس تحمل مسؤولية ما فعلوه، وعدم تبرير ما فعلوه بأي أمور أخرى".

ويؤكد أن كل ما سمعناه من بوتين أمس واليوم هو "مجرد أمور تاريخية لا يمكن أن تأخذ بشكل جدي كسبب للتحرك السياسي والعسكري الذي يفعله، بل يمكن النظر إليها فقط كسبب للغزو والحرب".

ويشدد على أن أوكرانيا تهتم بالانضمام إلى الناتو، لافتًا إلى أن هذا الأمر يعود إليها.

ويشرح: "وفقًا للقوانين الدولية لأوكرانيا الحق في التقدم بطلب للانضمام إلى أي منظمة عالمية، مضيفًا: "نعم هناك بعض النقاط التي يمكن أن تناقش مثل الأمن الجماعي، ولكن هذا لا يعني استخدام الدبابات والتهديد المباشر الذي يقوم به بوتين".

ويجزم أن "أوكرانيا ستدافع عن نفسها، ولن نسمح لأي شخص أن يقرر كيف نعيش حياتنا بدلًا منا نحن".   

"لا مكان للحوار في هذه المرحلة"

من ناحيته، يوضح مدير التحليل السياسي والعسكري في معهد هادسون ريتشارد ويتز أن إدارة بايدن جاءت إلى الرئاسة وهي تنظر إلى روسيا كعدو، غير أن الاهتمام الأول كان بالصين، لذا يراد للعلاقة مع روسيا أن تكون تنافسية لكن مستقرة، للتركيز على العلاقة مع الصين.

ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "كان من الممكن للرئيس بايدن أن يبقى صامتًا ويترك هذه الأزمة تدور، ولكنه في الحقيقة قرر التركيز على أوكرانيا، ما يعني بالطبع مغادرة الدبلوماسيين والتهديد بالعقوبات".

ويضيف: "لا أرى أي مكان للحوار في هذه المرحلة، فأعتقد أننا تخطينا مرحلة الحوار الآن".

وبشأن السيناريوهات التي قد تحدث خلال الأيام المقبلة، يلفت إلى أن "روسيا قد تتوقف هنا، بعدما قامت باحتلال منطقة أكبر من شرقي أوكرانيا، فيقول بوتين بهذه الطريقة إنه انتصر، لكن هذا لا يغيّر الكثير فأوكرانيا ما زالت مستقلة وتتجه نحو الغرب".

ويردف بأن "الروس قد يحاولون زعزعة الاستقرار في أوكرانيا عبر هزيمة الجيش الأوكراني، لتصبح أوكرانيا ضعيفة وتحت رحمة الروس، فتتمكن روسيا من الهجوم أكثر في أي وقت من الأوقات".

كما يتوقف عند سيناريو قيام روسيا بالاجتياح الشامل، مضيفًا: "قد نقول إن القوات الأوكرانية أفضل من عام 2014 وأن هناك مقاومة وأن العديد من الروس لا يرغبون بهذه الحرب، ومع ذلك فإن روسيا قد تقوم بهذا الاجتياح. ولا نعرف أيًا من السيناريوهات سيتم".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close