الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

غلاء أسعار وتضخّم.. هل تلجأ تونس "مُكرَهة" إلى نادي باريس؟

غلاء أسعار وتضخّم.. هل تلجأ تونس "مُكرَهة" إلى نادي باريس؟

Changed

فقرة ضمن برنامج "شبابيك" تناقش أسباب ارتفاع السلع الأساسية ومعدلات التضخم في تونس (الصورة: غيتي)
تشهد تونس زيادة متواصلة في أسعار السلع الأساسية وارتفاعًا في معدل التضخم، وينذر تداخل عوامل داخلية وخارجية بأن معدلات التضخم لن تتراجع في تونس.

تبدو الحركة التجارية في السوق التونسي على غير العادة، حيث قل الزبائن بسبب غلاء الأسعار، وما عاد الناس قادرين على مجابهة غلاء المعيشة، ناهيك عن فقدان بعض المواد الأساسية، في وضع تترجم ملامحه في الأرقام الرسمية التي تظهر تجاوز مستوى التضخم عتبة 10%، في سابقة لم تشهد مثلها البلاد منذ ثلاثة عقود، بحسب البنك المركزي.

لكن الحكومة لم تنجح في كبح جماح الأزمة الاقتصادية في ظل عدم حصولها على قروض خارجية، وارتفاع الديون الداخلية من البنوك، فيما يرجح خبراء أن تلجأ تونس مكرهة إلى نادي باريس.

لكن هذا السيناريو تخشاه السلطات نظرًا لتداعياته الاقتصادية والسياسية، فاللجوء إلى هذا النادي يعني أن البلاد لم تعد قادرة على سداد ديونها وتغطية حاجاتها المالية.

قل عدد الزبائن في الأسواق التونسية بسبب غلاء الأسعار
قل عدد الزبائن في الأسواق التونسية بسبب غلاء الأسعار - غيتي

ويزداد الوضع الاقتصادي في تونس سوءًا يومًا بعد يوم، حيث بلغ التضخم مستويات قياسية، فيما تضيق الحلول أمام السلطة لمواجهة هذه الأزمة في ظل عدم حصولها على قروض خارجية، وسط توقعات مختصين باللجوء إلى نادي باريس.

ما هي أسباب ارتفاع نسب التضخم في تونس؟

وحول الأسباب التي تقف وراء ارتفاع نسب التضخم في تونس، يؤكد أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية أرام بلحاج، أن نسبة التضخم في البلاد وصلت إلى مستويات قياسية، معربًا عن اعتقاده بأن هذه النسبة مرشحة للارتفاع بسبب سلة الاستهلاك التونسي.

ويوضح في حديث إلى "العربي" من العاصمة تونس أن 60% من سلة الاستهلاك التونسي هي عبارة عن مواد غذائية ومشروبات وسكن وماء وغاز ونقل، مشيرًا إلى أن الطلب على هذه المنتوجات سيكون كبيرًا، في ظل المشاكل الموجودة على المستوى العالمي كالحرب الروسية الأوكرانية واستمرارها وتداعياتها على اقتصاد منفتح مثل تونس، بالإضافة إلى المشاكل الكبيرة على مستوى سلاسل التوريد.

ويضيف بلحاج أن هناك إشكاليات كبيرة على مستوى التزود وهي مرتبطة إلى جانب العوامل الخارجية بعوامل داخلية تتمثل في نقص الإنتاج ومشاكل على مستوى التخزين وعلى مستوى مسالك التوزيع، وعدم قدرة الدولة على السيطرة على هذه المسالك.

ويلفت إلى أن الإشكال الحقيقي هو اقتراب شهر رمضان المبارك، حيث سيكون الطلب كبيرًا جدًا على المنتجات، متوقعًا إشكاليات أكبر من تلك التي شهدتها البلاد في السابق إن لم تتحرك الحكومة في أقرب وقت وتعمل جاهدة على تقوية المخزون الإستراتيجي، خصوصًا فيما يتعلق بالمواد الغذائية ومحاولة السيطرة الكلية على مسالك التوزيع.

شروط صندوق النقد الدولي

ويتابع أن تونس لديها برنامج مع صندوق النقد الدولي، وهو ما جعلها تطبق ما يريده الصندوق الذي طلب رفع أسعار المحروقات ورفع الدعم وخصخصة المنشآت العمومية على الأقل بصفة جزئية.

ويرى أستاذ الاقتصاد أن الحكومة التونسية تجد نفسها بين مشكلتين، مشكلة صندوق النقد الدولي وشروطه التي يجب أن تطبقها للحصول على الأموال اللازمة، ومن جانب آخر الواقع الاقتصادي والاجتماعي، معتبرًا أن كل ما يشترطه صندوق النقد الدولي هو على حساب القدرة الشرائية للمواطن، وعلى حساب المنظومة الإنتاجية الوطنية والشركات التي تعمل على المستوى المحلي.

ويشدد على وجوب أن تكون الحكومة التونسية قادرة على فرض برنامج يتماشى مع الواقع الاقتصادي في البلاد، وأن تدعم الإنتاج الوطني بشكل خاص، وأن تمضي قدمًا في الإصلاحات.

اللجوء إلى نادي باريس

وفيما يرى بلحاج أن اللجوء إلى نادي باريس سيناريو خطير، يستبعد إقدام تونس على هذه الخطوة في ظل التصريحات الأخيرة للمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي التي تحدثت عن تقدم المحادثات مع الجانب التونسي.

إلا أنه يشير إلى أن المخاطر موجودة، لأن هناك إشكاليات كبيرة جدًا على مستوى تعبئة الموارد، وتمويل تعبئة الموارد الخارجية أساسًا وتمويل ميزانية سنة 2023.

ويوضح بلحاج أن التوجه إلى نادي باريس أمر خطير، لأنه سيكون مؤشرًا للأسواق بأن البلاد على حافة الإفلاس، وغير قادرة على تسديد ديونها، وتحتاج إلى إعادة هيكلة الديون الثنائية.

ويرى أستاذ الاقتصاد أن الحكومة التونسية ذاهبة في اتجاه تنفيذ ما يطلبه صندوق النقد الدولي في ظل غياب الحوار مع الشركاء الاجتماعيين، معتبرًا أن هذه الخطوة في الاتجاه الخطأ، ومشدّدًا على وجوب إعداد حوار وطني جدي مع الشركاء لتذويب الأولويات في كل ما يخص الإصلاحات، للحصول أولًا على جزء من التمويل من صندوق النقد الدولي، ثم القيام بالإصلاحات التي تراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي

ويخلص إلى أن تونس تحتاج إلى رؤية اقتصادية واجتماعية وتنموية، ولن يتحقق ذلك في ظل وجود تجاذبات سياسية كبيرة، وفي ظل انفراد بالسلطة وغياب كلي للحوار حول أهم الإصلاحات التي يجب أن تقام في البلاد، والتي تراعي كل ما يتعلق بالواقع الاقتصادي والاجتماعي، مشيرًا إلى أنّ المشكلة سياسية، وإن لم تحل فلن تكون هناك حكومات مستقرة ولن تكون هناك رؤية للبلاد أو إصلاحات.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close