الخميس 2 مايو / مايو 2024

في ذكراها الأولى.. كيف غيّرت الحرب على أوكرانيا العالم؟

في ذكراها الأولى.. كيف غيّرت الحرب على أوكرانيا العالم؟

Changed

تقرير يرصد التحذيرات الأوروبية من حشد عسكري روسي استعدادًا لمعركة الربيع الحاسمة (الصورة: أسوشييتد برس)
على مدى عام كامل، شكّلت الحرب الروسية على أوكرانيا كارثة لكييف بشكل خاص وأزمة للعالم الذي لا يزال يحاول التأقلم مع الوضع الجديد.

تدخل الحرب الروسية على أوكرانيا سنتها الأولى في 24 فبراير/ شباط الحالي. وعلى مدى عام كامل، شكّلت الحرب أزمة للعالم بشكل عام، وكارثة لأوكرانيا بشكل خاص.

فقد لقي آلاف المدنيين الأوكرانيين مصرعهم، ودُمّر عدد لا يحصى من المباني. كما قُتل عشرات الآلاف من الجنود أو أصيبوا بجروح خطيرة من كلا الجانبين.

أما خارج الحدود الأوكرانية، فقد حطّمت الحرب الأمن الأوروبي، وأعادت تشكيل علاقات الدول مع بعضها البعض، كما أدت إلى توتر الاقتصاد العالمي.

وفيما يلي أبرز خمس نواحٍ غيّرت بها الحرب الروسية على أوكرانيا العالم:

عودة الحرب إلى أوروبا

على الرغم من الدور الذي تلعبه التكنولوجيا الجديدة مثل الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار، فإن الحرب تُشبه من نواح كثيرة حروب القرن العشرين. فالقتال في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا يجري مع الوحل والخنادق وهجمات المشاة الدموية التي تذكّر بالحرب العالمية الأولى.

تداعيات نفسية على الأوكرانيين

أشعلت الحرب شرارة سباق تسلح جديد، يُذكّر البعض بالاستعدادات في ثلاثينيات القرن الماضي للحرب العالمية الثانية. فقد حشدت روسيا مئات الآلاف من المجنّدين، وتهدف إلى توسيع جيشها من مليون إلى 1.5 مليون جندي.

بدورها، كثّفت الولايات المتحدة إنتاج الأسلحة لتحل محل المخزونات المرسلة إلى أوكرانيا.

وبينما تخطّط فرنسا لزيادة الإنفاق العسكري بمقدار الثلث بحلول عام 2030، تخلّت ألمانيا عن حظرها الطويل الأمد على إرسال الأسلحة إلى مناطق الصراع، وشحن الصواريخ والدبابات إلى أوكرانيا.

وفي هذا الإطار، قال باتريك بوري، المحاضر الأول في الأمن بجامعة "باث"، لوكالة "أسوشييتد برس": "قبل الحرب، افترض العديد من المراقبين أن القوات العسكرية ستتحرك نحو تكنولوجيا أكثر تقدمًا وحرب إلكترونية، وستصبح أقل اعتمادًا على الدبابات أو المدفعية".

غير أن البنادق والذخيرة كانت من أهم الأسلحة في الحرب على أوكرانيا.

أسلحة في أوكرانيا

وقال بوري: "في الوقت الحالي على الأقل، يتّضح أن الحرب التقليدية في أوكرانيا، دولة ضد دولة، قد عادت".

اختبار وتشديد للتحالفات

أمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أن تؤدي الحرب إلى تقسيم الغرب وإضعاف حلف شمال الأطلسي "الناتو". لكن بدلًا من ذلك، تمّ تنشيط التحالف العسكري، وأصبح للمجموعة التي تمّ إنشاؤها لمواجهة الاتحاد السوفيتي، هدف متجدد بينما تخلت فنلندا والسويد عن عقود من عدم الانحياز، وطلبتا الانضمام إلى "الناتو" بهدف الحصول على الحماية ضد روسيا.

وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة على روسيا، بينما أرسل دعمًا بمليارات الدولارات لأوكرانيا. ووضعت الحرب خلافات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في منظورها الصحيح، مما أدى إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين الكتلة والمملكة المتحدة.

وقال محلل الشؤون الدفاعية مايكل كلارك للوكالة: " الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات شديدة وجدية كما ينبغي. لقد عادت الولايات المتحدة إلى أوروبا للثأر من روسيا بطريقة لم نعتقد أبدًا أنها ستحصل مرة أخرى".

وضخّت الدول الأعضاء في "الناتو" أسلحة ومعدات بمليارات الدولارات في أوكرانيا. ودعم التحالف جناحه الشرقي، وأقنع البلدان الأقرب إلى أوكرانيا وروسيا، بما في ذلك بولندا ودول البلطيق، وهم الحلفاء الأكثر ترددًا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مما قد يحول مركز القوة في أوروبا شرقًا.

ورغم ذلك، هناك بعض التشقّقات في الوحدة الأوروبية. ومارس رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الحليف الأقرب لبوتين في الاتحاد الأوروبي، ضغوطًا ضد العقوبات المفروضة على موسكو، ورفض إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، وأوقف حزمة مساعدات من الكتلة إلى كييف.

الدعم الأوروبي لأوكرانيا

وكلما طالت الحرب، ستتعرّض الوحدة الغربية لضغوط متزايدة.

لكن الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ قال في نهاية عام 2022: "روسيا تخطط لحرب طويلة، لكن الحلف جاهز أيضًا على المدى الطويل".

انقسام العالم إلى معسكرين

نتيجة الحرب، فُرضت على روسيا العقوبات، وأُدرجت شركاتها في القائمة السوداء، وانسحبت أشهر العلامات التجارية العالمية منها.

لكن روسيا ليست وحيدة دون أصدقاء، حيث عزّزت موسكو علاقاتها الاقتصادية مع الصين، على الرغم من أن بكين لم ترسل أسلحة لروسيا حتى الآن. وقد أعربت الولايات المتحدة مؤخرًا عن قلقها من أن هذا الوضع قد يتغيّر.

تراقب الصين عن كثب نتائج صراع قد يشجّعها أو يثنيها عن أي محاولة عسكرية لاستعادة تايوان التي تتمتّع بحكم ذاتي.

كما عزّز بوتين العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية وإيران التي تزوّدها بطائرات مسيرة مسلّحة تطلقها روسيا على البنية التحتية الأوكرانية. وفي الوقت نفسه، تواصل موسكو بناء نفوذها في إفريقيا والشرق الأوسط عبر المجالات الاقتصادية والعسكرية. وزادت قوة مجموعة "فاغنر" الروسية في النزاعات من دونباس إلى منطقة الساحل الإفريقي.

في صدى للحرب الباردة، ينقسم العالم إلى معسكرين، بينما تحافظ العديد من البلدان، بما في ذلك الهند، على رهاناتها إلى أن يتبين من سيكون المنتصر.

وفي هذا الإطار، قالت تريسي جيرمان، أستاذة الصراع والأمن في كينجز كوليدج لندن، للوكالة: إن الحرب الروسية على أوكرانيا أدت إلى توسيع الصدع بين "النظام الدولي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة من جهة، وروسيا الغاضبة والصين القوة العظمى الصاعدة من جهة أخرى".

اقتصاد مهزوز يحتاج إلى إعادة تشكيل

يمكن تلمّس تداعيات الحرب على الاقتصاد العالمي من المنازل الباردة في أوروبا وأسواق المواد الغذائية في إفريقيا.

قبل الحرب، كانت دول الاتحاد الأوروبي تستورد حوالي نصف غازها الطبيعي وثلث نفطها من روسيا. لكن الحرب والعقوبات المفروضة على روسيا ردًا على الحرب، أحدثت صدمة في أسعار الطاقة على نطاق لم نشهده منذ السبعينيات.

كما عطّلت الحرب التجارة العالمية التي كانت لا تزال تتعافى من جائحة كورونا. وارتفعت أسعار المواد الغذائية، لأن روسيا وأوكرانيا من الموردين الرئيسيين للقمح وزيت عباد الشمس، ناهيك عن أن روسيا هي أكبر منتج للأسمدة في العالم.

أبحرت السفن المحملة بالحبوب من أوكرانيا بموجب اتفاق هشّ توسّطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، وانخفضت الأسعار عن مستوياتها القياسية. لكن الطعام لا يزال يمثّل عامل تجاذب جيوسياسي. وسعت روسيا إلى إلقاء اللوم على الغرب في ارتفاع الأسعار، بينما تتهم أوكرانيا وحلفاؤها روسيا باستخدام الجوع سلاحًا.

شاحنات محمّلة بالحبوب

وقالت جيرمان: إن الحرب "سلّطت الضوء على هشاشة فكرة العالم المترابط، تمامًا كما حدث خلال الوباء، ولم نشعر بتأثيرها الاقتصادي الكامل بعد".

وعرقلت الحرب محاولات مكافحة تغيّر المناخ، مما أدى إلى زيادة هائلة في استخدام أوروبا للفحم. ومع ذلك، فإن اندفاع أوروبا بعيدًا عن النفط والغاز الروسي قد يسرّع التحول إلى مصادر الطاقة المتجدّدة بشكل أسرع من التحذيرات التي لا حصر لها بشأن مخاطر الاحتباس الحراري.

وتقول وكالة الطاقة الدولية: إن العالم سيضيف قدرًا كبيرًا من الطاقة المتجدّدة في السنوات الخمس المقبلة، كما فعل في السنوات العشرين الماضية.

عصر جديد من عدم اليقين

الحرب الروسية على أوكرانيا هي تذكير صارخ بأن الأفراد ليس لديهم سيطرة تُذكر على مجرى التاريخ. لا أحد يعرف ذلك أفضل من ثمانية ملايين أوكراني أُجبروا على الفرار من ديارهم وبلادهم من أجل حياة جديدة في مجتمعات في جميع أنحاء أوروبا وخارجها.

بالنسبة لملايين الأشخاص الذين تأثّروا بشكل أقلّ مباشرة، أدى الانهيار المفاجئ للسلام في أوروبا إلى حالة من عدم اليقين والقلق.

وأعادت تهديدات بوتين المستترة باستخدام أسلحة ذرية إذا تصاعد الصراع، إحياء المخاوف من حرب نووية كانت كامنة منذ الحرب الباردة. احتدم القتال حول محطة "زابوريجيا" للطاقة النووية، ما أعاد شبح حادثة تشيرنوبيل جديدة.

وقالت باتريسيا لويس، مديرة برنامج الأمن الدولي في مؤسسة "تشاتام هاوس" الفكرية: إن "قعقعة بوتين النووية أثارت الغضب أكثر من الخوف. لكن المخاوف بشأن التصعيد النووي ازدادت بعد إعلان بوتين في 21 فبراير الحالي، تعليق مشاركة بلاده في معاهدة نيوستارت".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close