نظمت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، يوم أمس الأحد، وقفة احتجاجية أمام مبنى بلدية بنزرت، رُفعت خلالها لافتات تطالب برحيل الرئيس قيس سعيد، وعودة المسار الديمقراطي في البلاد.
ودعت الجبهة إلى حوار وطني للوصول إلى توافق حول خريطة طريق يمكنها أن تعمل على إسقاط ما تصفه بـ"الانقلاب"، ومحاسبة المسؤولين عنه قانونيًا وسياسيًا.
يأتي ذلك بالتزامن مع تصعيد واضح في موقف الاتحاد العام للشغل في تونس، الذي لطالما ساند الرئيس سعيد في إجراءاته التي بدأ في انتهاجها من يوليو/ تموز 2021.
وفي وقت لفتت دعوة اتحاد الشغل الأخيرة إلى وحدة القوى الوطنية للتصدي لمهمّة إنقاذ البلاد، يرى كثيرون في الموقف الجديد للنقابة الأكبر في تونس، تحوّلًا مهمًّا يمكن الارتكاز عليه.
"منعطف مهم" في تونس
في غضون ذلك، تستعدّ المعارضة لحشد أنصارها على أمل التصدّي للنهج الذي قد يعيد البلاد إلى مربع الديكتاتورية كما يرون، وهو حراك قد يتمخّض عنه فرز واضح بين شارع سياسي في مآربه وآخر اجتماعي في مطالبه.
فبعد انتخابات تشريعية فشلت في حشد أكثر من 11% من المقترعين في تونس، وقع سعيّد على قانون الموازنة خلال اجتماع روتيني مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وذلك قبل نشره في المجلة الرسمية. ولم يأخذ القانون المسار نفسه الذي أخذته موازنات السنوات الماضية ما بعد الثورة، في ظل غياب المؤسسة التشريعية، وهو ما أثار تساؤلات بشأن شرعية القانون وصحة مساره.
وفي هذا الإطار، يرى مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، مهدي المبروك، أن البلاد دخلت منعطفًا مهمًا بعد 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وهو يوم الانتخابات، لكن الحديث عن مرحلة "ما بعد قيس سعيد" قد يكون سابقًا لأوانه، لعدة اعتبارات.
وتعتبر تلك الانتخابات أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية، بدأ الرئيس قيس سعيد فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021، سبقها حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء 25 يوليو 2022.
#تونس.. جبهة الخلاص الوطني تنظم وقفة احتجاجية للمطالبة برحيل #قيس_سعيد#العربي_اليوم تقرير: أميرة مهذب pic.twitter.com/C2r7J16xn2
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 26, 2022
الحاجة لمشروع موحد
ويشير المبروك في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أنه "وبالرغم من أن الانتخابات عكست حقيقة شعبية الرئيس، وبددت الحجة التي كان يوهم بها خصومه حول ارتكازه على شرعية جماهيرية، إلا أنه لا يمكن لتلك الانتخابات في أزمتها الحادة والتاريخية، أن تكون قد أدت لظهور مشاريع واضحة لما بعد حقبة سعيد".
ويلفت المبروك إلى أن تلك المشاريع يحول دونها الخلاف الحاد بين مختلف الجبهات التي تدعي مناهضتها "الانقلاب"، بغض النظر عن تدرجها في المواقف منذ إجراءات سعيد الأولى صيف 2021.
ويوضح المبروك أن الأفكار التي تتنوع في جبهة المعارضة، بين دعوات رحيل سعيد، وبين ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لم تصل بعد إلى حد المشاريع الواضحة في وجه نظامه، وهي لا تزال في مرحلة "جس نبض" بين الأفرقاء.
لكنه يخلص إلى أنّه "مع المزيد من الأخطاء التي يرتبكها سعيد، وتردي الوضع الاقتصادي، قد تصل تونس إلى مرحلة سد الفجوات بين أطياف المعارضة، وتوحيدها في مشروع أوضح".