قبل حوالي الشهرين من انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، بدأ يبرز اسم محمد أوز، الأميركي من أصل تركي، المرشّح الجمهوري لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية بنسيلفانيا.
وفي حال فوزه على المرشّح الديمقراطي جون فيترمان، سيدخل أوز التاريخ بكونه أول سيناتور مسلم في مجلس الشيوخ الأميركي الذي يضمّ 100 عضو من الولايات الأميركية.
من هو محمد أوز؟
محمد أوز هو أول مسلّم يتمّ ترشيحه من قبل حزب كبير لمقعد في مجلس الشيوخ.
عام 1960، ولد أوز في كليفلاند بولاية أوهايو الأميركية لأبوين تركيين، والده هو الدكتور مصطفى أوز. ومتزوج من المؤلفة ليزا أوز ولهما أربعة أطفال.
هو جرّاح قلب مشهور، وشخصية تلفزيونية شهيرة حيث يقدّم برنامجًا تلفزيونيًا باسمه "دكتور أوز" (Dr.OZ). وحقّق شهرة واسعة في المجتمع الأميركي بظهوره في برنامج الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري.
عام 1982، حصل على درجة جامعية من جامعة هارفرد. وبعدها بأربعة أعوام، حصل على دكتوراه في الطب المشترك ودرجة ماجستير في إدارة الأعمال من مدرسة الطب جامعة بنسلفانيا ومدرسة وارتون.
تشمل اهتماماته البحثيه جراحة استبدال القلب، وسياسة الرعاية الصحية. له أكثر من 350 منشورًا وكتابًا طبيًا، أُدرج بعضها ضمن الكتب الأكثر رواجًا ومبيعًا. وحصل على العديد من براءات الاختراع، كما فاز بجوائز عديدة، منها تسع جوائز إيمي.
علاقته بالدين
خلال حملته الانتخابية، نادرًا ما يتحدّت أوز عن ديانته. وفي مقابلة مع شبكة "إيه بي سي نيوز" نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، قال دكتور أوز: "فخر وشرف لي أن أكون أول مسلّم يُرشّح لمجلس الشيوخ الأميركي"، مضيفًا: "أعتقد أن أميركا، ولا سيما بنسيلفانيا، بُنيت على السماح لأشخاص من خلفيات متنوّعة بتقديم أفضل أفكارهم".
في ديسمبر/ كانون الأول 2009، خاض أوز واحدًا من أكثر نقاشاته شمولًا حول الإسلام، مع هنري لويس جيتس جونيور، في سلسلة "وجوه أميركا" الذي بثته شبكة "بي بي أس" (PBS).
آنذاك، قال أوز: "لقد كافحت كثيرًا من أجل هويتي الإسلامية"، مستشهدًا بمقاربات والديه المختلفة للإيمان. فعائلة والده وضعت الدين أولوية وجوهرًا أساسيًا في حياتها، وفي المقابل كانت عائلة والدته علمانية.
وأشار إلى أنه يعتبر نفسه "صوفيًا"، في إشارة إلى "الصوفية"، السلوك التعبّدي الذي مارسه المسلمون من السنة والشيعة منذ آلاف السنين، ويؤكد على الروحانيات والعلاقة المباشرة مع الله.
وانطلاقًا من هذا، لا يلفت أوز اهتمام المسلمين في بنسلفانيا. وقال عبد الله بوسيوس، إمام مسجد في فيلادلفيا، لشبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية، إن أوز "بعيد عن الجالية المسلمة في ولاية بنسلفانيا، وهو لا يثير حماستنا للتصويت".
وباعتباره مرشحًا جمهوريًا، فإن أوز يمثّل أقلية في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه أو يميل إليه 13% من المسلمين الأميركيين فقط.
عام 2017، انتقد أوز قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بحظر دخول مواطني العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى أميركا.
وقال، في مقابلة مع برنامج " شاهد ما يحدث مباشرة مع أندي كوهين" على قناة "برافو تي في": "لدي عائلة في تركيا، إنها قضية مليئة بالتحديات بالنسبة إلينا".
وفي مقابلة مع قناة "تي أر تي" التركية، في العام نفسه، قال أوز: "لقد أُسيء فهم الإسلام"، مضيفًا: "أعتقد أن المسلمين لديهم فرصة كبيرة لإيضاح أنفسهم. فمن السهل جدًا وصف الإسلام بأنه عبارة عن أشخاص يفجّرون الأشياء بدافع الكراهية، لكن هذا لا يعكس حقيقة الدين الذي نشأت عليه".
تأثيره على المسلمين الأميركيين
وفي مقابلة مع شبكة "ريل أميركا فويس" في مايو/ أيار الماضي، وصف أوز نفسه بـ"المسلم العلماني"، مضيفًا أنه "لا يريد أن يكون لأي من المتعصّبين الدينيين دور في المجتمع الأميركي، وسأمنعهم بشدة".
كما أبدى أوز قلقه بشأن قانون "الشريعة الإسلامية في الولايات المتحدة"، في إشارة إلى النظام القانوني التاريخي للإسلام الذي كان مثيرًا للجدل في الغرب- وخاصة بين الجمهوريين- بسبب مقاربته للعدالة الجنائية والديمقراطية وحقوق المرأة.
لكن خبراء الشريعة يصفون هذا النقد بأنه "اختزالي"، قائلين إن بعض القواعد مرتبطة بشكل غير عادل بالشريعة، وليس بالقوى الاجتماعية أو السياسية.
ولدى سؤاله عمّا إذا كان يعتقد أن أميركا تأسّست "على مبادئ اليهودية والمسيحية المستمدة من الكتاب المقدس"، أجاب أوز: "بالطبع"، مشيرًا إلى أن أبناءه الأربعة وأحفاده الأربعة جميعهم معمّدون ومسيحيون.
ورغم كونه مسلمًا إلا أن بعض الخبراء يشكّون في أن يتأثر المسلمون به.
وفي هذا الإطار، قال خالد أ. بلانكينشيب، رئيس قسم الدين الإسلامي في جامعة تمبل، لشبكة "إي بي سي نيوز": "لا أعتقد أن المسلمين سيتأثرون بحقيقة أن أوز مسلم"، مرجّحًا أن تكون الأسبقية للقضايا المتعلّقة بالصحة التي تركّز عليها حملة منافسه الديمقراطي، والهجمات على إقامة أوز الطويلة في ولاية نيوجيرسي.
وأوضح إحصاء لمركز "بيو" عام 2017، أن المسلمين يُشكّلون حوالي 1% فقط من سكان ولاية بنسلفانيا.
وإذ قال إن "تصويت المسلمين ضئيل حقًا، وهو ليس مهمًا للغاية"، أوضح بلانكينشيب أن هذا "لا يقلّل" من أهمية ترشيح أوز، واصفًا إياه بأنه "حدث كبير".
"رجل معروف بإنسانيته"
وبعيدًا عن الدين، حقّق أوز نجاحًا كبيرًا في التواصل مع الأقليات والفئات الفقيرة.
وقالت صحيفة "نيويورك بوست" إن أوز "رجل معروف بإنسانيته"، مستشهدة بما فعله في حي كينسينغتون في فيلادلفيا في سبتمبر/ أيلول الماضي.
حينها توقّف أوز بشكل عفوي في الحي الذي يسكنه أشخاص من الأقليات، ويكافح مع أسواق المخدرات المفتوحة ويُعاني من أعلى معدّلات عنف السلاح في المدينة. وعندما طلب العديد من مدمني المخدرات المساعدة من أوز، أخذهم إلى مركز لعلاج الإدمان.
جدل طبي
في المجتمع الطبي، أثار أوز جدلًا كبيرًا بعد اتهامه بتقديم معلومات مغلوطة حول بعض العقاقير، وهي اتهامات نفاها الطبيب مرارًا.
وأفاد موقع "فوكس" (Vox) أن بعض الأطباء طالبوا علنًا جامعة كولومبيا، حيث يدرّس أوز، بقطع علاقاتها معه لترويجه للطب البديل. وبالفعل، أزالت الجامعة ملف أوز الشخصي من موقعها على الإنترنت، بعد دخوله السباق الانتخابي لعضوية مجلس الشيوخ.
كما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن خبراء في الطب ومنظمات في الصحة العامة وإرشادات الصحة الفيدرالية أن أوز "خلال الفترة التي امتد فيها برنامجه، من عام 2009 وحتى 2021، وفّر منصّة لمنتجات خطرة ووجهات نظر سطحية، استهدفت ملايين المتابعين".
يركّز أوز في حملته الانتخابية على أكثر من اثني عشر مجالًا، وفقًا لموقع حملته الانتخابية على الانترنت.
في تركيزه على جائحة كوفيد 19، يعتبر أوز أن السلطات "سلبتنا حريتنا، دون أن تجعلنا أكثر أمانًا". ويعارض الإغلاق، ويدعم عودة الأطفال في المدارس، كما يعارض تفويضات اللقاح.
ويركّز أوز على "استقلالية مصادر الطاقة"، ويدعم تخفيف القوانين المتعلقة بصناعة الوقود الأحفوري لزيادة إنتاج الطاقة المحلي.
كما تركّز حملته على "أمن الانتخابات"، و"التشدّد مع الصين"، إلى جانب مواقف الجمهوريين التقليدية المتعلّقة بحمل السلاح، والاقتصاد، والهجرة، والإجهاض، والعنف في ولاية تشهد موجة إجرامية، يتّهم الجمهوريون المدعي العام لاري كراسنر، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي، بالتساهل فيها.