لا يزال حادث غرق قارب الهجرة قبالة سواحل مدينة طرابلس اللبنانية قبل يومين يثير مطالبات بضرورة محاسبة المسؤولين عن الواقعة، التي اصطفت إلى جانب أزمات وحوادث هذا البلد.
وفي سياق ردود الفعل على الحادثة، قال مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان، اليوم الإثنين، إنّ كارثة غرق القارب في طرابلس (شمال) "لا يمكن أن تمر من دون محاسبة ومعاقبة كل من تسبب بها".
وغرق القارب الذي انطلق مساء السبت من جنوب طرابلس، أفقر المدن اللبنانية، وعلى متنه عشرات الأشخاص، حيث جرى إنقاذ معظم الركاب، فيما لقي سبعة على الأقل حتفهم حتى الآن.
وتعد حادثة الغرق هي الأسوأ منذ سنوات، خصوصًا مع تكرر محاولات الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، هربًا من الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان منذ صيف 2019.
وإلى الآن تتضارب المعلومات حول عدد الركاب الحقيقي، إذ أعاد الجيش 48 شخصًا إلى الشاطئ، فيما أفادت تقارير أولية بأن 60 شخصًا كانوا على متنه، كما تحدثت الأمم المتحدة عن 84 شخصًا على الأقل.
وعادة ما تلاحق القوات البحرية في الجيش اللبناني، قوارب الهجرة غير الشرعية في البحر، ويغرق بعضها أثناء محاولة التوقيف.
دعوة إلى الهدوء
ودعا دريان أبناء طرابلس والشمال وعكار "إلى الهدوء والتروي إلى حين إجراء تحقيق شفاف من قبل قيادة الجيش والقضاء المختص لكشف ملابسات الكارثة التي لا يمكن أن تمر من دون محاسبة ومعاقبة كل من تسبب بها".
وشهدت طرابلس ومناطق لبنانية عدة، الأحد، مظاهرات تضامنًا مع ضحايا غرق المركب، للمطالبة بمحاسبة المسؤولين.
وشدّد دريان على أنهم سيتابعون ملف هذه القضية مع الجهات المعنية لتبيان حقيقة الأمور و"لتتحمل كل جهة مسؤولياتها أمام الله وأمام القضاء المختص".
واعتبر مفتي لبنان أن الدولة مسؤولة عن تردي الوضع الخطير الذي وصل إليه المواطن مما جعله يحاول أن يغادر بلده إلى المجهول، بأية طريقة لتأمين سبل العيش الكريم بسبب المعاناة المعيشية التي تلاحقه يوميًا.
كما لم تتضح ظروف الحادثة، ففيما اتهم ناجون القوة البحرية بإغراق القارب أثناء محاولة توقيفه، قال الجيش إن قائد المركب نفذ "مناورات للهروب بشكل أدى إلى ارتطامه".
عمليات البحث مستمرة
وتجري فرق الإنقاذ منذ صباح الإثنين البحث عن مفقودين، بعدما أعلن الجيش أن "عمليات البحث والإنقاذ التي ينفذها الجيش اللبناني برًا وبحرًا وجوًا" مستمرة.
من جانبه، قال مدير عام مرفأ طرابلس أحمد تامر لوكالة "فرانس برس" الإثنين: "تم انتشال جثة سيدة من آل النمر اليوم من شاطئ طرابلس".
وكان الجيش انتشل خلال اليومين الماضيين جثث ستة أشخاص، بينهم طفلة.
ولم يحدد الجيش جنسية المهاجرين، فيما أفادت تقارير إعلامية بأن غالبيتهم لبنانيون، وبينهم لاجئون فلسطينيون وسوريون.
وتزايدت محاولات الهجرة غير النظامية من لبنان باتجاه قبرص، من قبل لبنانيين وسوريين، في ظل تدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر، في بلد يمر بأزمة اعتبرها البنك الدولي واحدة من أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المتصاعد في لبنان، تضاعف عدد المهاجرين الذين يحاولون الفرار بحرًا وغالبًا ما تكون وجهتهم قبرص.
ومنذ عام 2020، وفق الأمم المتحدة، حاول 38 قاربًا على متنها أكثر من 1500 الفرار عبر البحر، وقد "تم اعتراض أو إعادة أكثر من 75%" منها.