الأحد 12 مايو / مايو 2024

كيف أسهمت شبكة سرية في بيلاروسيا بقطع الإمدادات عن القوات الروسية؟

كيف أسهمت شبكة سرية في بيلاروسيا بقطع الإمدادات عن القوات الروسية؟

Changed

تقرير يناقش أسباب تجميع القوات الروسية بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف (الصورة: وزارة الدفاع الروسية)
استلهم المخربون خطتهم من تاريخ بيلاروسيا خلال الحرب العالمية الثانية، عندما فجر المعارضون خطوط السكك الحديدية ومحطات القطارات لتعطيل خطوط الإمداد الألمانية.

عندما تدفّق عناصر القوات الروسية لأول مرة عبر الحدود البيلاروسية إلى أوكرانيا، كانوا يعتزمون الاعتماد على شبكة السكك الحديدية الواسعة في المنطقة للحصول على الإمدادات والتعزيزات. لكن لم يكن في حسبانهم أن هناك شبكة سرية من عمال السكك الحديدية والمتسللين وقوات الأمن المنشقة الذين كانوا بانتظارهم.

وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن دور هذه الشبكة في تعطيل خطوط السكك الحديدية التي تربط روسيا بأوكرانيا عبر بيلاروس، ما أسهم في ضرب خطوط الإمداد للقوات الروسية التي تقطعت بها السبل على الخطوط الأمامية من دون طعام ووقود وذخيرة بعد أيام على الهجوم على أوكرانيا.

وأعرب رئيس السكك الحديدية الأوكرانية ألكسندر كاميشين، عن امتنان أوكرانيا للمخربين البيلاروسيين، قائلا: "إنهم أناس شجعان وصادقون في مساعدتنا".

بسيطة لكن فعالة

وقال أعضاء في الشبكة البيلاروسية إن هذه الأعمال كانت بسيطة لكنها فعالة، حيث استهدفت خزانات التحكم في الإشارة الضرورية لعمل السكك الحديدية. فمن دون إشارات آلية، اضطرت القطارات إلى التباطؤ.

وكانت حركة القطارات مشلولة لأيام متتالية بسبب تدمير جزء من السكك الحديدة في بيلاروسيا، مما أجبر الروس على محاولة إعادة إمداد قواتهم عن طريق البر.

وقال يوري رافافوي، الناشط البيلاروسي الذي هرب إلى بولندا تحت التهديد بالاعتقال خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت بيلاروسيا عام 2020، إن الهجمات أتاحت أيضًا الوقت للقوات الأوكرانية لصياغة ردّ فعال على الهجوم الروسي.

واستلهم المخربون خطتهم من حقبة سابقة في تاريخ بيلاروسيا خلال الحرب العالمية الثانية، عندما فجر البيلاروسيون المعارضون للاحتلال النازي خطوط السكك الحديدية ومحطات القطارات لتعطيل خطوط الإمداد الألمانية.

وقال رافافوي: "كان أعضاء الشبكة حريصين على عدم إلحاق إصابات، لذلك ركزوا هجماتهم على المعدات التالفة لمنع السكك الحديدية من العمل. لم يريدوا قتل أي جندي روسي أو سائقي قطارات بيلاروسيين. استخدموا طريقة سلمية لمنعهم".

ثلاث مجموعات رئيسة

وأوضح ألكسندر أزاروف، المسؤول الأمني السابق الذي يعيش في وارسو والذي يرأس مجموعة القوة الأمنية المسماة "بيبول"، أن ثلاث مجموعات رئيسة شاركت في عمليات التخريب، وهي مجموعة تمثل عمال السكك الحديدية والمنشقين عن قوات الأمن والمتخصصين في مجال الإنترنت.

وأضاف أن موظفي السكك الحديدية المتعاطفون مع الثوار سربوا تفاصيل التحركات الروسية ومواقع البنية التحتية للسكك الحديدية الرئيسة لمجموعة تسمى مجتمع عمال السكك الحديدية، والتي تشاركها على قنوات "تليغرام".

وشرح أزاروف أن المؤيدين على الأرض يتواصلون لتنفيذ الهجمات، لكن لا يوجد تسلسل رسمي للقيادة، قائلًا: "حركتنا ليست مركزية. ليس الأمر كما لو كان هناك زعيم للمقاومة. إنها حركة أفقية، حيث تعمل عشرات المجموعات على الأرض".

أما المجموعة الثالثة وهي "Cyber Partisans"، فتتكون من متخصصي تكنولوجيا المعلومات المنفيين البيلاروسيين الذين نفذوا العديد من الهجمات الإلكترونية ضد الحكومة البيلاروسية منذ انضمامها عام 2020.

وشنّت المجموعة السيبرانية الهجوم الأول، حيث اخترقت شبكة الكمبيوتر للسكك الحديدية في الأيام التي سبقت الهجوم، واضطربت حركة السكك الحديدية قبل أن تعبر القوات الروسية الحدود.

وقالت يوليانا شيميتوفيتس، المتحدثة باسم المجموعة ومقرها نيويورك، إن التسلل إلى أجهزة كمبيوتر شبكة السكك الحديدية كان سهلًا نسبيًا، لأن شركة السكك الحديدية لا تزال تستخدم نظام التشغيل "Windows XP" ، وهو إصدار قديم من البرنامج يحتوي على العديد من نقاط الضعف.

وقال سيرغي فويتكوفيتش، موظف سكك حديد سابق يقيم الآن في بولندا وهو قائد في مجموعة من عمال السكك الحديدية: "ابتداءً من 26 فبراير/ شباط، أدت سلسلة من خمس هجمات تخريبية ضد خزانات الإشارات إلى توقّف حركة القطارات بشكل شبه كامل".

منع الهجمات وتعقّب المخربين

وبحلول 28 فبراير، بدأت صور الأقمار الاصطناعية تظهر القافلة التي يبلغ طولها 40 ميلًا من الشاحنات والدبابات الروسية، وهي متجهة ظاهريًا من بيلاروس نحو كييف. وفي غضون أسبوع، توقفت القافلة تمامًا بسبب نفاد الوقود من المركبات أو تعطلها.

ومنذ ذلك الحين، بذلت السلطات البيلاروسية جهودًا مكثفة لمنع الهجمات وتعقّب المخربين، حيث قررت وزارة الداخلية أن الإضرار بالبنية التحتية للسكك الحديدية عمل إرهابي وجريمة عقوبتها السجن 20 عامًا.

وقال النشطاء إن العشرات من عمال السكك الحديدية اعتُقلوا عشوائيًا وفُتشت هواتفهم. وبحسب جماعات حقوق الإنسان، هناك ما لا يقل عن 11 بيلاروسيًا رهن الاحتجاز، حيث اتهموا بالمشاركة في الهجمات.

في أوائل أبريل/ نيسان الماضي، ألقت شرطة الأمن القبض على ثلاثة مخربين مزعومين بالقرب من بلدة بوبرويسك وأطلقت عليهم الرصاص في ركبهم.

وبث التلفزيون الرسمي لقطات لرجال ينزفون من الدم وركبهم مغطاة بضمادات وادعى أنهم أصيبوا برصاصة وهم يقاومون الاعتقال. ونشرت القوات البيلاروسية دوريات وطائرات بدون طيار لمراقبة خطوط السكك الحديدية من أعمال التخريب.

وقال أزاروف إن إطلاق النار كان له تأثير مخيف على شبكة التخريب، مضيفًا: "لقد أصبح شن الهجمات أمرًا خطيرًا للغاية".

وقال فراناك فياكوركا، المتحدث باسم زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيكانوفسكايا: "نعتقد أن حقيقة أن الروس تخلوا عن كييف هي نتيجة لعملنا، لأن الروس لم يشعروا بالأمان في بيلاروسيا كما توقعوا". ولم يتلق الآلاف من القوات الروسية الطعام، ولم يتلقوا الوقود، ولم يتلقوا المعدات في الوقت المحدد.

ويبدو الآن أن مرحلة جديدة في حرب السكك الحديدية بدأت. ففي الأيام الأخيرة، نشر نشطاء السكك الحديدية على تليغرام صورًا للأضرار التي لحقت بخزانات الإشارات على طول خطوط السكك الحديدية الروسية المستخدمة لنقل القوات إلى شرق أوكرانيا.

ولا يمكن تأكيد الهجمات بشكل مستقل، لكن فويتكوفيتش زعم تورط أعضاء من شبكة السكك الحديدية بالأمر. وقال: "هناك حدود مفتوحة بين بيلاروس وروسيا".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close