أجرى الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين مكالمة هاتفية، في محاولة لتجنب حرب كبرى في أوروبا، فيما يخشى الغرب أكثر من أي وقت مضى غزوًا روسيًا لأوكرانيا، على ما أعلن قصر الإليزيه الأحد.
وأشار إلى أن المكالمة بين الرئيسين اللذين التقيا في الكرملين قبل أسبوعين، استمرت ساعة و45 دقيقة. وبعدها أجرى ماكرون اتصالًا آخر بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأمس السبت، تحدث ماكرون أيضًا إلى زيلينسكي الذي "عهد إليه إبلاغ فلاديمير بوتين عن استعداد أوكرانيا للحوار".
وكان الإليزيه أعلن الجمعة أن المكالمة الهاتفية مع بوتين تهدف إلى "تجنب الأسوأ" في أوكرانيا.
وشدّد الإليزيه على ضرورة "تجربة كل شيء، والقيام بكل شيء حتى لا يحدث الأسوأ"، محذّرًا من "خطر غزو روسي للأراضي الأوكرانية الخاضعة لسيطرة حكومة" كييف، وليس فقط لتلك الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا.
أكبر حرب في أوروبا منذ 1945
في غضون ذلك، يشارك الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد في اجتماع نادر لمجلس الأمن القومي مخصص للبحث في الأزمة الأوكرانية، قبل أيام قليلة من محادثات بين وزير خارجيته أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس 24 فبراير/ شباط.
وفي المواقف، أكّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأحد أن روسيا تستعد "لما يمكن أن تكون أكبر حرب في أوروبا منذ العام 1945".
وتابع أنه بحسب "المعلومات الاستخبارية التي لدينا فإن الغزو الروسي لن يتم فقط من الشرق بل أيضًا من الشمال، من بيلاروسيا بهدف تطويق كييف كما أوضح (الرئيس الأميركي) جو بايدن لعدد منا" وفق جونسون.
ولفت إلى أن لندن وواشنطن ستمنعان الشركات الروسية من "التعامل بالجنيه (الإسترليني) والدولار" في حال غزت روسيا أوكرانيا.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ السبت: إن "كل الدلائل تشير إلى أن روسيا تخطط لشن هجوم كامل".
وتأتي المكالمة الهاتفية بين ماكرون وبوتين فيما تتزايد المواجهات المسلحة على خط المواجهة في شرق أوكرانيا في الأيام الأخيرة، بينما أبلغ مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن أكثر من 1500 انتهاك لوقف إطلاق النار بين الخميس والجمعة، وهو رقم قياسي هذا العام.
"لا يمكن الاستمرار بتقديم غصن الزيتون"
من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الأحد: إن الحلفاء الغربيين لا يمكنهم الاستمرار في "تقديم غصن زيتون" لروسيا، بينما تستمر موسكو في تصعيد التوتر على طول الحدود الأوكرانية.
وأضاف ميشال خلال مؤتمر ميونيخ للأمن "يبقى السؤال الكبير: هل يريد الكرملين الحوار؟ لا يمكننا أن نقدم غصن زيتون إلى الأبد فيما تقوم روسيا بتجارب صاروخية وتواصل حشد القوات" على حدود أوكرانيا.
فاغنر في مناطق سيطرة الانفصاليين
في غضون ذلك، كشفت الاستخبارات الأوكرانية اليوم السبت أن روسيا نشرت فرقًا من مجموعة فاغنر الأمنية في مناطق سيطرة الانفصاليين لتنفيذ هجمات وتفجيرات يلقى فيها باللوم على أوكرانيا حسبما نقل مراسل "العربي" في أوكرانيا.
وكان يفترض أن تنهي القوات الروسية والبيلاروسية مناورات عسكرية مشتركة بدأت في 10 فبراير/ شباط الحالي في بيلاروسيا، البلد المجاور لأوكرانيا، الأحد، إلا أن مينسك أعلنت أنها ستستمر بسبب التوترات المتزايدة في أوكرانيا.
ووجاء في بيان عن وزير الدفاع البيلاروسي: "قرر الرئيسان الروسي والبيلاروسي مواصلة التدريبات بسبب زيادة النشاط العسكري على حدودهما المشتركة والتصعيد في شرق أوكرانيا".
وبحسب مينسك، فإن الهدف من المناورات العسكرية يبقى "ضمان الرد المناسب ووقف تصعيد الاستعدادات العسكرية التي يقوم بها أشخاص ذوو نيات سيئة قرب الحدود".
وأجرى الجيش الروسي السبت تحت إشراف فلاديمير بوتين، تجارب على صواريخ قادرة على حمل شحنات نووية.
وتتهم كييف والولايات المتحدة روسيا بنشر 150 ألف جندي على حدود أوكرانيا، مع تكرار واشنطن أن موسكو قد تشن هجومًا "في أي وقت" على أوكرانيا الموالية للغرب إذ أنها تبحث عن سبب للحرب.
في المقابل، ينفي الكرملين أي نية لمهاجمة أوكرانيا التي يسعى لإعادتها إلى دائرة نفوذه.
وتطالب موسكو بـ"ضمانات أمنية" كشرط لخفض التصعيد، أبرزها انسحاب الحلف الأطلسي من أوروبا الشرقية وعدم توسيع الحلف ولا سيما لضم أوكرانيا، وهي مطالب اعتبرها الغربيون غير مقبولة.
معارك على الجبهة الشرقية
ميدانيًا، ازدادت حدة المعارك على الجبهة في شرق أوكرانيا ويتبادل الانفصاليون المدعومون من موسكو وكييف الاتهامات بتصعيد النزاع الذي أوقع أكثر من 14 ألف قتيل منذ 2014.
وأعلن الانفصاليون الموالون لروسيا في شرق أوكرانيا الذين يتهمون كييف بالتخطيط لمهاجمتهم، "تعبئة عامة" السبت لجميع الرجال القادرين على القتال، بعدما أمروا بإجلاء المدنيين إلى روسيا المجاورة التي أكدت الأحد استقبال 40 ألفًا منهم.
وأفادت وكالات الأنباء الروسية ليل السبت الأحد عن وقوع إطلاق نار بالمدفعية في ضواحي دونيتسك على مقربة من خط الجبهة.
وأكدت مليشيات "جمهورية" لوغانسك الانفصالية أنها صدت فجر الأحد هجومًا شنه جنود أوكرانيون قتل خلاله مدنيان بحسب هذا المصدر. وهو إعلان وصفته كييف بأنه "تضليل مطلق".
وكتب رئيس هيئة الأركان الأوكراني فاليري زالويني في بيان على فيسبوك مساء السبت: "نؤكد أن أوكرانيا لا تخطط لهجوم على دونباس"، متّهما موسكو بـ"قتل مدنيين" كذريعة للتدخل تحت غطاء "قوات حفظ سلام".
وتحذر واشنطن باستمرار منذ حوالي ثلاثة أشهر من الاستعدادات الروسية لشن هجوم على أوكرانيا.
وأعلن بايدن لأول مرة الجمعة أنه "واثق" بأن بوتين اتخذ قرارًا باجتياح أوكرانيا "في الأيام المقبلة" وأن تزايد الاشتباكات على خط الجبهة في شرق البلاد يهدف إلى "اختلاق ذريعة" لشن الهجوم.
وحض الرئيس الأوكراني في مداخلته أمام المؤتمر السبت الغربيين على وقف سياسة "المهادنة" التي يتبعونها حيال موسكو وزيادة مساعدتهم العسكرية لبلاده التي تشكل "درع أوروبا" في وجه روسيا.