الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

مقاطعة سياسية وعزوف شعبي.. كيف تؤثر نتائج انتخابات تونس على مسار سعيّد؟

مقاطعة سياسية وعزوف شعبي.. كيف تؤثر نتائج انتخابات تونس على مسار سعيّد؟

Changed

نافذة ضمن برنامج "قضايا" تسلط الضوء على نتائج الانتخابات الأخيرة وتداعياتها على مسار الرئيس قيس سعيد (الصورة: غيتي)
هزّت مسار الرئيس التونسي "ضربة من العيار الثقيل"، إذ تعبّر الأغلبية عن رفضها لقراراته التي اتخذها منذ 25 يوليو عام 2021 عبر شبه مقاطعة للانتخابات الأخيرة.

أعلنت السلطات في تونس أن نحو 11% فقط من الناخبين المسجلين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية بعد أن قاطعت معظم الأحزاب السياسية الاقتراع ووصفته بأنه "مهزلة" تهدف إلى تدعيم سلطات الرئيس قيس سعيّد.

ومنذ إعلان الرئيس التونسي في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز من العام الماضي فرض التدابير الاستثنائية بمقتضى المادة 80 من الدستور تتسارع الأحداث السياسية في البلاد.

إذ علّق الرئيس حينها عمل البرلمان لمدة ثلاثين يومًا وأقال رئيس الحكومة هشام المشيشي، بينما دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الرئيس إلى الإسراع في الثالث من أغسطس/ آب بتعيين رئيس حكومة وتشكيل حكومة "إنقاذ" مصغرة.

وفي 24 أغسطس/ آب من نفس العام، أعلن سعيّد تمديد تعليق نشاط البرلمان حتى إشعار آخر. كما أصدر في الثالث من أغسطس أمرًا رئاسيًا يتضمن تدابير استثنائية أخرى تعزز صلاحياته على حساب الحكومة والبرلمان الذي حلّ الرئيس فعليًا محله عبر إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية، لكن في شكل مراسيم.

لم تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عتبة نسبة 11% - غيتي
لم تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عتبة نسبة 11% - غيتي

وفي 29 سبتمبر/ أيلول أيضًا، كلف الرئيس نجلاء بودن بتشكيل حكومة في أسرع وقت. أما في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول، فأعلن سعيّد أن دستور عام 2014 "غير صالح ولا مشروعية له".

وفي 13 ديسمبر، أعلن سعيّد تمديد تجميد أعمال البرلمان المعلّق منذ الخامس والعشرين من يوليو إلى حين إجراء استفتاء حول إصلاحات دستورية صيف عام 2022 وتنظيم انتخابات تشريعية نهاية العام ذاته.

أمّا في الخامس من فبراير/ شباط 2022، فأعلن الرئيس سعيّد حلّ المجلس الأعلى للقضاء، وذلك بعد أن اتهم أعضاء فيه بالولاءات وبالخضوع لتأثير غريمه السياسي حركة النهضة.

وفي 30 مارس/ آذار صوّت مجلس النواب ضد جميع قرارات سعيّد منذ 25 يوليو. وردًا على هذا التصويت وفي نفس اليوم، أصدر سعيّد قرارًا بحل البرلمان واصفًا الجلسة العامة للبرلمان بمحاولة "انقلاب".

وفي الخامس والعشرين من يوليو 2022 تم التصويت على الاستفتاء على دستور جديد للبلاد، حيث أظهرت النتائج تأييد أكثر من 94% لصالح الدستور الجديد الذي صوّت عليه قرابة ثلاثة ملايين ناخب.

نسب مشاركة ضئيلة

هزّت مسار الرئيس التونسي قيس سعيّد "ضربة من العيار الثقيل"، إذ تعبّر الأغلبية عن رفضها لقراراته التي اتخذها منذ 25 يوليو/ تموز عام 2021 عبر شبه مقاطعة للانتخابات التشريعية الأخيرة.

ولم تتجاوز نسب المشاركة في هذه الانتخابات عتبة نسبة 11%، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أنّ قرابة مليون و25 ألف ناخب قاموا بالاقتراع من أصل نحو 9 ملايين و200 ألف ناخب مسجل.

ومقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة التي عرفتها تونس ما بعد الثورة، فهي على الأقل، قد بلغت نسبة 40.32% عام 2019، ونسبة 69% عام 2014، فيما وصلت 52% نسبة المشاركة سنة 2011. هو زلزال سياسي على حدّ تعبير أحد أكبر خصوم سعيّد، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة أحمد نجيب الشابي.

هيئة الانتخابات تعزو ضعف نسبة المشاركة إلى تغير نظام الاقتراع وانعدام المال السياسي - غيتي
هيئة الانتخابات تعزو ضعف نسبة المشاركة إلى تغير نظام الاقتراع وانعدام المال السياسي - غيتي

المطالبة بـ"رحيل" سعيّد

ولم تمض ساعات على الإعلان عن نسبة المشاركة حتى طالبت أغلب الأحزاب والشخصيات على اختلاف الانتماءات، الرئيس قيس سعيّد بـ"الرحيل الفوري"، واعتبار حكمه قد انتهى بقرار شعبي.

واتخذت المعارضة من الانتخابات الأخيرة منصة للمطالبة برحيل سعيّد، فمقاطعة شريحة كبيرة من التونسيين للانتخابات ما هي إلا رسالة واضحة لسعيّد الذي فقد شرعيته ومصداقية مشروعه السياسي، بحسب وصفهم.

لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمشرفة على الاقتراع عزت ضعف نسبة المشاركة إلى تغير نظام الاقتراع وانعدام المال السياسي.

كما ذكرت شخصيات مؤيدة لسعيّد أنّ طبيعة العملية الانتخابية التي نظمت هذه المرة وفقًا للترشحات الفردية وليست بناء على القوائم الحزبية زاد من ضعف نسبة المشاركة. وستجري جولة إعادة في معظم الدوائر التونسية بالنظر إلى فوز عدد قليل من المترشحين من الجولة الأولى.

وسيحل مجلس النواب الجديد المكّون من 161 نائبًا بسلطات محدودة للغاية محل المجلس الذي جمّد سعيّد أعماله في 25 يوليو/ تموز من عام 2021.

مقاطعة المعارضة

وكانت أغلب أحزاب المعارضة التونسية قد أعلنت في وقت سابق مقاطعة التصويت في الانتخابات البرلمانية. واتهمت المعارضة الرئيس سعيّد بأنه "قوّض التقدم الديمقراطي" الذي تحقق منذ قيام الثورة التونسية في 2011، وهي الاتهامات التي ينفيها الرئيس التونسي.

وتضم قائمة المقاطعين لهذه الانتخابات كيانات سياسية مختلفة مثل جبهة الخلاص الوطني المكونة من عدد من الأحزاب السياسية والهيئات المدنية بينها أحزاب حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وحراك تونس الإرادة وحزب حركة أمل المعارضة، إلى جانب تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية.

في المقابل، يساند كل من حزب حركة الشعب وحزب التيار الشعبي مسار 25 من يوليو/ تموز منذ الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية.

وسيمنح الإقبال الضعيف على التصويت منتقدي سعيّد ذخيرة للتشكيك في شرعية ما يجريه من تغييرات سياسية، فيما تبدو الانتخابات مفصلية بالنظر إلى الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في البلاد.

وصف رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي نتائج الانتخابات بأنها "زلزال سياسي" - غيتي
وصف رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي نتائج الانتخابات بأنها "زلزال سياسي" - غيتي

"صفعة كبرى" لمسار سعيّد

وتعليقًا على نتائج الانتخابات الأخيرة، يعتبر القيادي في جبهة الخلاص الوطني في تونس جوهر بن مبارك، أنّ تلك الانتخابات لم تكن سوى محاولة لـ"تثبيت مشروعية الانقلاب الشعبية واستيعاب العملية الانتخابية لصالحه".

لكنه يرى في حديث إلى "العربي" أن "الصفعة الكبرى" جراء العزوف الكبير للتونسيين عن الانتخابات ومقاطعتهم لها جعلت سلطة قيس سعيّد في الميزان، مؤكدًا أنه "فقد شرعيته" جراء النتيجة الأخيرة.

كما يبين أن استمرار الرئيس التونسي في موقعه "بسلطة الأمر الواقع وبالقوة الصلبة للدولة ليس استمرارًا بالشرعية"، معتبرًا أنّ الشعب التونسي وبالأرقام "ليس مساندًا ومنخرطًا في مشروع سعيّد".

وبشأن إمكانية أن تكون نتيجة التصويت موجهة ضد الموالاة والمعارضة، يشير إلى أن هذا الأمر قائم على "التنبؤات غير الواقعية" جراء وجود موقف وطني رافض لهذه الانتخابات التي نظمها وشارك وترشح لها الداعمون لمسار سعيّد، حسب رأيه.

ويرى أنّه "عندما تتوفر شروط الاقتراع السليم والنزاهة سيشارك الشعب التونسي في الانتخابات"، على غرار ما جرى خلال ثماني عمليات انتخابية منذ اندلاع الثورة عام 2011. ويؤكد أن هناك "موقفا واضحا من التردي الاقتصادي والسياسي المسؤولة عنه سلطة الأمر الواقع".

ويخلص إلى أنّ المعارضة وجبهة الخلاص الوطني بالخصوص "لن تعترف بالانتخابات وبنتائجها وما ينبثق عنها"، مؤكدًا أن البرلمان الجديد "سيكون صدى صوت قيس سعيّد، وسيكون فاقدًا للشرعية".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close