الإثنين 13 مايو / مايو 2024

"مواطنون ضد الانقلاب" عقب إعفاء القضاة: إجراء تسلطي يعمق عزلة تونس

"مواطنون ضد الانقلاب" عقب إعفاء القضاة: إجراء تسلطي يعمق عزلة تونس

Changed

مراسلة "العربي" في تونس تتحدث عن قرار الرئيس التونسي عزل عشرات القضاة وترصد ردود الفعل (الصورة: تويتر)
اعتبرت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" أن إعفاء 57 قاضيًا يأتي في إطار محاولة الرئيس قيس سعيّد فتح المعركة مع خصومه السياسيين لتصفيتهم "عبر قضاء التعليمات والخضوع".

تتوالى المواقف الرافضة والمنددة بقرار الرئيس قيس سعيد، إعفاء عشرات القضاة من مهامّهم. فقد وصفت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس، الخميس، القرار بالـ"إجراء التسلطي"، معتبرة أنه "يدفع البلاد إلى تعميق عزلتها".

وقالت المبادرة في بيان: "إن قرار إعفاء القضاة إجراء تسلطي يدفع البلاد إلى مخاطر المواجهة وتعميق عزلتها تحت ستار حديدي من الحكم الفردي الاستبدادي المارق عن القوانين والشرعية".

وقد أصدر سعيد ليل الأربعاء أمرًا رئاسيًا نشر في جريدة الرائد الرسمية يقضي بإعفاء 57 قاضيًا من مهامّهم، على خلفية اتهامات وُجّهت إليهم من بينها "تغيير مسار قضايا" و"تعطيل تحقيقات" في ملفات إرهاب وارتكاب "فساد مالي وأخلاقي".

"مرحلة خطيرة"

واعتبرت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" أن هذا الإجراء "يأتي في سياق عزلة داخلية وخارجية لسلطة الانقلاب وفي إطار محاولة يائسة لتحويل أزمته الخانقة نحو فتح المعركة مع خصومه السياسيين لتصفيتهم عبر قضاء التعليمات والخضوع". 

وحذرت المبادرة من أن "ما أقدم عليه سعيد هو إيذان بمرحلة خطيرة من استعمال أجهزة الدولة والمرفق القضائي لإغلاق الحياة السياسية واستهداف المعارضة ومقاومي الانقلاب".

كما دعت القوى السياسية والمدنية وكل الشارع الديمقراطي إلى "التصدي صفًا واحدًا لهذا الانقلاب الذي يذهب بالبلاد نحو الانهيار والخراب الشامل".

"تدخل فظ" في القضاء

من جهتها، اعتبرت جبهة الخلاص الوطني في تونس، أن عزل عشرات القضاة، يعد "تدخلًا فظًا" في سير المرفق القضائي في البلاد.

وأوضحت الجبهة، التي أعلن عن انطلاقها رسميًا قبل يومين لمواجهة الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيّد، أن الإجراء الجديد "ينزع" عن سعيّد "ما تبقى من قرينة الاستقلالية بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء، وهو يفقد أحكامه نهائيًا شرط المحاكمة العادلة ويحوله إلى أداة للاضطهاد". 

وقد أشارت مراسلة "العربي" في تونس أميرة مهذب إلى أن الرئيس قيس سعيد لطالما أشار في تصريحات سابقة إلى عزمه على "تطهير" القضاء التونسي. 

وقد لفتت إلى أن قرار سعيّد عزل القضاة جاء لتورطهم بأكثر من شبهة متعلقة بالفساد أو التستر على ملفات لها صبغة إرهابية، إضافة إلى اتهام البعض بقضايا أخلاقية والبعض الآخر بالثراء الفاحش. 

وبحسب المراسلة، فهذا المرسوم ينقح مرسومًا آخر صدر سابقًا في الجريدة الرسمية ويتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء الذي صدر في فبراير/ شباط الماضي. ويضيف الرئيس صلاحية جديدة لنفسه وهي إعفاء القضاة الذين يتورطون بالمس في أمن الدولة أو بتهم أخرى ذات طبيعة جرمية. 

ولفتت مهذب إلى أن قائمة القضاة الذين طالهم الإعفاء الرئيس السابق لمحكمة التعقيب والناطق الرسمي باسم قطب مكافحة الإرهاب ورئيس المجلس العلى للقضاء المنحل. 

 حملة لإسقاط الاستفتاء الدستوري

من جهة أخرى، أعلنت 5 أحزاب تونسية، اليوم الخميس، إطلاق حملة لإسقاط الاستفتاء على دستور جديد شكل رئيس البلاد قيس سعيّد لجنة لكتابته، ودعا للاستفتاء عليه في يوليو/ تموز المقبل.

وتضم الحملة كل من الحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (اجتماعية)، وحزبا العمال والقطب (يسار) بحسب بيان مشترك تلاه أمين عام حزب العمال حمة الهمامي، في مؤتمر صحافي عُقد بالعاصمة تونس.

وقال الهمامي: "إن الأحزاب المذكورة ستطلق الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء على الدستور انطلاقًا من رفض المشاركة فيه وصولًا إلى الدعوة لمقاطعته". وأضاف: "سيتم القيام بجملة من الأعمال الميدانية والإعلامية المستقلة بهدف حماية البلاد من مخاطر التفكك والتصدي لكل أشكال انتهاك السيادة الوطنية وضرب الحريات العامة والفردية".

وأشار إلى أنه "سيتم الانفتاح على كل القوى والشخصيات والفعاليات السياسية الديمقراطية والتقدمية التي تلتقي مع الحملة في أهدافها واستقلاليتها من أجل إسقاط الاستفتاء".

"شرعية زائفة على قرارات جاهزة"

واعتبرت الأحزاب، أن "مشروع الاستفتاء خطير، يعتزم من خلاله الحاكم بأمره (في إشارة للرئيس سعيد) إضفاء شرعية زائفة على قرارات جاهزة".

وقال أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي: "ندعو اليوم إلى مقاطعة الاستفتاء وإسقاطه لأننا نرفض أن تتحول تونس إلى دولة مارقة والعودة إلى مسار العمل بالدستور وتطويعه لأمر الحاكم بأمره"، مشددًا على "رفض العودة إلى مربع الاستفتاء"، معتبرًا أن الرئيس سعيّد "غير مؤهل لأن يقرر بصورة انفرادية مصير تونس وشعبها".

من جهته، قال أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، في المؤتمر نفسه، إن "الاستفتاء مخالف للدستور وللمعايير الدولية ولسيادة الشعب".

وتابع: "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتونس أصبحت مخيفة وسنتصدى لهذا الاستفتاء المهزلة".

وكان سعيد قد أصدر في 25 مايو/ أيار الماضي مرسومًا لدعوة الناخبين إلى التصويت في استفتاء على دستور جديد للبلاد في 25 يوليو/ تموز المقبل، فيما دعت أحزاب معارضة إلى مقاطعته.

وجاء المرسوم بعد 5 أيام من إصدار مرسوم يقضي بتشكيل "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة" مهمتها كتابة دستور جديد للبلاد.

وتعاني تونس أزمة سياسية حادة، منذ 25 يوليو/ تموز الماضي حين بدأ سعيد آنذاك فرض إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.

وترفض عدة قوى سياسية ومدنية في تونس هذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلابا على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحًا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close