الجمعة 3 مايو / مايو 2024

مورد ثمين.. كيف يستخدم الاحتلال المياه أداة للسيطرة على الضفة الغربية؟

مورد ثمين.. كيف يستخدم الاحتلال المياه أداة للسيطرة على الضفة الغربية؟

Changed

تقرير عن سرقة الاحتلال لمياه الفلسطينيين (الصورة: الغارديان)
تُسيطر إسرائيل على حوالي 80% من احتياطيات المياه في الضفة الغربية، بينما تواجه كل من الضفة الغربية وقطاع غزة إجهادًا مائيًا شديدًا وجفافًا.

تعتبر المياه من أغلى الموارد في الأراضي الفلسطينية. غير أنّه في قرى الضفة الغربية المحتلة، تزدهر المزارع التابعة للمستوطنين، بينما لا يملك الفلسطينيون في كثير من الأحيان ما يكفي من المياه للشرب.

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنّ إسرائيل، وخلال العام الماضي، بدأت بضخّ مياه البحر المحلاة من البحر الأبيض المتوسط ​​شمالًا، لتجديد بحيرة طبريا.

غير أنّ الجماعات الحقوقية تؤكد أنّ هذه الأعمال تُلحق الضرر بالفلسطينيين. إذ يُسيطر الاحتلال على حوالي 80% من احتياطيات المياه، بينما تواجه كل من الضفة الغربية وقطاع غزة إجهادًا مائيًا شديدًا وجفافًا.

سلاح فعّال في الاستيطان

نظريًا، في المنطقة "ج" التي تضمّ 60% من أراضي الضفة الغربية التي يُسيطر عليها الاحتلال بالكامل، لا يُمكن لأي شخص يعيش أو يعمل هناك، الاتصال بخطوط أنابيب تابعة لشركة المياه الإسرائيلية دون إثبات ملكية الأرض، أو الحصول على تصريح من القانون المدني الإسرائيلي في المناطق المعروفة باسم "كوجات" (Cogat).

لكن من الناحية العملية، يُعدّ الوصول إلى الموارد المائية سلاحًا فعالًا في عمليات الاستيطان، ما يسمح بازدهار مزارع العنب، وبساتين الزيتون، ومزارع الماشية، ومزارع التمور المملوكة للمستوطنين.

وذكرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية غير الحكومية "بتسيلم"، في تقرير جديد، أنّ الإسرائيليين بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المستوطنات، يستخدمون ثلاثة أضعاف كمية المياه التي يستخدمها فلسطينيو الضفة الغربية.

وفي العديد من الأماكن، يصعب على المزارعين الفلسطينيين زراعة محاصيل خفيفة مثل القمح والعدس والحمص. كما أنّ انخفاض الوصول إلى الأراضي والمياه بسبب التوسّع الاستيطاني يعني أن الزراعة تساهم بنسبة 2.6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.

المناطق "ج" ومنتجات الإسرائيليين

يعيش حوالي 450 ألف مستوطن في ما يُعرف بالمنطقة "ج" منذ بدء الاحتلال عام 1967.

وبشكل عام، ينظر المجتمع الدولي إلى وجودهم على أنه غير قانوني، ويُشكّل عقبة رئيسية أمام السلام، حيث تتزايد ظاهرة عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.

أصبحت مجموعة من المستوطنين غنية من خلال زراعة آلاف الأفدنة من الأراضي المُتنازع عليها، وإنشاء مصانع نبيذ مربحة، وتمور عالية الجودة، وعلامات تجارية لزيت الزيتون للتصدير.

بعد 15 عامًا من التقاضي، تمكّنت عائلة الحاج محمد من استعادة 7 هكتارات (17 فدانًا) في حكم للمحكمة العليا الإسرائيلية عام 2021، وهو حوالي خمس الأراضي التي تُطالب بها.

في فبراير/ شباط من هذا العام، تمّ اقتلاع أشجار زيتون "ميشك أشيا" من جذورها. وزرع محمود وإخوته القمح في أرضهم لأول مرة منذ عقود تكريمًا لوالدهم الذي تُوفي عام 2017، قبل أن يشهد عودة أي من أراضي العائلة.

وقال محمود، وهو يقف وسط الأرض المحروثة حديثًا، إنّ "المستوطنين لا يزالون يقصدون الأراضي، وهدّدوا بقتلي الأسبوع الماضي".

وأضاف: "قرّر الكثير من الناس مغادرة القرية. لكنّني أفعل هذا من أجل والدي وأطفالي".

"ميشك أشيا" والاستيلاء على الأراضي

وتُعتبر شركة "ميشك أشيا"، واحدة من أكبر الشركات الزراعية في المستوطنات اليوم. وتأسّست عام 2003 بالقرب من مستوطنة شيلو، التي تشتهر بشكل خاص بالاستيلاء على الأراضي وعنف المستوطنين.

وقال جمال ديب (55 عامًا)، أحد سكان قريوت المجاورة لجالود التي استولت على أراضيها شركة "مشيك أشيا" والتي تُطالب بها عدة عائلات محلية: "لو كان لدينا المزيد من المياه، لكانت القرية تنمو أكثر من الحبوب والزعتر. لكن في بعض الأحيان في الصيف، ليس لدينا حتى مياه الشرب".

وأضاف: "عائلتي في وضع جيد، لأنّ لدينا صكوكًا ويُمكننا إثبات ملكيتنا لها، لكننا ما زلنا نُكافح منذ عقود. ولا أعتقد أنني سأرى أشجارنا على هذا الجانب من الوادي مرة أخرى".

سيكون نجاح "مشيك أشيا"، والعديد من مؤسسات الاستيطان الإسرائيلية الأخرى، مستحيلًا بدون الحصول على كميات كبيرة بشكل متزايد من المياه التي يحتاجها المزارعون في المناطق المعرّضة للجفاف.

ومع ذلك، على الرغم من وجود خمسة أوامر إخلاء مُعلّقة على بعض الأراضي التي تسيطر عليها الشركة، والتي أيّدتها المحكمة العليا الإسرائيلية، إلا أن العملية بأكملها لا تزال تبدو مرتبطة بإمدادات وكالة المياه الإسرائيلية.

مواقع مؤسسات أعمال المستوطنات اعتبارا من أكتوبر 2022
مواقع مؤسسات أعمال المستوطنات اعتبارا من أكتوبر 2022. القائمة ليست شاملة لأن بعض الشركات لم يتم التحقق منها بعد وتظهر شركات جديدة بانتظام- الغارديان

عام 2017، أي العام الأخير قبل توقّف سلطة المياه عن نشر بيانات تفصيلية عن تخصيصات المياه الزراعية في الضفة الغربية، استقبل "مشيك أشيا" نحو 100 ألف متر مكعب من المياه، أي 274 مترًا مكعّبًا يوميًا (المتر المكعب= ألف ليتر).

يستخدم الفلسطينيون الذين يعيشون في المنطقة "ج"، حوالي 20 ليترًا من المياه يوميًا، أي خمس الحد الأدنى اليومي الذي حدّدته منظمة الصحة العالمية ويبلغ 100 ليتر يوميًا.

وقال درور إتكس، الخبير في بناء المستوطنات الإسرائيلية والبنية التحتية ومؤسس المنظمة غير الحكومية "كيرم نافوت"، إنّ الأمر تكرّر في جميع أنحاء الضفة الغربية.

وتظهر أبحاث المنظمة أنه في عام 2017، خصّصت سلطة المياه 17 ألف متر مكعب للعائلة التي تدير معمل "بساغوت" الشهير للنبيذ بالقرب من رام الله، حيث يوجد أمر هدم ضد فيلا الرئيس التنفيذي ومسبحه. لكن "بساغوت" نفت للصحيفة وجود أي نشاط غير قانوني.

كما ذهب 12 ألف متر مكعب آخر من المياه إلى موظف في "مشيك أشيا" الذي بدأ مزرعة الكروم الخاصة به.

وحصلت مزرعة كبيرة لرعي الأغنام، تعتبر غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي والدولي، على 9 آلاف متر مكعب.

في غضون ذلك، قالت الأمم المتحدة إنّ أكثر من 270 منشأة للمياه والصرف الصحي يستخدمها الفلسطينيون في المنطقة (ج) قد هُدمت في السنوات الخمس الماضية بزعم أن البنية التحتية غير قانونية.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close