أكّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطاب ألقاه أمام الأمم المتحدة اليوم الجمعة، بأن إسرائيل تعرقل عمدًا التقدّم باتجاه التوصل إلى حل الدولتين ولم يعد من الممكن اعتبارها شريكًا يمكن الوثوق به في عملية السلام.
وقال عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: إنّ "إسرائيل التي تتنكر لقرارات الشرعية الدولية قررت ألا تكون شريكًا لنا في عملية السلام"، مضيفًا: "ثقتنا بتحقيق سلام قائم على العدل آخذة بالتراجع بسبب السياسات الاحتلالية الإسرائيلية".
عضوية كاملة بالأمم المتحدة
وجدد طلب بلاده بنيل العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، داعيًا في الوقت ذاته الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى العمل على وضع خطة دولية لإنهاء الاحتلال.
وتابع: "إذا استمرت محاولات عرقلة مساعينا لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه ودولته، وتبني خطوات عملية لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، فسيصبح لزامًا علينا التوجه إلى الجمعية العامة مرةً أخرى لاستفتائها على ما يجب تبنيه من إجراءات قانونية وخطوات سياسية، للوصول إلى تلك الغاية".
"حماية أميركية لإسرائيل"
كما اتهم الرئيس الفلسطيني في معرض حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 77 في نيويورك، بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة "بتقديم الدعم اللامحدود لإسرائيل"، وحمايتها من المساءلة والمحاسبة.
وبناءً عليه، طالب كلا من بريطانيا وأميركا والاحتلال الإسرائيلي، بالاعتراف بمسؤوليتها عن الجرم الكبير "الذي ارتُكِبَ بحق الشعب الفلسطيني والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات التي يُقرها القانون الدولي".
"دولة فصل عنصري"
كذلك، استعرض عباس أمام جمعية الأمم المتحدة وثائق تثبت سن إسرائيل قوانين تكرس نظام الفصل العنصري (أبرتهايد)، وتشكيل مُنظمات إرهابية عنصرية يهودية تمارس الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد عباس أن الاحتلال يوفر الحماية للمنظمات العنصرية، للاعتداء على الفلسطينيين والمناداة بطردهم من ديارهم، حيث يقود مثل هذه المنظمات الإرهابية أعضاء من الكنيست الإسرائيلي.
في هذا السياق، ناشد الرئيس الفلسطيني المجتمع الدولي لوضع هذه المنظمات الإرهابية على قوائم الإرهاب العالمي. ووجه أصابع الاتهام للأمم المتحدة بحماية إسرائيل من العقاب على خرقها للقانون الدولي.
المجازر الإسرائيلية
وأكمل عباس شارحًا أن الاحتلال ارتكب جرائم وحشية بحق الفلسطينيين، عبر تدمير 529 قرية فلسطينية وطرد سُكانها منها خلال حرب 1948 وبعدها.
وأشار إلى تهجير 950 ألف نسمة وهو أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في حينه من بيوتهم، مستشهدًا بسجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).
وسرد أمام الجمعية العام للأمم المتحدة أن إسرائيل ارتكبت أكثر من خمسين مذبحة منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، "والجميع يذكر مجزرة الأطفال في الحرب على غزة العام الماضي والتي أودت بحياة 67 طفلًا".
وتابع أن أكثر من 5 ملايين فلسطيني ما زالوا يقبعون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي منذ 54 عامًا، في حين تستمر إسرائيل بارتكاب انتهاكات جسيمة وتجبر الفلسطينيين على هدم منازلهم بأيديهم أو دفع تكلفة هدمها.
وطالب في هذا الصدد المجتمع الدولي بمحاسبة الاحتلال على ما ارتكبه من جرائم، مؤكدًا لجوء فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية من أجل ذلك.
دعوة لاستئناف محادثات السلام
ورغم رفض عباس بقاء بلاده الطرف الوحيد الملتزم بالاتفاقيات التي وقعت مع إسرائيل عام 1993، رحب الرئيس الفلسطيني بدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد لتنفيذ حل الدولتين، لكنه قال اليوم الجمعة إن الاختبار الحقيقي لمثل هذه الرغبة هو العودة الفورية لطاولة المفاوضات.
وأضاف عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "الاختبار الحقيقي لجدية ومصداقية هذا الموقف، هو جلوس الحكومة الإسرائيلية إلى طاولة المفاوضات فورًا".
ملف الانتخابات
وبالنسبة إلى الانتخابات الداخلية الفلسطينية، لفت عباس إلى أنّ السلطات الفلسطينية جاهزة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لكن الاحتلال الإسرائيلي يمنع ذلك عبر منع المقدسيين من المشاركة بها، مضيفا :"عندما يأمرها البعض بأن تسمح بها سنجري تلك الانتخابات فورًا".