ما تزال صورة الأب التركي مسعود هانسر، الذي يرتدي السترة البرتقالية وهو يمسك بيد ابنته "إرماك" الخارجة من تحت الركام تهز مشاعر العالم ويجري تداولها على نطاق واسع.
فهذه الصورة عكست مشهدًا مؤلمًا يمثل حال المئات الذين فقدوا أحباء في تركيا وسوريا بعد الزلزال الذي ضرب البلدين الإثنين الماضي وخلّف آلاف الضحايا.
يروي آدم ألتان، المصوّر منذ أربعين عامًا، قضى منها خمسة عشر في وكالة "فرانس برس"، تفاصيل المشهد كونه هو من وثقه بكاميرته.
تفاصيل اللقطة
ويقول ألتان إنه كان يعمل أمام مبنى منهار عندما رأى رجلًا جالسًا قرب الأنقاض في كهرمان مرعش، مركز الزلزال الذي أودى بأكثر من 17 ألف شخص في تركيا وحدها.
لم يكن أي فريق إنقاذ قد وصل إلى الموقع، الثلاثاء، غداة وقوع الكارثة، وكان السكان يحاولون إزالة الأنقاض بأنفسهم لإنقاذ أحبائهم.
ظلّ الرجل الذي يرتدي سترة برتقالية ساكنًا وسط الاضطرابات، غير مبال بالمطر والبرد.
لاحظ حينها آدم ألتان أن الرجل الذي يبعد 60 مترًا عنه كان يمسك بيد ممتدة من بين الأنقاض.
بدأ حينها بتصوير المشهد: أب يمسك بيد طفلته الميتة بدون أن يتركها، وسط الأنقاض والدمار
"التقط صورًا لطفلتي"
التقط ألتان الصور بينما راقبه الرجل الذي همس له بصوت مرتجف "التقط صورًا لطفلتي".
مخيمات اللاجئين تنتشر في مدينة #كهرمان_مرعش جراء انهيار منازل عدد كبير من العائلات. مزيد التفاصيل مع مراسلنا 👇#زلزال_سوربا_تركيا pic.twitter.com/oidBSTJ2qM
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 9, 2023
ترك يدها التي لم يرغب في إفلاتها للحظة ليوضح للمصور المكان الذي ترقد فيه ابنته البالغة 15 عامًا، قبل أن يسارع إلى إمساكها مجددًا.
يقول آدم ألتان: "لقد تأثرت كثيرًا في ذلك الوقت. اغرورقت عيناي بالدموع. ظللت أقول لنفسي يا إلهي، هذا ألم لا يطاق".
ثم سأل المصور الرجل عن اسمه واسم ابنته، وأجابه الأب مسعود هانسر: "ابنتي إرماك".
يقول المصور: "تحدث بصعوبة، بصوت منخفض للغاية. كان من الصعب طرح مزيد من الأسئلة عليه فقد طلب السكان من حوله من الناس التزام الصمت حتى يتمكنوا من سماع أصوات الناجين المحتملين المحاصرين تحت الأنقاض".
في تلك اللحظة، اعتقد المصور على الفور أن الصورة تلخّص آلام ضحايا الزلزال، لكنه لم يتخيل التأثير الذي سيكون لها.
انتشرت الصورة في وسائل الإعلام حول العالم وكذلك على الشبكات الاجتماعية حيث تشاركها مئات آلاف المستخدمين المصدومين من آثار الزلزال.
تلقى آدم ألتان آلاف الرسائل من أنحاء العالم تعبّر عن التضامن مع حزن الأب المفجوع.
ويقول "أعتقد أنها صورة سترسخ في ذاكرتي. أخبرني كثيرون أنهم لن ينسوا هذه الصورة أبدًا، وأنا منهم".