الخميس 2 مايو / مايو 2024

وسط التقارب بين أنقرة ونظام دمشق.. ما هي خيارات المعارضة السورية؟

وسط التقارب بين أنقرة ونظام دمشق.. ما هي خيارات المعارضة السورية؟

Changed

فقرة من برنامج "قضايا" تتساءل عن خيارات المعارضة السورية في ظل التقارب بين أنقرة والنظام (الصورة: وسائل التواصل)
بينما دارت التكهنات حول مدى جدية تطبيع العلاقات بين أنقرة والنظام، أعلنت فعاليات شعبية بالشمال السوري احتجاجها على هذا التقارب وعلى أي محاولة لتعويم نظام الأسد.

بعد سلسلة من اللقاءات الرسمية بين مسؤولين أتراك ونظرائهم من النظام السوري برعاية روسية، وجدت المعارضة السورية نفسها عند منعطف فاصل، فإما الانخراط في التطبيع مع النظام الذي حاربوه على مدار العقد الماضي، أو الرفض العلني مع ما قد يعني ذلك من خروج عن عباءة الدولة الحاضنة لهم تركيا.

لكن حتى الآن ما زال الصمت مخيمًا على شخصيات المعارضة وأطرها الرسمية ممثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والهيئات المنبثقة عنه كهيئة التفاوض واللجنة الدستورية.

رفض التطبيع

وشذّ عن هذا الصوت موقف رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى الذي رحب بالتقارب التركي مع النظام السوري، معتبرًا إياه "خطوة مهمة نحو الحل السياسي" في سوريا.

وبينما دارت التكهنات عن مدى جدية تطبيع العلاقات بين أنقرة ونظام دمشق، أعلنت فعاليات شعبية وثورية في الشمال السوري احتجاجها على هذا التقارب وعلى أيّ محاولة لتعويم نظام الأسد.

ولم تتوان الهيئات المدنية الأكثر استقلالاً عن إعلان رفضها لعملية التطبيع، فأصدر المجلس الإسلامي السوري الذي يتخذ من اسطنبول مقرًا له بيانًا أكد فيه أنّ أعضاء المجلس "لن يكونوا شهود زور على تصفية الثورة السورية"، رافضين الصيغ المطروحة للصلح مع النظام.

بدورها، شككت حركة "سوريا الأم" التي يرأسها معاذ الخطيب، في قدرة التطبيع على تحقيق المصالح التركية وحماية أمنها القومي مع نظام احترف تصنيع الأزمات وتصديرها إلى الإقليم ودول الجوار، كما قالت الحركة.

من جهته أيضًا، شكك مجلس سوريا الديمقراطية في عملية التطبيع، ودعا في بيان إلى توحيد قوى الثورة والمعارضة في مواجهة الاستبداد.

وجاء الموقف اللافت من عناصر الجيش الوطني السوري المدعوم تركيًا، إذ عبّر بعض قيادييه عن رفضهم المطلق للتطبيع، مؤكدين أنّ هدفهم إسقاط نظام الأسد لا يسقط بالتقادم.

ومنذ أن مضى الجانب التركي بخطوات عملية نحو التقارب مع النظام السوري، وجدت المعارضة السورية نفسها أمام خيارات صعبة. وتتراوح تلك الخيارات بين التكيف والرفض مع المعادلات الجديدة التي سيفرضها هذا التقارب.

وعلى الرغم من تأكيد الحكومة التركية عدم فرض خياراتها التطبيعية على المعارضة وأنها ستبقى الضامن لها، إلا أنّ الهياكل والأطر الرسمية تجد نفسها مرغمة على التعامل مع تبعات هذا التطبيع.

ومن شأن أيّ اتفاق تركي مع النظام السوري أن يلقي بظلاله على خارطة الصراع ويعيد تعريف العلاقة بين تركيا والنظام عبر سلسلة من التفاهمات المتبادلة والتي يعتقد أنها ستكون على حساب المعارضة وجمهورها في المناطق المحررة.

ولما كان الصمت المخيم على الشخصيات الفاعلة في المؤسسات المعارضة سيد الموقف، حمل الشارع السوري في المناطق الخارجة عن سلطة النظام مهمة الرفض الصريح لهذا التقارب، وذلك عبر المظاهرات والاحتجاجات التي تعبر عن الرأي العام المناهض لأي حل لا يلبي طموحات ثورتهم التي انطلقت عام 2011.

خيارات المعارضة

واقعيًا وبالنظر إلى الاحتضان التركي للمعارضة السياسية والعسكرية فإنّ اكتمال التطبيع سيفرض عليها الانخراط والتكيف مع الأجندة التركية.

وبالتالي فإنّ أقصى ما تجنيه المعارضة سيبقى مرهونًا بالقدر الذي ستحصله المفاوضات في ضوء المصالح الإستراتيجية لتركيا.

احتجاجات في الشمال السوري على التقارب التركي مع النظام
احتجاجات في الشمال السوري على التقارب التركي مع النظام - وسائل التواصل

ويبدو هذا السيناريو حاضرًا في خيارات بعض الشخصيات المعارضة في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة التي أبدت تفهمًا للموقف التركي، إذ يراهن بعض المعارضين على الضمانات التركية وألا يكون التقارب على حسابهم بالمطلق.

في المقابل ينظر قسم من المعارضة إلى هذه الضمانات بعين الريبة، فقد تجد نفسها منفردة في مواجهة النظام وحلوله الأمنية الممعنة في النفي والتصفية.

فإدراك الكثير من المعارضين لهذا السيناريو قد يدفعهم إلى الانسحاب من العمل السياسي في الأطر الحالية على أقل تقدير وبالتالي اضمحلال المعارضة كما استقرت عليه منذ 12 عامًا بانتظار تشكيل هياكل جديدة تلبي أدوات العمل السياسي المعارض للنظام في المستقبل.

"التواصل والتطبيع"

وفي هذا الإطار، يرى رئيس حركة "سوريا الأم" أحمد معاذ الخطيب أنّ الوضع ليس كما يظهر على الإعلام من حيث حجم المأساة التي حلت بالشعب السوري، معتبرًا أنّ هذه المأساة أكبر من أن تحل بمثل هذه الاتصالات مع النظام.

ويوضح الخطيب في حديث إلى "العربي" أنّ هناك فرقًا بين التواصل والتطبيع، مشيرًا إلى أنّ كل الدول تتواصل مع النظام بطريقة أو بأخرى ضمن احتياجاتها ومصالحها، لكن التطبيع "لم يحصل" سابقًا مثلما يعلن عنه الآن لأسباب تعود إلى وجود عوائق كثيرة.

ويقول: إنّ "الشعب السوري الذي يعارض هذا الأمر ليس عبارة عن 50 أو 100 ألف إنسان، بل أكثر من 10 ملايين ولو كانوا يشعرون بالأمان لعادوا بشكل طبيعي إلى بلادهم".

ويضيف الخطيب أن إجبار هؤلاء على العودة ليس بالأمر السهل في ظل وجود ملفات كثيرة عالقة من دون أيّ حل.

وبشأن تصريحات بعض المسؤولين الأتراك بشأن إمكانية انسحاب قوات أنقرة من المناطق السورية، يرى الخطيب أنّ الاتفاقيات شيء والواقع على الأرض شيء آخر، مذكّرًا بمحاولات دول عديدة التدخل لإيجاد حلّ للأزمة منذ اندلاعها وعدم وصولها إلى نتيجة.

ويشدد على أن من أسباب ذلك "تشابك الموضوع بقدر أكبر من استيعاب أية دولة له"، معتبرًا أن معضلة وجود أكثر من 10 ملايين سوري خارج بلدهم "أكبر من أن يستوعب حاليًا".

ويوضح الخطيب أن وجود هؤلاء الناس هو موقف كبير وحاسم وتنبثق عنه ملفات عديدة، لم تستطع أي دولة أن تحلها، مشيرًا إلى أن النظام السوري حتى الآن لم يعط أي بادرة حسنة حول أي موضوع.

وحول مبادرته بتشكيل حكومة انتقالية ليغادر بشار الأسد السلطة، يوضح أنهم يبحثون عن حل وليس عن صراع، مشيرًا إلى أن شعار النظام هو إما أن أقتلكم أو أحميكم، والأسد له كيانه وأفكاره التي يتابع بها المسيرة المتوحشة للنظام.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close