الجمعة 17 مايو / مايو 2024

يمتد على 64 كيلومترًا.. لماذا توقّف الرتل الروسي الضخم على أبواب كييف؟

يمتد على 64 كيلومترًا.. لماذا توقّف الرتل الروسي الضخم على أبواب كييف؟

Changed

ناقش الخبير العسكري اللواء محمد ثلجي سير العمليات العسكرية الروسية تجاه كييف (الصورة: تويتر)
أصبحت القافلة الروسية في الرابع من مارس/ آذار الحالي على بعد 25 كيلومترًا من وسط كييف. لكنّها حتى الآن لم تصل إلى العاصمة.

بعد 11 يومًا من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، لم تتمكن القوات الروسية من دخول العاصمة كييف، رغم ترسانتها العسكرية الضخمة مقارنة بالجيش الأوكراني.

ومن بين تلك الترسانة رتل عسكري ضخم يمتدّ نحو 60 كيلومترًا من مدينة بريبيرسك بالقرب من تشيرنوبيل، وصولًا إلى مطار أنتونوف.

وفي الرابع من مارس/ آذار الحالي، أصبحت القافلة على بعد 25 كيلومترًا من وسط كييف. لكنّها حتى الآن لم تصل إلى العاصمة.

وعزا خبراء عسكريون لمجلة "ايكونوميست" البريطانية، "نهج روسيا المتثاقل" في الحرب حتى الآن إلى النقص في الأمور اللوجستية، حيث تكافح وحدات الوقود والهندسة وغيرها من آليات الإمداد الروسية لمواكبة الخطوط الأمامية، الأمر الذي دفعها إلى ترك بعض المركبات عالقة على الطريق.

وأظهر مقطع فيديو جرارات أوكرانية تسحب بفرح ما قيل إنها آليات تابعة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية والمركبات المدرعة، تمّ التخلي عنها.

مشاكل لوجستية؟

في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أشار أليكس فيرشينين، ضابط سابق بالجيش الأميركي، في تحليل لموقع "وور اون ذا روكز" ( War on the Rocks)، إلى أن الوحدات الروسية أثقل بكثير في المدفعية والدفاعات الجوية من نظيراتها في الناتو؛ ما يجعل الخدمات اللوجستية أكثر صعوبة: الوحدة التي تطلق 4 آلاف قذيفة يوميًا تحتاج إلى 50 شاحنة يوميًا لإعادة تزويدها بالذخائر.

وخلص إلى أن الجيش الروسي لن يكون لديه عدد كافٍ من الشاحنات "لتلبية متطلباته اللوجستية" على بعد أكثر من 90 ميلًا.

من جهته، قال ميك رايان، لواء متقاعد قاد كلية الدفاع الأسترالية، إن "توفير قوة غزو كبيرة في بلد ضخم من شأنه أن يُجهد أي جيش، لكن روسيا لديها المزيد من المشاكل".

وأضاف: "يبدو أن الروس قد ثبّتوا أنفسهم على الطرق، وهذا أدى إلى إبطائهم".

واستشهد رايان بعملية "ماركت غاردن" عام 1944، وهي عملية قام بها الحلفاء تضمّنت الاستيلاء على المعابر فوق نهر الراين في الحرب العالمية الثانية. يومها، أحرزت الفرقة الثلاثون" في الجيش البريطاني تقدمًا شاقًا ومضنيًا على طريق ضيق، ذي أرض وعرة، في مواجهة الهجمات المضادة الألمانية.

وفي هذا الإطار، قال ترينت تلينكو، المدقق السابق لوكالة إدارة عقود الدفاع الأميركية: "قد يكون تكرار روسيا لهذا الخطأ، نتيجة لخلل عسكري أعمق".

وبتحليله مقاطع فيديو لنظام الدفاع الجوي الروسي "Pantsir-s1" الذي علق في الوحل واستولت عليه أوكرانيا. قال تلينكو إن إطارات هذا النظام كانت بحاجة إلى التحرك بشكل دوري لممارسة نظام النفخ وتجنّب تعريض أي جزء لأشعة الشمس المستمرة، لكن ذلك لم يحدث في الحرب على أوكرانيا، وهذا هو سر تثاقله".

فساد مستشري

وقد يعكس عدم قيام القوات الروسية بهذه الصيانة الأساسية الفساد المستشري. ففي عام 2019، قال المدعون العسكريون الروس إن الخسائر الناجمة عن الفساد تجاوزت حوالي 109 ملايين دولار في ذلك الوقت.

وعادة ما تفشل الإطارات المهملة في اختراق الطين، ويجب أن تمرّ على المسارات المرصوفة حتى تتمكن من السير.

وتظهر صور القافلة شاحنات مزدحمة على الطريق، ثلاث منها متجاورة، تمنع أي شيء من المرور. وفي بعض الحالات، أحدث الجنود الروس ثقوبًا في خزانات الوقود لتجنّب استيلاء القوات الأوكرانية على الآليات.

واعتبر المسؤولون الغربيون أن المشكلة الأكبر ليست في أن أوكرانيا فجّرت جسورًا رئيسة، بل في أن الوحدات الروسية لم تكن قادرة على تجاوز الازدحام لبناء جسور جديدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه القافلة الطويلة والمكشوفة "يجب أن تكون هدفًا مثيرًا للضربات الجوية".

وبينما لا تزال القوات الأوكرانية تسيطر على الأجواء، وقد ضربت طائراتها من دون طيار التركية "tb2" القوات الروسية في أجزاء عديدة من البلاد، رجّح الخبراء أن تكون روسيا قد نشرت أنظمة دفاع جوي وأنظمة حرب إلكترونية حول الرتل، مما يجعل من الصعب على الطائرات الأوكرانية الاقتراب.

كما رجّحوا أن تكون القوات الأوكرانية تعتمد سياسة الانتقاء في اختيار الأهداف، على غرار ما قام به الجنود الألمان بمضايقة الرتل البريطاني في عملية "ماركت غاردن".

سيناريوهات الهجوم؟

وشوهدت في مدن بوتشا وهوستوميل، حيث كانت تتمركز مقدمة الرتل العسكري الروسي في الأول من مارس، صور أعداد كبيرة من المدرعات الروسية المدمرة.

وفي الثاني من مارس، زعمت القوات الأوكرانية أنها قامت بتحرير قرية ماكاريف الواقعة إلى الجنوب الغربي من القافلة. وبعد يوم، ورد أنهم شنوا هجومًا مضادًا على إيفانكيف، بالقرب من نهاية القافلة لناحية الشمال.

وقال مسؤولون أميركيون إن القوات الأوكرانية استخدمت صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات لتدمير الدبابات الروسية وإغلاق الطريق. وقُتل ما لا يقل عن ثلاثة قادة روس في أجزاء مختلفة من البلاد بعد أن غامروا بالتقدم إلى الجبهة، محبطين من عدم إحرازهم أي تقدم.

ومع ذلك، اعتبرت الصحيفة أن "الغموض لا يزال يسيطر على هذه الحرب، وربما اختارت روسيا إبطاء حركة القافلة لتتزامن مع تقدّم قواتها في مختلف الجهات نحو كييف".

ورأى الخبير العسكري اللواء محمد ثلجي أنّ القوات الروسية "تتأنّى كثيرًا" في الدخول إلى كييف، ملاحظًا أنّ القتال محتدم على جميع الجبهات في المحور الشمالي، في ظلّ عمليات إنزال وحصار بالجملة.

وعزا ثلجي، في حديث إلى "العربي"، من عمّان، هذا "التأنّي" إلى رغبة روسية في معالجة الأخطاء التي وقعت فيها في بداية الهجوم الروسي.

وتحركت القوات الروسية إلى الغرب من نهر دنيبر بشكل أسرع وأبعد من القوات إلى شرق النهر نتيجة القتال العنيف هناك. وفي جنوب أوكرانيا، كان التقدّم الروسي أسرع، حيث سيطرت القوات الروسية على خيرسون، أول مدينة رئيسة لها في 3 مارس، كما استولت على محطة زابوريجيا للطاقة النووية، الأكبر في أوروبا، في 4 مارس. وتقع المحطة على بعد 85 كيلومترًا فقط من مدينة دنيبرو، وهي نقطة تقاطع رئيسة ونقطة عبور على نهر دنيبر.

واقترح ماتيو بوليغ من معهد "تشاتام هاوس" أنه "إذا كان الهدف هو تطويق كييف استعدادًا للحصار، فقد تنتظر روسيا زخم قواتها لناحية الشرق للحاق بالركب".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة