الخميس 16 مايو / مايو 2024

الاقتصادات الناشئة تدفع لإنهاء هيمنة الدولار.. ما البديل؟

الاقتصادات الناشئة تدفع لإنهاء هيمنة الدولار.. ما البديل؟

Changed

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يهاجم الدولار ويرد على إمكانية إنشاء عملة موحدة جديدة بديلة له (الصورة: أسوشييتد برس)
ينتقد البعض في العالم النامي استعداد أميركا لاستخدام النفوذ العالمي للدولار لفرض عقوبات مالية على خصومها، كما فعلت مع روسيا بعد الحرب على أوكرانيا.

تناقش قمة "بريكس" المقبلة في جوهانسبرغ، رفض العديد من البلدان في دول العالم النامي هيمنة الدولار الأميركي على النظام المالي العالمي.

لكنّ ما لا يُدركه هؤلاء أنّ التعامل مع الدولار أسهل من التخلي الفعلي عنه، كونه العملة الأكثر استخدامًا في الأعمال التجارية العالمية، وقد قلّل من التحديات السابقة لتفوّقه.

وعلى الرغم من الحديث المتكرر عن طرح دول "بريكس" عملتها الخاصة بها، لم تظهر أي مقترحات ملموسة في الفترة التي تسبق القمة التي تنطلق الثلاثاء المقبل. ومع ذلك، ناقشت الاقتصادات الناشئة توسيع التجارة بعملاتها لتقليل اعتمادها على الدولار.

ففي اجتماع لوزراء خارجية "بريكس" في يونيو/ حزيران الماضي، قالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور: إنّ بنك التنمية الجديد في الكتلة سيبحث عن بدائل "للعملات المتداولة دوليًا حاليًا"، وهو تعبير ملطف عن الدولار.

وبدورها، تحرص روسيا والصين على إضعاف النفوذ المالي الدولي للولايات المتحدة.

نظام عالمي جديد

عام 2015، أطلقت دول "بريكس" بنك التنمية الجديد، وهو بديل عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين تُهيمن عليهما الولايات المتحدة وأوروبا.

وقال مارتن سيمبا، الناشط السياسي الأوغندي  لوكالة أسوشييتد برس: إنّ "الدول النامية تتوق إلى التقليل من الهيمنة الغربية، وفتح الباب أمام نظام عالمي جديد يتمتع فيه الشرق بنفوذ مساوٍ، إن لم يكن أكبر".

ينتقد البعض في العالم النامي استعداد أميركا لاستخدام النفوذ العالمي للدولار لفرض عقوبات مالية على خصومها، كما فعلت مع روسيا بعد الحرب على أوكرانيا العام الماضي.

كما يشكون من أنّ التقلّبات في الدولار يمكن أن تزعزع استقرار اقتصاداتهم. فارتفاع الدولار، على سبيل المثال، يُمكن أن يُسبّب الفوضى عن طريق جذب الاستثمارات من البلدان الأخرى. كما أنّه يزيد تكلفة سداد القروض بالدولار، وشراء المنتجات المستوردة والتي غالبًا ما يتمّ تسعيرها بالدولار.

وتذمّر الرئيس الكيني وليام روتو بشأن اعتماد إفريقيا على الدولار والتداعيات الاقتصادية من صعوده وهبوطه، في ظل انخفاض قيمة الشلن الكيني. وحثّ الزعماء الأفارقة على الانضمام إلى نظام دفع حديث لعموم إفريقيا، يستخدم العملات المحلية في محاولة لتشجيع المزيد من التجارة.

وسأل في اجتماع سابق للقمة: "كيف يُشكّل الدولار الأميركي جزءًا من التجارة بين جيبوتي وكينيا؟ لماذا؟".

أما الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا فدعم عملة مشتركة للتجارة داخل كتلة أميركا الجنوبية "ميركوسور" وللتجارة بين دول "بريكس".

وقال للصحافيين هذا الشهر: "لماذا تحتاج البرازيل إلى الدولار للتجارة مع الصين أو الأرجنتين؟"، مضيفًا: "يُمكننا التداول بعملتنا".

بدائل غير واضحة

ولكنّ إذا كانت عيوب الدولار واضحة، فإن البدائل له ليست كذلك.

وقال دانيال برادلو، باحث أول في جامعة بريتوريا ومحامي متخصص في التمويل الدولي لوكالة ـأسوشييتد برس: "في نهاية اليوم، الاحتياطات بالدولار آمنة. كما أنّ الاقتراض يكون بالدولار رغم كل المشاكل المتعلقة بهذا الأمر".

ولكنّه في الوقت نفسه، أكد أنّه "إذا كان هناك بديل، فسيستخدمه الناس".

ووفقًا لحسابات باحثين من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جرى تحرير 96% من فواتير التجارة في الأميركتين بين عامي 1999 و2019 بالدولار، و74% من فواتير التجارة في آسيا، و79% في كل مكان آخر خارج أوروبا.

ومع ذلك، فقد خفّت سيطرة الدولار على التجارة العالمية إلى حد ما في السنوات الأخيرة، حيث تحوّلت البنوك والشركات والمستثمرون إلى اليورو واليوان الصيني.

وقال جيفري فرانكل، الخبير الاقتصادي بجامعة هارفارد في دراسة الشهر الماضي: بعد مرور 24 عامًا على طرح عملة اليورو، لا تزال العملة الثانية في العالم غير قادرة على منافسة الدولار حول العالم، مضيفًا أن الدولار يُستخدم بثلاثة أضعاف عدد معاملات الصرف الأجنبي مثل اليورو.

ناهيك عن أنّ اليوان مُقيّد برفض بكين السماح بتداوله بحرية في الأسواق العالمية.

وفي هذا الإطار، قال ميهايلا بابا، الزميل الأول في كلية فليتشر للشؤون العالمية بجامعة تافتس لوكالة أسوشييتد برس: "لم ينجح أي من بدائل الدولار في الوصول إلى مستوى الهيمنة. لذا فإن فكرة أنه سيكون لديك الآن، بين عشية وضحاها، عملة بريكس جديدة من شأنها أن تُسبّب اضطرابًا كبيرًا، بحيث يستغرق الأمر وقتًا وثقة. لذلك أرى أنّ هذا المسار طويل جدًا".

أنصار الدولار.. تجربة زيمبابوي

ولا يزال للدولار أنصار. ففي الأرجنتين، دعا خافيير ميلي، الذي خرج من الانتخابات التمهيدية كمرشّح أول للرئاسة في الانتخابات العامة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إلى الدولار ليحلّ محل العملة المحلية البيزو.

وفي زيمبابوي، عندما ضرب التضخّم المفرط عام 2008، لم تتمكّن الدولة من إنعاش الأعمال إلا عندما تخلّت عن العملة المحلية، مقابل سلة من العملات التي يُهيمن عليها الدولار.

عام 2019، أعادت الحكومة تقديم العملة الزيمبابوية، وحظرت العملات الأجنبية في المعاملات المحلية. لكنّ الدولار الزيمبابوي ما لبث أن تعثّر، إذ استمرّ تداول الدولار الأميركي في السوق السوداء، ورفعت الحكومة الحظر. والآن، أصبحت 80% من المعاملات في الدولة بالدولار الأميركي.

وغالبًا ما يُناشد وزير المالية مثولي نكوبي الناس لتبنّي العملة المحلية. لكن حتّى موظّفي الحكومة يُطالبون بدفع رواتبهم بالدولار الأميركي، بحجة أنّ جميع مُقدّمي الخدمات تقريبًا لا يقبلون إلا بالعملة الأميركية.

وقال بروسبر شيتامبارا، المحلل الاقتصادي في هراري، لوكالة أسوشييتد برس: إنّ الدولار الأميركي: "مؤشر على الإستقرار. لكن اقتصاد زيمبابوي ذي الصناعات القليلة، والاستثمارات المنخفضة، والصادرات القليلة، مع ديون مرتفعة، لا يمكنه جذب ما يكفي من الدولارات لتلبية احتياجات التجارة اليومية".

وأمام هذا الواقع، يقوم البائعون، في شوارع العاصمة هراري، بإصلاح الأوراق النقدية البالية أو الممزّقة من فئة دولار واحد مقابل رسوم رمزية.

المصادر:
أسوشييتد بس

شارك القصة

تابع القراءة
Close