الخميس 2 مايو / مايو 2024

الحرب على أوكرانيا.. هل تسرّع أوروبا خطط التحول نحو الطاقة المتجددة؟

الحرب على أوكرانيا.. هل تسرّع أوروبا خطط التحول نحو الطاقة المتجددة؟

Changed

تقرير حول الحرب الأوكرانية وتداعياتها على سوق الطاقة بين روسيا والغرب (الصورة: غيتي)
أوجد الاتجاه الجديد نحو مصادر الطاقة النظيفة فرصًا للشركات والمستثمرين الذين يروّجون لحلول الطاقة الخضراء.

دفع الهجوم الروسي على أوكرانيا الدول إلى تسريع خططها للانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، بهدف التقليل من التعرّض لتقلّبات إمدادات النفط والغاز من الناحية الجيوسياسية، بالإضافة إلى تلبية الأهداف المناخية.

وتميل العديد من الدول إلى الوقود الأحفوري، وكانت في سباق لحجز إمدادات كافية من مصادر غير روسية، بما في ذلك المزيد من الفحم، لضمان قدرتها على تدفئة المنازل ومصانع الطاقة ونقل البضائع خلال السنوات القليلة المقبلة.

وقالت لويز كينغهام، رئيسة الأعمال في المملكة المتحدة لشركة النفط العملاقة "بي بي": "يجب أن يكون مسارًا مزدوجًا"، في إشارة إلى العمل على المدى القريب لتوفير إمدادات طاقة تقليدية والعمل مع التحول نحو الطاقة النظيفة بشكل أسرع.

وتتزامن أزمة الطاقة في أوروبا مع التضخّم المستمر، وأزمة سلاسل التوريد العالمية وغيرها من المشاكل المتعلقة بجائحة كوفيد-19، التي هددت بالفعل الاقتصاد العالمي.

وبينما كان القادة الأوروبيون متردّدين في فرض عقوبات على إمدادات الطاقة الروسية التي تعتمد عليها القارة، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين، إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة، مستشهدًا بأدلة على جرائم حرب في أوكرانيا.

وتحدّث بعض المديرين التنفيذيين والمستشارين في مجال الطاقة لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، عن أن الأزمة الحالية توفّر فحصًا واقعيًا متأخرًا بشأن التحدي المتمثل في استبدال الوقود الأحفوري الذي لا يزال العالم يعتمد عليه بشدة، وسيحتاج على الأرجح إلى تلبية الطلب لسنوات مقبلة.

وكتب لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك" العملاقة لإدارة الأصول خلال رسالة سنوية للمساهمين، أن الأحداث الأخيرة ستسرّع في الواقع التحوّل نحو مصادر طاقة نظيفة في أجزاء كثيرة من العالم".

تكاليف ضخمة وباهظة

وتمثل أزمة الطاقة العالمية معضلة للقارة الأوروبية التي تعتمد على إمدادات الطاقة الروسية بنسبة 40%، ولا سيما الغاز الطبيعي الذي يستخدم لتوليد الكهرباء وتدفئة المنازل.

والآن، تخطط الولايات المتحدة لتعزيز شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، للوصول لهدف 50 مليار متر مكعب أو أكثر سنويًا حتى عام 2030 على الأقل، للمساعدة في تلبية طلب القارة المتزايد على الطاقة التقليدية.

وقال باحثون في شركة التأمين الألمانية (Allianz SE) إن فصل أوروبا عن واردات الطاقة الروسية مهمة ضخمة ومكلفة، وقدّروا أن يتطلّب ذلك إنفاقًا سنويًا إضافيًا لا يقل عن 170 مليار يورو (حوالي 187 مليار دولار) على إنتاج الطاقة المتجددة على مدى ست سنوات، أو حوالي 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي للكتلة.

وأثارت الحرب مناشدات من السياسيين ودعاة حماية البيئة الأوروبيين الذين يرون أن الهجوم الروسي على أوكرانيا هو أوضح سبب لوقف استخدام الوقود الأحفوري الذي يدعم حكومة الرئيس فلاديمير بوتين ماليًا.

وقال نائب رئيس الوزراء البلغاري لسياسة المناخ والبيئة بوريسلاف ساندوف، "إنهم لا ينتجون الألواح الشمسية أو توربينات الرياح. بدلًا من ذلك هم ينتجون الوقود الأحفوري، والذي يتعين علينا التخلص التدريجي منه".

حلول الطاقة الخضراء

وأوجد الاتجاه الجديد نحو مصادر الطاقة النظيفة فرصًا جديدة للشركات والمستثمرين الذين يروّجون لحلول الطاقة الخضراء، مثل شركة "فورتسكو فيوتشر اندستريز" الأسترالية.

والأسبوع الماضي، أعلنت الشركة الأسترالية أنها تتعاون مع مجموعة الطاقة الألمانية "إي أون" لتزويد الهيدروجين الأخضر ليحل محل الغاز الروسي، وهو جهد بمليارات الدولارات لتلبية احتياجات الطاقة الأوروبية بالوقود المصنوع باستخدام المياه وطاقة الرياح والطاقة الشمسية الأسترالية.

وفي هذا الإطار، كشف رئيس الشركة الأسترالية الملياردير أندرو فورست أن "ما تبحث عنه العديد من الاقتصادات في جميع أنحاء العالم الآن، هو الإسراع في استبدال الوقود الأحفوري الروسي بالكامل".

وفي آسيا، تركز البلدان بشكل أكبر على الحد من التأثير الاقتصادي لارتفاع أسعار الوقود الأحفوري.

وقال ريو مينامي، نائب المفوض للشؤون الدولية في وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، إن "بلاده لا تزال ملتزمة بالتحوّل إلى الطاقة النظيفة، لكن مع ارتفاع أسعار النفط والمشكلات في أوكرانيا، فإن ثقل الاقتصاد وأمن الطاقة آخذ في الازدياد".

وتتنافس الشركات في اليابان وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى في جميع أنحاء آسيا، الآن، مع الشركات الأوروبية لشراء إمدادات الغاز الطبيعي المسال الأميركية. وبينما تستفيد الهند من تحول الغرب عن موسكو لشراء النفط الروسي بسعر منخفض، يؤكد المسؤولون الصينيون على أهمية ضمان وجود إنتاج محلي كافٍ من وقودها الأساسي، وهو الفحم.

إعادة النظر في مصادر طاقة على وشك التقاعد

كما تعيد العديد من الدول النظر في مصادر الطاقة التي كانت تأمل في تقاعدها لأسباب تتعلق بالسلامة.

في بلجيكا، على سبيل المثال، يخطط المسؤولون الحكوميون لتأجيل الخطط طويلة الأمد لإيقاف تشغيل مفاعلين نوويين من حقبة الثمانينيات بحلول عام 2025. وكانت البلاد تخطط لاستبدال طاقتها الكهربائية بالطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي، لكن المسؤولين قالوا إن عدم اليقين بشأن الإمداد يجعل هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر للغاية.

وفي هولندا، ناقش المسؤولون الحكوميون ما إذا كان سيتم زيادة الإنتاج المخطط له من حقل الغاز الطبيعي المقرر إغلاقه بالكامل تقريبًا هذا العام.

على المدى الطويل، تحدث المسؤولون في جميع أنحاء أوروبا عن حالة من الإلحاح والدعم العام الأكبر للاستثمارات المتجددة. ووصف وزير المالية الألماني مؤخرًا مصادر الطاقة المتجددة بأنها "طاقات الحرية".

في أوائل مارس/ آذار الماضي، اقترحت المفوضية الأوروبية تدابير لمضاعفة كمية الميثان الحيوي المنتج من النفايات الزراعية وغيرها من المصادر، وتقريبًا ثلاثة أضعاف كمية الهيدروجين المستهدفة بحلول عام 2030، لتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي.

وتقترح اللجنة مضاعفة وتيرة نشر المضخات الحرارية والأجهزة الكهربائية التي يمكن أن تحل محل أفران الغاز التقليدية وتسريع التثبيت الواسع لأنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح لتوليد المزيد من الكهرباء من دون الوقود الأحفوري.

لكن محامين ومستثمرين حذّروا من أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية وقضايا سلسلة التوريد زاد من تكلفة مزارع الرياح والطاقة الشمسية، التي تواجه عمليات موافقة تنظيمية مطولة.

وفي مذكرة بحثية حديثة، أشار إريك هيمان، كبير الاقتصاديين في "دويتشه بنك"، إلى نقص القوى العاملة الماهرة والمواد وكذلك معارضة المجتمع لمزارع الرياح، باعتبارها بعض العقبات.

وتخطط المملكة المتحدة لزيادة الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البحرية. وناقش المسؤولون تشجيع المزيد من مزارع الرياح البرية، والتي واجهت في بعض أجزاء البلاد، معارضة عامة وسياسية.

كما تدرس بريطانيا إطالة عمر محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والمقرر إغلاقها في سبتمبر/ أيلول المقبل، بينما لا تزال تعد بإسقاط الفحم للأبد عام 2024.

وقال جيل دوجان، المدير التنفيذي لأوروبا في صندوق الدفاع البيئي: "إن استقرار الطاقة في المستقبل لا يخدمه الحفر المتزايد. ليس من المنطقي بالنسبة للمستثمرين أن يعتقدوا أن المشكلة الحالية في أوكرانيا هي الضوء الأخضر للاستثمار في النفط والغاز".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close