يستمر الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد، حيث تتواصل الاحتجاجات ضد عقد جلسة للبرلمان العراقي الذي جدد الثقة برئيسه محمد الحلبوسي.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني مساء الأربعاء عن ارتفاع حصيلة الإصابات في بغداد إلى 118 من القوات الأمنية العراقية من ضمنهم 4 ضباط و11 مدنيًا، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
تفريق المتظاهرين بالقنابل
من جهته، أفاد مراسل "العربي" بأن قوات الأمن العراقية أطلقت قنابل الغاز باتجاه المتظاهرين لمنعهم من دخول المنطقة الخضراء. وقال: "إن قوات الأمن تقوم بإطلاق القنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين ولا سيما بعد أن استعان المتظاهرون بآلية ثقيلة لإزالة الحواجز الإسمنتية عند بوابة المنطقة الخضراء"، مؤكدًا وقوع إصابات.
كما يستعين المتظاهرون بعربات التكتك لنقل حاويات النفايات بغية بناء ساتر للاحتماء من قنابل قوات الأمن، بحسب مراسل "العربي".
وقالت وكالة الأنباء العراقية إنّ رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي دعا القوى السياسية إلى الجلوس على طاولة واحدة لإيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
وكان البرلمان قد صوّت على تجديد الثقة لرئيسه محمد الحلبوسي ورفض استقالته من منصبه، بينما وافق 13 نائبًا فقط على طلب الحلبوسي الاستقالة.
واحتشد آلاف العراقيين في شوارع العاصمة والبصرة وذي قار وميسان رفضًا لجلسة مجلس النواب التي عقدت للتصويت على استقالة رئيس المجلس الحلبوسي.
وأعرب المتظاهرون عن رفضهم الكامل لاستقالة الحلبوسي، متهمين "الإطار التنسيقي" بحشد النواب لقبول الاستقالة.
عائق دستوري
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد المياحي أنه قبل انسحاب التيار الصدري من البرلمان، كان تحالف "إنقاذ وطن" الكتلة الأكثر عددًا، بعد الدخول في تحالف ثلاثي يسمح لهم بترشيح رئيس وزراء، لكن لا يسمح لهم بانتخاب رئيس للجمهورية.
ويوضح في حديث إلى "العربي" من بغداد، أنّ هذا الأمر يتطلب وجود ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهو الأمر الذي دفع الإطار التنسيقي لتشكيل الثلث المعطّل، معتبرًا أن "هذه هي المشكلة الأساسية".
ويلفت إلى أن العمل السياسي هو "فن الممكن"، مضيفًا: "عندما تكون سياسيًا ماهرًا وتملك الحنكة والذكاء لكنك مقيّد بالمواد الدستورية، يصبح الذكاء والحنكة دون قيمة".
ويشير إلى أن القوى الشيعية قيّدت بالمادة 70، فرئيس الجمهورية يجب أن يكون من الأكراد. وأضاف: "يجب أن يكون هناك توافق بين الحزبين الكرديين ثم مع الأحزاب الكردية الصغيرة ومن ثم يأتوا مجتمعين إلى بغداد وهو ما لم يحصل".
ويعتبر المياحي أنه لتفادي حرب أهلية يجب أن "نعيد صياغة المواد الدستورية الثلاث ونضع لها حلولًا منطقية".
كما رأى المحلل السياسي أنه لا يوجد خاسر أو رابح في العمل السياسي، وبالتالي على القوى السياسية بما في ذلك التيار الصدري استغلال الفرصة التاريخية لتشكيل الحكومة.
قصف صاروخي
وتعرضت المنطقة الخضراء للقصف بصواريخ كاتيوشا مرتين خلال ساعات قليلة من اليوم، وأدّت هذه الصواريخ التي سقطت في محيط مجلس النواب إلى إصابة ضابط وثلاثة عناصر من قوى الأمن بجروح مختلفة ومتفاوتة، بحسب خلية الإعلام الأمني.
ومن جهته، دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي القوى السياسية إلى "الجلوس على طاولة واحدة لإيجاد مخرج للأزمة"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
وتتوالى فصول الأزمة السياسية في العراق منذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021 التشريعية، فلم تتوصل التيارات السياسية الكبرى إلى اتفاق لتسمية رئيس الوزراء المقبل وآلية تعيينه.
ويبرز الانقسام بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي يطالب بحل فوري لمجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من جهة،وبين الإطار التنسيقي الذي يضم فصائل شيعية موالية لإيران. والذي يسعى لتشكيل حكومة قبل إجراء انتخابات.
وشهد يوليو/ تموز الفائت جلسة البرلمان الأخيرة تلاها اقتحام أنصار الصدر مجلس النواب بعد أيام قليلة، ثم اعتصموا في حدائقه لمدة شهر.
وقد وقعت اشتباكات بين مناصري الصدر وعناصر من الجيش والحشد الشعبي في أواخر أغسطس/ آب الفائت. وبحسب وكالة "فرانس برس"، فقد قضى أكثر من ثلاثين من مناصري التيار الصدري في تلك الاشتباكات.